ياسر عمر سندي

الاغتراب التعليمي

الأربعاء - 01 سبتمبر 2021

Wed - 01 Sep 2021

عدنا والعود أحمد. لأكثر من سنة ونصف السنة أثرت جائحة كورونا على جميع المناشط المجتمعية للأفراد محليا وإقليميا وعالميا، وبطبيعة الحال المملكة العربية السعودية أحد المتأثرين بهذه الجائحة لولا لطف القدير سبحانه وتعالى ومن ثم التقدير المسبق بالاستراتيجية التي وضعتها لإنقاذ البلاد والعباد وإحدى هذه الاستراتيجيات هي خطط العملية التعليمية أثناء الوباء والتي تمت صياغتها بعمل دؤوب وجهد مشكور باستشراف قصير ومتوسط وطويل المدى من قبل وزارة التعليم بدعم سخي وبتوجيه كريم لرعاية أبنائنا الطلاب في جميع المراحل التعليمية والعمرية المختلفة، حفاظا عليهم من تحورات فيروس كورونا المستجد.

في رأيي الخاص أن جميع تلك الأحداث التي وقعت خلال فترة الانعزال الكوروني من بروتوكولات الاحترازات الصحية والمجتمعية مثل الحظر وتعطيل الأعمال ووقف الدراسة والتباعد وعدم الاختلاط أدى إلى حدوث ما أسميه بالغربة النفسية والمكانية لمثلث العملية التعليمية التي ترتكز على الطالب والمعلم والأسرة، الأمر الذي يتطلب عودة الحياة لطبيعتها بصياغة استراتيجية داعمة لتحقيق الألفة والانسجام للمثلث لتقليص الفجوة وإعادة التقارب النفسي والمكاني والمهني لتأدية المهمة البشرية والرسالة الإنسانية على أكمل وجه.

صحيح أن العملية التعليمية لم تتوقف ولله الحمد إحقاقا لمبدأ ما لا يدرك كله لا يترك جله بتطبيق نظام التعليم الافتراضي الذي أدى الدور المنوط به تقنيا بتوفير المعلومة لترجمة قدسية العلم وأهميته.

لكن فقد التواصل الجسدي زمانيا ومكانيا أدى إلى حدوث ذلك الاغتراب النفسي وأثر على العملية التعليمية بين المعلم والطالب والأسرة لفترة طويلة بالبعد عن أماكن التعلم الواقعي، سواء كانت مدرسة أو معهدا أو كلية أو جامعة، وكذلك الانقطاع عن أيام وساعات الدراسة الضابطة التي تحدد فترات الحضور والانصراف من الحرم التعليمي، بالإضافة إلى تجمد الشعور الكامن بين الطالب والمعلم من حيث امتلاك المعلومة والمعرفة الواقعية والاستفسار المباشر ومسؤولية المعلم تجاه طلابه بوصولهم إلى مرحلة التشبع العلمي والمعرفي المتوقع نظريا وتطبيقيا وانعدام الاتصال البصري لتقييم الطلاب والمعلمين لإعطاء كل ذي حق حقه من الدرجات الدراسية والأداء العملي وتحقيق مبدأ التعامل الموقفي بمراعاة الفروق الفردية للطلاب الذي يستلزم الوجود ضمن الفصول الدراسية وقاعات المحاضرات والمعامل التحضيرية وكذلك افتقاد الأسر إلى الانضباطية التي تحدثها المدارس والدراسة بصفة عامة من حيث تحديد أوقات النوم والاستيقاظ والخروج والدخول ورسم خارطة سنوية تعمل على تنميط السلوك الطلابي وإشعارهم بالتربية التعليمية الموازية للتربية الوالدية.

مع بداية العام الدراسي الجديد يحتاج مثلث العملية التعليمية إلى إعادة بناء الولاء المكاني والارتباط النفسي برسم استراتيجية كمبادرة تبدأ بها إدارات التعليم في كل منطقة لتعميمها على إدارات المدارس التابعة في كل مدينة لرفع جهوزية المعلمين والمعلمات لتنفيذ تلك الاستراتيجية لأنهم خط المواجهة الأول ومن يحملون رسالة الأنبياء العظيمة باحتواء الطلاب وتطمينهم والصبر عليهم لتحقيق الاندماج والتأقلم النفسي والمكاني للمدارس التي اختلفت عليهم كليا بتباعد المقاعد وانغلاق الكافتيريات التي كانت تجمعهم في أوقات الراحة والفسح، ناهيك عن رهبة المصافحة والاقتراب العشوائي وضرورة التعقيم المستمر.

دور الأسرة مهم جدا أيضا بتقديم الدعم المعنوي والمادي للطلاب والمعلمين بتهيئة الظروف المواتية لإعادة بناء جسور التعاون بينهم وبين المعلمين والمعلمات، خصوصا في المراحل الأولية والابتدائية والمتوسطة ومنح الثقة للطلاب في الثانوية العامة بالمتابعة المستدامة والتواصل المباشر المستمر والإبلاغ الفوري إن وجدت حالات لطلاب معينين يحتاجون إلى التركيز أكثر لتحقيق الدعم الثلاثي والتكامل المدمج للتخفيف من وطأة هذا الاغتراب الحاصل بالاقتراب الشامل.

@Yos123Omar