آلاء لبني

الوجع الفلسطيني

الأربعاء - 26 مايو 2021

Wed - 26 May 2021

تربينا أن نقف ونعزي المكلوم ولا نشمت بمصاب الموت والمرض حتى لمن نختلف معهم، فتلك شيم المروءة.

وما بعد انقضاء قمة الألم والأسى، قد يطرح ما لا يطرح وقت المرض، فأحيانا حتى لو كنت تعرف سببا لعلة مريض فليس وقته أن تلومه فيكره سماع ذلك ولربما قد يظن أنك شامت.

بعد هذه المقدمة إن زارك شخص ما وأخذ أرضك وحمل سلاحا وضربك واغتصب حقك هل ستقف متفرجا بدعوى حب السلام! هل فكرت يوما بالقوة بعد السلام أو السلام بعد القوة! ذاك الوجع الفلسطيني، فبين كتم الغيظ والغضب والظلم ومصادرة الحق بسيادة دولة فلسطينية وبين حواجز التنقل، وحقيقة الواقع تفرض هيمنة اليهود فلا أحد يضايقهم على حائط المبكى! ولكن باستطاعتهم رمي المصلين ومنعهم واقتحام المسجد الأقصى.

الوجع الفلسطيني أن تهدم الدار أو تصادر فيشكو عدوه لعدوه ويراجع أنظمة وضعت لتجعل من تهويد فلسطين خطة ممنهجة، هل سيجد من ينصره؟

حين يستطيع أي يهودي اليوم أن يلتحق بإسرائيل ويجنس بعد مدة ولا يحق للفلسطينيين المهجرين اللاجئين الرجوع تعرف أن لا عدل ولا سلام قائم بهذه الصورة الظالمة.

مر شهر مايو كئيبا، شخصيا لم أستطع أن أكتب حرفا، ظللت فقط أتابع بلا حول ولا قوة، ظلم المحتل ورغبته طردهم، وبينما امرأة تسحل في القدس بحي الجراح، وشاب يضرب، ومدافع تدك غزة وتضيق في حصارها، ولو بيد اليهود لما ترك فيها من أحد لكن العوامل السياسية تؤخرهم، رأينا وقرأنا من حولنا بالعالم والإعلام والتصريحات السياسية وأقلام الكتاب وأقوال المشاهير ما يغث، وتقارير إعلامية أمريكية تصور إسرائيل حملا وديعا يدافع عن نفسه! ومن أبناء العرب من تتعجب مما يكتبونه عن تجريم الدفاع والمقاومة وغزة ترمى بوابل من الصواريخ المتطورة وهشتاقات بوسم غريب، ومنشورات تغازل بها حب إسرائيل لكسب ودها، ومن أبناء جلدتنا مشهور يقول لِم تجعلون قضية فلسطين وشعارها في حالاتكم وتدافعون عنها، وأنتم لا تعلمون تاريخها! وأقول إنك جاهل بتاريخ بنى إسرائيل في خيانة العهود في السياسة ومنها حين عاهد المصطفى أقوام من اليهود وخانوا العهد لم يرضخ لهم وأراهم منه قوته.

والأولى به وأمثاله أن يثقف نفسه بالقضية من منظور الأمم المتحدة على الأقل والتي تقف عاجزة مكتوفة الأيدي أمام حقوق الفلسطينيين كشعب، ولكن مثلا هي تعتبر القدس الشرقية أراضي محتلة لمن لا يعرف أو ينقل كلام الأونروا.

فعلا من لا يقرأ التاريخ ويخوض فيه، يظل جاهلا مهما بلغ من العلم والأفضل له أن يصمت بدل قول ما يبطل الحق ويكون نصيرا للظلم.

قضية فلسطين قضية ذات أولوية كانت ولا تزال بالدين واللغة والإنسانية، فنحن أولى بالمواساة والدعم والقربى، ولا فضل في ذلك للعقول المستنيرة.

عموما ربما أولى الأوليات أن القضية لا تأخذ حقها وكفايتها من الشرح التاريخي الذي يصل للقاصي والداني بأصقاع الأرض بما يتكافأ وما تبذله الحركة الصهيونية بالعالم وبكافة إمكاناتها في تحسين صورتها وبث الشائعات والحملات الممنهجة عن الفلسطينيين لتشويه صورتهم وحقوقهم، ولا نستبعد على الموساد أي جهود تمكن إسرائيل من تحقيق غايتها. نحن بحاجة فعلا لنظرة فطنة للأمور.

تمعن وحلل كيف يكتب أفيخاي أدرعي ويستدل بآيات وأحاديث الرسول ومدى اطلاعه عليها.

دعك من ترديد قول ذاك فلسطيني هاجم أو شتم! لو اصطف مئات، للعقول المنصفة هل كلما قيل على لسان سعودي ومصري وسويدي وياباني، يمثل شعبا بأكمله!

ليس هناك شعب مختار لا يخطئ، هل تعتقد أن هناك شعبا سيخلو من الخيانة والظلم والبطش. إن كان مع رسول الله أناس يحسبون عليه من أصحابه أبطنوا النفاق، وإن ألقى إخوة يوسف له حسدا وخانوا عهدهم برعايته لأبيهم النبي!

إن قضية فلسطين لم تبدأ من النكبة في 48، اليهود الصهاينة يعملون بلا كل ولا ملل منذ 1799م. وجه نابليون نداء ليهود العالم (أيها الإسرائيليون سارعوا بمطالبة إرث إسرائيل باستعادة مكانتكم بالعالم). الحركة الصهيونية منذ 1885 تعمل على استيطان اليهود بفلسطين.

ظل اليهود يتذمرون في أوروبا من العنصرية ومحارق هتلر، إلى أن طاف أرض فلسطين أفواج الأوروبيون الشرقيون خاصة في نهاية القرن الـ19، وتغير التركيب الديموغرافي لمدن فلسطين وتهجير المزارعين أمور لن يراها من عميت قلوبهم.

وعلى النقيض هناك من المؤرخين وبديانات مختلفة من ندد بظلم إسرائيل من باب الإنسانية، فسجون لا ترحم حتى الأطفال والمراهقين والأراضي محتلة تقبع بها المستوطنات والفصل العنصري والتطهير العرقي والجدار الفاصل.

سايكس بيكو 1916 وطدت لإنشاء إسرائيل، بمباركة من عصبة الأمم المتحدة حين ذاك وإطلاق وعد بلفور وعلى حد تعبير د.آفي شليم مؤرخ إسرائيلي يقول «لم يكن لبريطانيا حق يخول لها أن تعد بأرض هي ملك للعرب لأناس آخرين، وعد بلفور وعد غير أخلاقي».

اقرأ لعل نور الجهل ينجلي عن بصائر القلوب، ابحث عن حق الفيتو لم لا يستخدم لإنهاء آلام الوجع الفلسطيني، كم مرة استخدمته أمريكا لنصرة إسرائيل!

AlaLabani_1@