بدلات التميز محفزات للفساد الأكاديمي!
الأحد - 25 أبريل 2021
Sun - 25 Apr 2021
في شهر رمضان للأسف، خاصة في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، بدت بين الناس ظاهرة المناقشات أو بالأحرى المناوشات والمجادلات الفارغة تأخذ حيزا من أوقاتهم، بعضها يبدو جادا، وهو ليس كذلك، وبعضها يؤخذ على أنه من باب التسلية وصرف الأوقات، وأكثرها فيه من الحدة والتعصب ما قد يصل حد التخاصم والتراشق بالكلمات.
ففي الساحة الرمضانية فريقان؛ فريق يحاول أن يستحث الهمم على العبادة والطاعة بقصص مختلقة وموضوعة لا أصل لها، ويقابله فريق آخر يفند ويكذب قصص الفريق الأول، ويثبط الناس عن العمل والبذل والعطاء!
سأعطيكم مثالا على تخاصم هذين الفريقين، الفريق الأول يزعم أن الإمام الشافعي -رحمه الله- كان يختم القرآن في رمضان ستين مرة في غير الصلوات، وهذا القول لم يثبت بشكل قطعي عن الإمام الشافعي، ولو أني على المستوى الشخصي لا أستبعده، نظرا للشخصية غير العادية والمميزة لهذا الفقيه الفذ، بينما الفريق الثاني يتساءل مستنكرا ويقول: أنّى لبشر يأكل الطعام ويمشي في الأسواق أن يختم القرآن في يومه مرة واحدة فضلا عن مرتين!
إذا كان لهؤلاء أن يستنكروا ما قيل عن الإمام الشافعي -رحمه الله-، وهو صاحب أحد المذاهب الأربعة، وعاش في خير القرون، وكان كالشمس للدنيا والعافية للناس كما يقول عنه الإمام أحمد، أفلا يحق لنا اليوم أن ننتقد مجموعة من الأكاديميين الوهميين حينما يتباهون بنشرهم في الأسبوع الواحد أربعة أبحاث علمية ذات جودة عالية!
ولسوء الحظ أننا نحن من يدعم هؤلاء، ونحن من يقدمهم للناس على أنهم الصفوة، ونخبة النخبة، وأن أكبر دعم للفساد الأكاديمي، ويتم بشكل منظم، وعلى مرأى ومسمع من المسؤولين، هو ذلك الدعم الذي يأتي تحت مسمى (بدل التميز)، لأنه بصرفنا هذا البدل للأكاديميين فنحن كمن يقول لهم أو لأغلبهم: اشتروا وانشروا، وانضموا لقوائم التميز الوهمي، وادخلوا بجامعاتكم مراكز التصنيف آمنين مطمئنين، وإلا لما وجدنا قائمة الأكثر نشرا من الأكاديميين المحليين تزداد يوما بعد يوم!
بسبب بدلات التميز السخية تقدمت هذا العام ثلاث جامعات ناشئة -لم تكن شيئا مذكورا- في مراكز التصنيف الجديدة، حيث تجاوزت النسبة المئوية للنشر في هذه الجامعات الضعف والضعفين في سنة واحدة! ولو بقي صرف بدل التميز بهذا الشكل فلا أستبعد أن يكون لدينا عدد كبير من الباحثين في وقت قياسي تتجاوز أعداد أبحاثهم الألف والألفين! وحينئذ سنصبح حالة شاذة في العالم!
بدلات التميز بحاجة للمراجعة والتقنين والمتابعة بل السيطرة والتحكم أو حتى إلغائها كليا، فلو قلنا مثلا: لا يجوز الجمع بين بدل التميز والعمل الإداري أو الاستشاري لربما تورع الكل وأصبحوا زهادا في طلب المناصب الإدارية، ولو قلنا: يصرف البدل إذا وإذا فقط كان البحث وطنيا خالصا، بمعنى لا تعاونات دولية أو مجموعات بحثية ولا شراكات صورية، لربما كان أفضل وادعى للتباهي والاحتفاء!
صدقوني لو كان الإمام الشافعي أستاذا في جامعاتنا اليوم لما أعطوه بدل التميز هذا، ولو أعطوه فلجدارته واستحقاقه، وربما يرفضه هو، أليس هو القائل: ما حكّ جلدك مثل ظفرك، فتول أنت جميع أمرك، وإذا قصدت لحاجة فاقصد لمعترف بقدرك!
drbmaz@
ففي الساحة الرمضانية فريقان؛ فريق يحاول أن يستحث الهمم على العبادة والطاعة بقصص مختلقة وموضوعة لا أصل لها، ويقابله فريق آخر يفند ويكذب قصص الفريق الأول، ويثبط الناس عن العمل والبذل والعطاء!
سأعطيكم مثالا على تخاصم هذين الفريقين، الفريق الأول يزعم أن الإمام الشافعي -رحمه الله- كان يختم القرآن في رمضان ستين مرة في غير الصلوات، وهذا القول لم يثبت بشكل قطعي عن الإمام الشافعي، ولو أني على المستوى الشخصي لا أستبعده، نظرا للشخصية غير العادية والمميزة لهذا الفقيه الفذ، بينما الفريق الثاني يتساءل مستنكرا ويقول: أنّى لبشر يأكل الطعام ويمشي في الأسواق أن يختم القرآن في يومه مرة واحدة فضلا عن مرتين!
إذا كان لهؤلاء أن يستنكروا ما قيل عن الإمام الشافعي -رحمه الله-، وهو صاحب أحد المذاهب الأربعة، وعاش في خير القرون، وكان كالشمس للدنيا والعافية للناس كما يقول عنه الإمام أحمد، أفلا يحق لنا اليوم أن ننتقد مجموعة من الأكاديميين الوهميين حينما يتباهون بنشرهم في الأسبوع الواحد أربعة أبحاث علمية ذات جودة عالية!
ولسوء الحظ أننا نحن من يدعم هؤلاء، ونحن من يقدمهم للناس على أنهم الصفوة، ونخبة النخبة، وأن أكبر دعم للفساد الأكاديمي، ويتم بشكل منظم، وعلى مرأى ومسمع من المسؤولين، هو ذلك الدعم الذي يأتي تحت مسمى (بدل التميز)، لأنه بصرفنا هذا البدل للأكاديميين فنحن كمن يقول لهم أو لأغلبهم: اشتروا وانشروا، وانضموا لقوائم التميز الوهمي، وادخلوا بجامعاتكم مراكز التصنيف آمنين مطمئنين، وإلا لما وجدنا قائمة الأكثر نشرا من الأكاديميين المحليين تزداد يوما بعد يوم!
بسبب بدلات التميز السخية تقدمت هذا العام ثلاث جامعات ناشئة -لم تكن شيئا مذكورا- في مراكز التصنيف الجديدة، حيث تجاوزت النسبة المئوية للنشر في هذه الجامعات الضعف والضعفين في سنة واحدة! ولو بقي صرف بدل التميز بهذا الشكل فلا أستبعد أن يكون لدينا عدد كبير من الباحثين في وقت قياسي تتجاوز أعداد أبحاثهم الألف والألفين! وحينئذ سنصبح حالة شاذة في العالم!
بدلات التميز بحاجة للمراجعة والتقنين والمتابعة بل السيطرة والتحكم أو حتى إلغائها كليا، فلو قلنا مثلا: لا يجوز الجمع بين بدل التميز والعمل الإداري أو الاستشاري لربما تورع الكل وأصبحوا زهادا في طلب المناصب الإدارية، ولو قلنا: يصرف البدل إذا وإذا فقط كان البحث وطنيا خالصا، بمعنى لا تعاونات دولية أو مجموعات بحثية ولا شراكات صورية، لربما كان أفضل وادعى للتباهي والاحتفاء!
صدقوني لو كان الإمام الشافعي أستاذا في جامعاتنا اليوم لما أعطوه بدل التميز هذا، ولو أعطوه فلجدارته واستحقاقه، وربما يرفضه هو، أليس هو القائل: ما حكّ جلدك مثل ظفرك، فتول أنت جميع أمرك، وإذا قصدت لحاجة فاقصد لمعترف بقدرك!
drbmaz@