سالم العنزي

السعودية والحرب السيبرانية

الخميس - 08 يوليو 2021

Thu - 08 Jul 2021

لم تكن بداية هذا الأسبوع عادية ولا روتينية للمئات وربما الآلاف من الشركات حول العالم؛ فقد نفذت العصابة الروسية (REvil) هجوما الكترونيا تسبب في توقف العمل والخدمات لعديد من الشركات حول العالم؛ فقد تأثر عدد من السكك الحديدية وسلسلة صيدليات ومئات من المحلات التجارية حول العالم بسبب هذا الهجوم الالكتروني؛ فقد استطاعت العصابة الروسية من الوصول إلى ثغره في نظام التحديث الخاص بإحدى شركات تقنية المعلومات والتي تقدم خدماتها إلى آلاف الشركات حول العالم، ومن خلال «نظام الاتصال الموثوق» بين مقدم الخدمة وباقي الشركات حول العالم تم الوصول إلى معلومات هذه الشركات وتشفيرها مما تسبب في إيقافها عن العمل، وبسبب هذا الهجوم قال الرئيس الأمريكي جو بايدن «لسنا متأكدين من يقف وراء الهجوم، كنا نعتقد أن الحكومة الروسية غير مسؤولة، ولكننا لسنا متأكدين بعد».

على مدى السنوات القليلة الماضية، تصاعدت التوترات بين روسيا والولايات المتحدة (ليس من الناحية العسكرية التقليدية) ولكن في الفضاء الالكتروني، وقد بلغت القضية ذروتها في قمة جنيف الشهر الماضي، عندما هدد الرئيس الأمريكي جو بايدن بالانتقام من الهجمات الالكترونية التي يزعم أنها مدعومة من روسيا على أهداف أمريكية، وقد بدأت هذه المواجهة بالظهور ولفتت انتباه العالم عام 2016 عندما أفادت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) أن روسيا أثرت بشكل مباشر على نتيجة الانتخابات الرئاسية، مما تسبب في نجاح دونالد ترمب من خلال اختراق وتسريب 60 ألف رسالة بريد الكتروني من الحساب الخاص لمدير حملة هيلاري كلينتون، ومن ثم تلتها العديد من الهجمات ولكن كان أكبرها عام 2020 عندما تسبب اختراق شركة تكنولوجيا المعلومات SolarWinds في تهديد أمني عالي المستوى لمجموعات من الكيانات الحكومية والصناعية الأمريكية بما فيها البنتاجون ووزارة الأمن الداخلي.

والهجمات الالكترونية لم تأت من روسيا وحدها؛ فالولايات المتحدة معروفة بقدراتها الهجومية الالكترونية، وربما تكون شاركت في العديد من الهجمات الالكترونية وكان أشهرها هجوم ستوكسنت عام 2010 على برنامج إيران النووي، وفي عام 2015، نجحت القيادة الالكترونية الأمريكية ووكالة الأمن القومي في اختراق أعضاء رئيسيين في تنظيم داعش، وكذلك كشفت تسريبات ويكيليكس في العام الذي يليه أن وكالة المخابرات المركزية طورت مجموعة قوية وفعالة من أدوات القرصنة والهجمات الالكترونية.

الحرب السيبرانية أصبحت واقعا اليوم، لم تعد الحروب كما كانت حيث البندقية والرشاش هي عوامل الانتصار في الحروب، بل أصبحت الكفاءة في الأمن السيبراني والقدرات التقنية هي من تحدد من ينتصر ومن يخسر، أصبحت المعارك تدار عن بعد، وقد لا تكون هجمات مباشرة القصد منها ضرر الطرف الآخر، بل قد يكون الهدف منها التلاعب بقناعات الشعوب أو تغيير توجهاتهم. السؤال الأهم هو أين تقع المملكة في الفضاء السيبراني؟ وكيف هي استعداداتنا في حال حدوث هجمات موجهة إلى منشآت أو جهات حكومية؟

الأسبوع الماضي فقط أعلنت وكالة الأمم المتحدة المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات «الاتحاد الدولي للاتصالات» عن نتائج المؤشر العالمي للأمن السيبراني، حيث حصلت السعودية على المركز الثاني من بين 193 دولة، والأول على الوطن العربي والشرق الأوسط وقارة آسيا في المؤشر العالمي للأمن السيبراني، هذا النجاح لمنظومة الأمن السيبراني في السعودية هو بداية الطريق وليس النهاية، لا يجب أن نركن لهذا النجاح ونعتمد على ما تم تحقيقه. بل يجب علينا مضاعفة الجهود للوصول إلى فضاء سيبراني آمن وموثوق يمكننا من النمو والازدهار بدون مخاوف تقنية.

SMAlanzi@