رجل خجول يلوي أعناق العالم

زعيم طالبان يستعد لتسلم سلطة إمارة أفغانستان ويصبح حديث المعمورة
زعيم طالبان يستعد لتسلم سلطة إمارة أفغانستان ويصبح حديث المعمورة

الثلاثاء - 17 أغسطس 2021

Tue - 17 Aug 2021

تتجه الأنظار نحو رجل الدين الخجول الملا هبة الله أخوند زاده زعيم طالبان الذي لوى أعناق العالم على مدار الأيام الماضية، ونجح في أن يكسر كل الاحتمالات التي طرحها المحللون والمراقبون، ويتجاوز سقف توقعات الاستخبارات الأمريكية.

أصبح زاده الذي يتزعم الحركة منذ 5 سنوات مصدر اهتمام وكالات الأنباء وفضائيات العالم، رغم صوره النادرة وظهوره البسيط، وأصبح واحدا من أهم الشخصيات التي يجري البحث عنها عبر محرك قوقل، ولا سيما أن مصير 40 مليون أفغاني يتوقف على قراراته، كما ينشغل العالم كله بتحركاته التي دفعت الجيش الأفغاني للانهيار في غضون أيام قليلة.

وفيما يستحوذ هبة الله أخوند زاده على الاهتمام، تشير التوقعات إلى ثلاثة مرشحين آخرين ربما يصعد أحدهم للسلطة خلال الأيام المقبلة، أولهم عبد الغني برادر القائد العسكري للحركة، وسراج الدين حقاني أحد أقوى القادة، ويعقوب محمد عمر ابن الزعيم السابق لطالبان والذي يتمتع بنفوذ كبير.

رجل خجول

وصفت صحيفة تلغراف البريطانية زعيم حركة طالبان بـ(الرجل الخجول)، ونشرت تحقيقا تضمن معلومات وأسئلة عن رؤية الرجل الذي قد يرسم مستقبل أفغانستان. وكتب كولين فريمان عن الدور المنتظر لزعيم حركة طالبان هبة الله أخوند زاده قائلا «لا يظهر إلا في صورة واحدة، لا يحبذ الظهور في مقاطع الفيديو الدموية أو استعراض السلاح بتهور، كما يفعل آخرون من الزعماء المتشددين».

ورجح أن تصبح صورة رجل الدين الخجول مألوفة على مستوى العالم، بعد انتهاء 20 عاما من الوجود العسكري الغربي في أفغانستان، وأن يشكل هبة الله مستقبل أرض يسكنها نحو 40 مليون نسمة.

وفسر الكاتب بيان أخوند زاده الأسبوع الماضي، الذي قال فيه إنه يريد تسوية للصراع الأفغاني، على أنه تلميح لاستعداده تسلم السلطة، وتابع متسائلا «من هو هبة الله أخوند زاده وما هي رؤيته لأفغانستان؟ مضيفا أن المتخصصين الأفغان المطلعين يواجهون صعوبة بالغة في الإجابة على هذا السؤال».

وأضاف الكاتب أن أخوند زاده كالملا عمر، زعيم الحركة السابق، يصدر بيانات وقرارات مكتوبة من حين إلى آخر، ولا يظهر إلا نادرا خوفا من الاغتيال.

الشبح والأسطورة

ونقل عن مسؤول أمني رفيع وصفه هبة الله بـ»الشبح»، بينما ينظر إليه بعض السكان كأسطورة.

ونشر الكاتب بعض المعلومات القليلة المسجلة عن سيرة زعيم حركة طالبان المولود في مدينة قندهار، والذي انضم إلى الحركة في 1994، العام الذي شهد تأسيسها، ثم تولى قيادتها عام 2016 بعد اغتيال الملا أختر محمد منصور، عقب تعيينه في هذا المنصب من قبل مجلس شورى الحركة.

وذكر فريمان أن زعيم طالبان الحالي كان ضمن الحلقة المقربة من الملا عمر عام 2001، عند اجتياح القوات الأمريكية لأفغانستان. وأن طالبان تزعم نجاته من محاولة اغتيال عام 2012.

ويقال إن أخوند زاده قاتل ضد القوات السوفيتية وقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في أفغانستان، وعمل رئيسا لمحكمة عسكرية في كابول تحت حكم مؤسس طالبان وزعيمها الروحي الراحل الملا عمر.

قصة صعود

ولم تكن عملية صعود الملا هبة الله أخوند زاده، لأعلى منصب في حركة «طالبان» الأفغانية، أمرا متوقعا، رغم أنه أحد الأعضاء المؤسسين للحركة، وكان مساعدا مقربا لمؤسسها الملا محمد عمر.

كان الرجل مهتما بالمسائل القضائية والدينية أكثر من فن الحرب، حتى اغتيال سلفه أختر محمد منصور الذي قتل بغارة لطائرة أمريكية مسيرة في باكستان، في 22 مايو 2016، وبعدها بثلاثة أيام تسلم قيادة الحركة في انتقال سريع للسلطة.

وبحسب وكالة «فرانس برس»، يتمتع هبة الله أخوند زاده بنفوذ كبير بعد أن قاد الجهاز القضائي فيها، وتنقل في الوقت نفسه عن محللين تأكيدهم بأن وجود زاده على رأس «طالبان» سيكون رمزيا أكثر منه عمليا.

ورغم هذه الرؤية ترى الوكالة أن زاده تمكن من تحقيق وحدة الجماعة، التي مزقها صراع عنيف على السلطة بعد وفاة الملا منصور، وكان يميل إلى التحفظ مكتفيا ببث رسائل سنوية نادرة في الأعياد الإسلامية.

أمير طالبان

وكان أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة أول من بايع زاده فور توليه زعامة طالبان، ولقبه بـ»أمير المؤمنين»، وهو الأمر الذي ساعد زاده على إثبات مصداقيته في أوساط القاعدة.

وأفاد تلفزيون «شمشاد» الأفغاني المملوك للقطاع الخاص في سبتمبر من عام 2016، أن مجموعة عسكرية منشقة بقيادة مولوي نقيب الله هونر، أعلنت الجهاد ضد طالبان بعد تعيين أخوند زاده زعيما لها، متهمة إياه بتولي هذا المنصب بأمر من المخابرات الباكستانية، وفي 24 مارس 2017 نشر تنظيم «داعش» الإرهابي مقطعا مصورا دعائيا بعنوان «على أبواب المعارك الملحمية» وصف فيه أخوند زاده بـ»طاغية طالبان».

ورغم مبايعة «القاعدة» لزاده، وقعت إدارة الرئيس الأمريكي، السابق، دونالد ترمب، وحركة «طالبان»، تحت قيادة أخوند زاده، اتفاقا «تاريخيا» في العاصمة القطرية الدوحة، في فبراير 2020، من ضمن بنوده انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان خلال 14 شهرا، في مقابل التزام «طالبان» بعدم السماح للقاعدة أو أي جماعة متطرفة أخرى بالعمل في المناطق التي يسيطرون عليها.

انتصار تاريخي

وافقت أمريكا في اتفاقها مع طالبان على رفع العقوبات المفروضة على «طالبان» والعمل مع الأمم المتحدة على رفع العقوبات المنفصلة ضد الحركة، وخفض عدد قواتها في البلاد من حوالي 12 ألفا إلى 8600، وإغلاق عدد من القواعد، ووصف أخوند زاده الاتفاق بأنه «انتصار كبير» للجماعة.

وقبل هذا الاتفاق «التاريخي» وتحت قيادة أخوند، أيضا، وافقت حركة «طالبان» في 9 يونيو 2018، على وقف موقت لإطلاق النار مع الحكومة الأفغانية، بعد إعلان الرئيس الأفغاني أشرف غني في وقت سابق عن وقف إطلاق النار مع الجماعة المسلحة.

منافسو زاده

ورغم أن زاده يعتبر أبرز المرشحين لرئاسة إمارة أفغانستان الجديدة، إلا أن بعض المحللين يرون أن الأيام المقبلة قد تشهد مفاجآت، إذا يرى بعضهم أن هناك ثلاث شخصيات أخرى ستكون على نفس الدرجة من الأهمية، وهم عبد الغني برادر، وسراج الدين حقاني، ويعقوب محمد عمر.

ويصف المحلل السياسي الأفغاني أتو محمدي نور دخول حركة طالبان إلى العاصمة كابول بـ»المؤامرة «، التي أدت أيضا إلى سقوط أجزاء كبيرة من البلاد تحت سيطرة الحركة، وأضاف «القوات الحكومية كانت تقاوم عناصر حركة طالبان، لكن تم تسليم جميع المعدات الخاصة بقوات الدفاع والأمن الأفغانية إلى الحركة».

ومنذ 1 مايو 2021 صعدت طالبان عملياتها العسكرية ضد القوات الحكومية وسيطرت على مساحات شاسعة من أفغانستان. وفي 15 أغسطس 2021 فرضت الحركة سيطرة كاملة على العاصمة كابول بعد نحو 20 عاما من دحر القوات الأمريكية لها.

زعيم طالبان.. من يكون؟

l هبة الله أخوند زاده (54 عاما).

l مواليد 19 أكتوبر 1967.

l يعود إلى منطقة باجواي في ولاية قندهار بأفغانستان.

l ينتمي لقبيلة نورزاي القوية في قندهار.

l عمل مع الملا محمد عمر منذ 1996م.

l لعب دورا في استعادة القانون والنظام في حكومة طالبان الأولى.

l كان قياديا فاعلا في إحياء التنظيم بعد الغزو الأمريكي.

l عين في 30 يوليو 2005 نائبا لزعيم الجماعة الجديد.

l تولى زعامة الجماعة في 2016.

4 يتنافسون على رئاسة إمارة طالبان:

الملا هبة الله أخوند زاده

المرشح الأول لتولي رئاسة أفغانستان

الزعيم الحالي للحركة، تولى قيادة حركة طالبان عقب وفاة أختر محمد منصور، الذي قتل في غارة لطائرة أمريكية في باكستان.

عبدالغني برادر

المرشح الثاني

كان القائد العسكري لحركة طالبان، قبل أن يعتقل في عام 2010 بمدينة كراتشي الباكستانية، وتم إطلاق سراحه في عام 2018 بضغط من الولايات المتحدة.

العقل الدبلوماسي للحركة، قاد المفاوضات مع واشنطن التي انسحبت على إثرها القوات الأجنبية من أفغانستان، ثم محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية التي باءت بالفشل.

سراج الدين حقاني

المرشح الثالث

زعيم شبكة حقاني التي نسبت إليها أعنف الهجمات في أفغانستان خلال السنوات الأخيرة.

وتعد شبكة حقاني التي تصنفها الولايات المتحدة إرهابية، من أخطر الفصائل التي قاتلت القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان.

يعقوب محمد عمر

المرشح الرابع

رئيس اللجنة العسكرية في الحركة، يتمتع بنفوذ كبير نظرا لارتباطه بوالده الملا محمد عمر، الذي كان مسلحو الحركة يبجلونه كزعيم لهم.