عاصم الطخيس

المسلسل الأيسلندي Katla وبناء العالم

الثلاثاء - 22 يونيو 2021

Tue - 22 Jun 2021

تعتبر دولة أيسلندا من الدول الأوروبية الهادئة بطبعها وطبيعة شعبها، ولكنها كذلك معروفة ببراكينها التي تثور فجأة بين حين وآخر وتسبب تبعات جوية عالمية قد تصل لمنع وإيقاف السفر كما حصل في عام 2010 عندما ثار بركان «Eyjafjallajökull» في أيسلندا.

كما أن أيسلندا معروفة بقصصها الفلكلورية المرتبطة بهذه التغيرات المناخية والأرضية من براكين وغيرها، لذلك كان فحوى مسلسل كاتلا «Katla» هو التركيز على الربط ما بين ثوران البراكين والنتائج الحاصلة منها، وكيف أثرت على سكان المنطقة. تدور القصة أنه بعد سنة من ثوران البراكين القريبة من منطقة فيك «Vik» والتي هجرها أغلبهم إلا عدد قليل يقومون بدراسة وكتابة التقارير الجوية، تبدأ مخلوقات بشرية بالظهور وهي مغطاة بمادة مشابهة للبترول تغطي جسدهم، وهم نسخة مطابقة لعدد من سكان المدينة الصغيرة؛ فكيف ذلك.

المسلسل منذ اللحظة الأولى يخطف الأبصار على الرغم من كون الألوان المستخدمة قاتمة لتعطي شعور الوحدة في هذه المنطقة التي أصبحت منعزلة عن جميع المناطق الأخرى، لذلك كان بناء العالم مهما في هذا المسلسل وكان التركيز عليه واستغلاله بأي طريقة ممكنة لإظهار هذا الجانب.

الرياح الشديدة التي تأتي بمخلفات البراكين من سموم ورماد أعطى المنظر والمشهد شعورا آخر بالخطر الدائم الذي يعيشه أهل هذه المدينة. السيارات المهجورة والمحطمة والمياه التي تغير لونها للبني واعتمادهم على المواد التي تأتي من المدن الأخرى حتى أعلاف الحيوانات يعطيك جزءا من عدم قدرتهم على زراعة الأرض كما كان سابقا، وهي عوامل أخرى لبناء العالم لإضفاء طبقة أخرى من المعاناة والوضع الذي يعيشه أهل المدينة. كيف لمدينة أن تعيش بدون سكانها، فعدد السكان محدود جدا، بل لا يتجاوزون العشرين شخصا وجميعهم يعرفون بعضهم بعضا، وهو ما يجعل هذا المجتمع الصغير ضعيفا أمام أي تغير يأتي ومن ذلك البشر المستنسخون.

المسلسل يتكون من 8 حلقات بواقع 50 دقيقة للحلقة الواحدة، وهي حلقات متصلة. بالرغم من كون المسلسل يجذب اهتمامك وانتباهك في اللحظات الأولى، إلا أنه يأخذ وقتا طويلا لنصل لمعرفة السبب في ظهور هذه الشخصيات البشرية المشابهة لبعض من مات وبعض من كان يعيش في المدينة قبل 20 عاما، فنحن لا نعرف ذلك إلا في نهاية الحلقة السادسة، ونعرف أكثر في الحلقة السابعة. هذا التأخير في المعلومة يؤثر في متابعة المشاهد للمسلسل، وهنا أراد كاتب السيناريو تأخير عرض هذه المعلومة لزيادة الغموض والتخمينات. قد تكون طبيعة المسلسلات الأيسلندية وأفلامها تأخذ هذا الطابع في أخذ الوقت الكافي للإدلاء بالمعلومة، لكن لو عرضت في الحلقة الرابعة كان سيجعل ذلك المشاهد أكثر ترقبا لما سيحصل. كان التركيز على القصص الفرعية أكثر من القصة الرئيسية في أحيان كثيرة، وكذلك تطور الشخصيات بالكاد كان ملاحظا إلا في شخصيتين أو ثلاث فقط.

تم ربط أحداث ثوران البركان بقصص فلكلورية أيسلندية، وهي عندما يثور البركان لمدة من الزمن يبدأ ظهور ما يسمى بالمستنسخين أو المتغيرين «changelings»، ووظيفتهم كما يبدو هي إتمام المهمة التي أتوا لأجلها وفقا لطبيعة الشخص الأصلي، فبعضهم يأتي حتى يكون الشخص المراد مسؤولا عنه، وبعضهم لإعادة العلاقة بين الزوجين في تقبل حقيقة ابنهم المتوفى منذ سنوات، وغيرها من الأمور.

AsimAltokhais@