معراج الندوي

الإيمان نور على جبين الإنسانية

الخميس - 05 أغسطس 2021

Thu - 05 Aug 2021

اليوم تمتلك الإنسانية مالا طائلا وعلما واسعا ووسائل كثيرة، ولكنها تفلس في إكسير الحياة، وأصبحت جسدا ميتا تحمل الحياة على أكتافها، والإنسان المعاصر، لا يؤمن إلا بالمادة والقوة، ولا يعنى إلا بذاته وشهواته، ويبالغ في تقدير هذه الحياة، ويسرف في عبادة الذات وإرضاء هذه الشهوات.

الإيمان يمنح الحياة معانيها ويحببها إلى الخلائق الساعية فيها، والجارية كالأمواج في تيار المصير. تتمسك الحياة بالإيمان وتتجسم صورتها في مفرداته وعناصره المتراكمة في أعماقها، والفاعلة فيها أثناء مروقها بواقعها الزماني والمكاني، وعندما تستحضر ينابيع الإيمان ومشاعل اليقين، فالحياة تمتلك قدرات الانتصار على الموت، وتواصل مسيرتها المظفرة بالعطاء النبيل.

يسهم الإيمان في تقوية القدرات المناعية والدفاعية في الأبدان، ويولد طاقة فعالة للقضاء على نشاطات الخلايا السرطانية والحد من جنونها، لكنه على ما يبدو في حالات متنوعة يكون له دور واضح في تأمين آليات الشفاء والانتصار على أخبث الآفات التي تصيب البشر.

الإيمان يبث المشاعر الإيجابية، ويؤهل النفس للمجابهة والتحدي والتواصل مع الحياة. هذا هو الإيمان المنبعث المتحرك إلى من يستحقه بما فطر عليه من معاني الحسن والإحسان، ومعجزات الجمال والكمال.

والإيمان لا يرتع إلا في قلب إنسان تنبض مشاعره بالحب والصدق والإخلاص، فكلما توافرت هذه المعطيات بعيدا عن كل الشوائب التي قد تعيق أو تؤثر على هذه العناصر أو بعضها، استطاع المجتمع أن ينهض ويتطور ويحقق التقدم المنشود.

الإيمان يحفظ كرامة الإنسان، ويحث على التعاون كمظهر من مظاهر الترابط والتوحد، كما يعمل على التواصي بالحق والصبر، وهو مظهر من مظاهر احترام الإنسان لأخيه الإنسان وتقديره. وإن مثل هذه القيم التي حث عليها دين الإسلام هي قيم سابقة عن الإيمان، بل هي شرط أساسي من شروط تحقق الإيمان.

الإيمان طاقة نفسية ذات تأثيرات روحية فائقة التعبير عن القدرات الخارقة، وكل مخلوق يمر بأزمات حرجة قد يواجه فيها مصيره المحتوم، وفي أثنائها لابد أن يتدرع بالإيمان ويستحضر عناصره، ويتفاعل مع آلياته المعززة للروح والمؤازرة للنفس، فتتوفر عنده طاقة المقاومة والتحدي والإصرار على ديمومة الحياة.

الإيمان هو العمود الفقري للوجود الحي، فبدون قوة الإيمان تنتفي مسيرة الحياة، وتتعطل إرادة الوجود الفاعلة في الكينونات الترابية الساعية فوق التراب.

والحياة بجوهرها لا تستقيم إذا تجرّدت من الإيمان؛ فالإيمان ضرورة جوهرية وحاجة حتمية، يتوجب على المخلوق العاقل التمسك بها والبحث عنها، والتفاعل بها لتوطيد أركان صيرورته الإنسانية.

يشكل الإيمان المنبع الأغزر لمعنى وجود الإنسان ولحياته ومصيره وأمله بالخلود، الإيمان يرد إلى الإنسانية كرامتها واعتبارها، تتجلى فيه النعمة العظمى التي فازت بها الإنسانية. الإيمان ليس بضاعة رخيصة، بل هو نعمة من نعم الله تعالى، وغرة ناصعة بشرية، وهو نور على جبين الإنسانية.

[email protected]