محمد الأحمدي

الخوف ليس في قاموس السعوديين

الأربعاء - 28 أبريل 2021

Wed - 28 Apr 2021

تأتي الذكرى الخامسة لرؤية المملكة 2030 رغم التحديات التي تحيط بالعالم جراء جائحة (كوفيد 19) والمملكة تسير في نمو مستمر على جميع الأصعدة السياسية، الاقتصادية، التنموية، والاجتماعية، الثقافية، والتعليمية، والأمنية.

من شاهد لقاء سمو ولي العهد على القناة السعودية الأولى سيلمس مباشرة في حديث سموه دون شك لغة تحمل المسؤولية، والطموح البالغ الذي يدفعه للتحليق بالمملكة ومواطنيها إلى الريادة في تحسين الحياة الإنسانية، الثقة في اتخاذ القرار المبني على مكامن القوة البشرية، والمالية، والتغير نحو الأفضل من أجل بناء اقتصاد مزدهر، ومجتمع حيوي، ووطن طموح. هذه الركائز الرئيسة للرؤية تمثلت جلية في حديث سموه، والمشاريع التي ترمي لها مستهدفات هذه المشاريع التنموية، والاستثمارية وحتى التعليمية.

فالمجتمع السعودي الذي وصفه الأمير - حفظه الله - بأنه لا يعرف الخوف، ينطلق من قيم راسخة في عقيدة المواطن السعودي، وتراثه الثقافي الأصيل، ومن بيئة عامرة بتواتر دينها، وتراثها وهويتها، وبنيان متين متمثل في تكاتف المجتمع السعودي والتفافه حول قيادته منذ تاريخ هذه الجزيرة العربية.

فالمتأصل في قيم العربي أن يصون العهد والميثاق، وأن يضحي من أجله، والشواهد على هذا كثيرة في التراث الثقافي العربي.

أتى مرتكز المجتمع الحيوي الرئيس في رؤية المملكة 2030 في معظم حديث ولي العهد الصريح الذي اتسم بالوضوح، والصدق، والمباشرة النابعة من الإخلاص للمواطن السعودي. وتمثل ذلك المرتكز في دعم الاقتصاد، والثقافة، وجودة الحياة المعيشية، والصحية، والتعليمية، وتمكين المجتمع من تحقيق أسمى طموحاته، ومساهمته في الاقتصاد العالمي، وتطوير المدن كمدينة الرياض، ونيوم، والشرقية، وعسير وجازان، وتبوك، جدة، ومكة وبقية المدن التي صرح سموه بأنها كيان واحد في عقد الوطن الغالي.

ومع هذا التطوير المستمر، والانفتاح العالمي إلا أن المواطن السعودي يحافظ على عقيدته، هويته، ويعتز بها؛ لأن نظام الدولة يقوم على المنهج الإسلامي المعتدل في تشريع قوانين الدولة.

وقد برز الاعتزاز بالهوية الوطنية في ظل جائحة (كوفيد-19)، عندما قدمت المملكة صحة المواطن والمقيم والمبتعث على بقية الأولويات، حيث سخرت إمكاناتها لتحقيق ذلك الهدف السامي والنبيل الذي جعل المملكة مضربا للمثل النموذجي للعالم في التعامل مع الجائحة. فحماية النظام الصحي الذي يهتم بالحياة الصحية، وجودة الحياة على أرض المملكة أو خارجها المتمثل في حماية مرتادي المقدسات الإسلامية من الضرر الصحي البالغ جراء الجائحة كان له دور بارز في الحفاظ على صحة المجتمع المحلي والإقليمي والعالمي.

وفي ذات السياق، يأتي الاهتمام بالمواقع التراثية، والمساجد التاريخية التي تبناها مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية كجزء من الحفاظ على هوية وتراث المجتمع السعودي العريق، والاعتزاز بقيمه الدينية المعتدلة.

وعلى صعيد الاقتصاد المزدهر المرتكز الثاني من مرتكزات الرؤية ظهر سموه بذاكرة جيدة تنم عن معرفة التفاصيل الدقيقة، ومعايشة القرار لحظة بلحظة، والغوص في تفاصيل التخطيط والتنفيذ، والمتابعة الحثيثة لتلك المستهدفات. فما أن ينتهي المذيع المتألق عبدالله المديفر من سؤاله حتى يباشره الأمير باستحضار الإجابة بشكل دقيق مدعم بالإحصاءات والأرقام، والمستهدفات التي يطمح لتحقيقها على المدى القصير والطويل. وهذا يدل على أن تلك القضايا تشكل جزءا من واقع سموه اليومي. فقد لا تخلو إجابة من إجابات سمو ولي العهد من استحضار الماضي، وتقديم الواقع الحالي، وطرح رؤية المستقبل المتأمل تحقيقه في مستهدفات الرؤية. وهذه أبلغ الإجابات التي تربط بين ما كان، وما هو موجود، وما المأمول تحقيقه من تطلعات.

الإسكان أبرز مثال يوضح هذه الفكرة ففي حديث سموه استحضر قرار الملك عبدالله -رحمه الله- التاريخي في دعم الإسكان بمبلغ 250 مليار ريال، وكيف واجهت وزارة الإسكان عوائق وتحديات من تحقيق هدف الملك آنذاك، ثم كيف عالجت رؤية المملكة 2030 هذه التحديات لتستطيع تحقيق نسبة تزيد على 60% من تملك المنازل بين السعوديين في 2021 بعد إنشاء مركز الحكومة، وتذليل الصعوبات بين الجهات الحكومية لتحقيق هدف الرؤية؟

لا أستطيع أن أهمل تركيز سموه على أن الشغف المحرك الرئيس لاختيار القيادات، أو حتى للسياسة الخارجية التي تمثل شغف سموه في أن تقدم مصلحة المملكة ومواطنيها على أي مصلحة أخرى بحيث تتمحور هذه المصلحة حول استغلال الفرص الاستثمارية المتاحة. ومن متطلبات هذا الاستثمار دعم وتحفيز القطاع الخاص الموازي للحكومة في تحسين بيئة المملكة الاقتصادية، ورفع جودة الحياة لمواطنيها: كخلق فرص وظيفية جديدة لسوق العمل السعودي، ولكن الأبرز في حديث سموه أن الطموح يكمن في الاستمرارية على المدى البعيد في عجلة التنمية والتطوير وخلق الفرص بحيث تبقى الإشكاليات الماضية في طي النسيان أمام هذا الطوفان من التنمية المستدامة.

حديث الأمير طويل، وشامل، وبليغ، ويحمل روحا تفاؤلية منطقية، ولا يتسع المقال للإلمام بجميع جوانبه، ولكن باختصار أقول بأنه كشف حساب حكومي علني لجميع مواطني المملكة العربية السعودية، قدمه سمو ولي العهد بثقة، وموضوعية، وتخطيط تكاملي بين الجهات يضع أولويته المواطن السعودي والأجيال المستقبلة لهذا المجتمع. وعلى طريقة المذيع المتألق المديفر أقول: وانقلوا عن ولي العهد بأن الخوف ليس في قاموس المواطن السعودي.