سارا الضراب

لماذا يفضل القطاع الخاص الأجنبي على السعودي؟!

السبت - 13 مارس 2021

Sat - 13 Mar 2021

تنادي رؤية المملكة 2030 دائما إلى سعودة الوظائف في جميع المجالات المتاحة، وبالفعل فإن جميع مفاصل وأركان الوزارات والمؤسسات الحكومية تسعى إلى تطبيق هذا المبدأ. لكن يختلف الوضع مع القطاع الخاص الذي يفضل دائما الأجنبي على ابن البلد السعودي، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يفضل القطاع الخاص الأجنبي على السعودي؟ هل هي التكلفة المادية؟

في واقع الأمر أن كثيرا من الوظائف التي يقبل بها السعودي ويشغلها الأجنبي هي ذات عائد مادي متوسط إلى مرتفع، وبالتالي الأسباب المالية قد تكون أحد الأسباب، لكنها ليست السبب الحقيقي.

في الحقيقة المجتمع السعودي لا يجد بديلا عن الأجنبي لأن الأجانب يتسابقون لإرضاء أصحاب العمل في تقليص تكلفة المشاريع وزيادة الأرباح على حساب فنيات المهنة، وأتحدى شركات القطاع الخاص أن تُقبل على توظيف سعوديين أصحاب خبرة وباع كبير في مجالهم، لأنهم لن يرضوا بأي منتج يوفِّر من تكلفة المشاريع لصاحب العمل.

ولعل من أسباب انخفاض جاذبية السعودي بالنسبة للقطاع الخاص؛ هو الجدية والالتزام، فالسعودي قد يترك العمل بين عشية وضحاها، من دون أي تنبيه، ولأتفه سبب، أو حتى من دون سبب، ولا يتحمل أي عواقب لهذا التصرف، وقد يهمل ويستهتر في عمله، وفي أسوأ الأحوال يفصل من عمله، ليجد حوله من يصرف عليه حتى يلتحق بعمل آخر. ولهذا لا نستغرب إذا رأينا منشأة تدفع للسعودي راتبا وهو لا يعمل، فقط لتصل النسبة المقررة للسعودة، وتزيد من نجاحاتها الوهمية. في المقابل الأجنبي ملزم بتقديم إنذار لشهر أو شهرين لكفيله قبل تركه للعمل، وملزم بإكمال مدة العقد، أو تحمل عواقب وخيمة.

هذا بالإضافة إلى أن معظم السعوديين يفضلون العمل الحكومي (75 % من السعوديين و78 % من السعوديات)، وقلة تفضل القطاع الخاص (19 % رجال، 14 % نساء)، وذلك وفقا لإحصاءات مؤسسة «غالوب» الدولية. وهذا بسبب الشعور بالأمان الوظيفي في القطاع الحكومي، رغم أن غالبية السعوديين يرون أن رواتب القطاع الخاص مغرية. هذه معادلة تحتاج موازنة.

شركات القطاع الخاص تواجه تنظيمات جديدة من الدولة لتوظيف مزيد من السعوديين، مما يشكل عليها ضغوطا يبدو أنها لم تتهيأ لها بعد، مثل برنامج نطاقات لتشجيع عمل السعوديين في القطاع الخاص، الذي يلزم الشركات بتوظيف نسبة من السعوديين حسب نوع القطاع، وهذا يجبر الشركات على توظيف السعوديين المؤهلين، لتكون قادرة على الاستمرار في العمل كيلا تتورط بموظفين غير مؤهلين يزعم القطاع الخاص أنه يعاني منهم. للمساهمة في حل ذلك يجب التغلب على مشكلات المفاهيم الاجتماعية السائدة للعمل، وليس فقط توفير فرص العمل.

إذن، كيف نجعل السعودي أكثر جاذبية لسوق العمل؟

الحل يكمن في سَنِّ أنظمة تلزم السعودي بالتفكير بشكل جدي قبل الالتحاق بالعمل، وتضمن لصاحب العمل الالتزام، أو يتحمل الموظف عواقب وخيمة لمخالفته، ماذا لو تم فرض غرامة مادية على الموظف قدرها راتب ثلاثة أشهر في حال تركه عمله دون إنذار صاحب العمل بوقت كافٍ، أو عدم إكماله مدة العقد؟

كما يجب سَنَّ الأنظمة التي تحقق مصلحة الشباب السعودي في المقام الأول، حيث إن استقرار الموظف في عمله، واكتسابه الخبرات والمهارات اللازمة؛ هو الطريق الأقصر لصعود السلم الوظيفي إلى أعلى المناصب بكفاءة واقتدار، والأمثلة على ذلك من الوطن لا حصر لها، فالموظف السعودي من أكفأ الموظفين إذا أتيحت له الفرصة للإبداع والابتكار، ليس على مستوى السعودية فحسب، وإنما على مستوى العالم، متى وجد الفرصة المناسبة له في بيئة العمل. لن نذهب بعيدا، لنلاحظ أداء السعوديين الذين يتولون إدارة كبريات الشركات لدينا، سواء في مجال النفط مثل أرامكو، أو البتروكيماويات أو الهيئة الملكية، هذه الشركات حققت نسب نجاح يشهد لها العالم، وهي تحت إدارة سعودية بالكامل.

من ناحية أخرى، يجب تقديم الدعم المقدم من الدولة لحديثي التخرج، الذين لا يجدون من يمنحهم الفرصة للعمل في القطاع الخاص، لرغبة هذا القطاع في توظيف الجاهز للعمل، ولا يجد حديث التخرج سوى القطاع الحكومي غير المحفِّز ماديا للأسف الشديد.

في الختام، فإننا يجب أن نشدد على أن القطاع الخاص يحتاج إلى التكيف لخلق بيئات عمل وثقافة تناسب السعوديين، وبشكل خاص الإناث، فاستيعاب السعوديات في القطاع الخاص يتطلب من الشركات إدراك حساسية المعايير الثقافية، مثل فصل الموظفين الذكور عن الإناث في مكان العمل، وهي حالة فريدة من نوعها عالميا. مع وجوب التغيير من المعايير الثقافية السائدة لتلبية احتياجات القطاع الخاص، فالتغيرات الاقتصادية يتبعها تغيرات اجتماعية حتمية يجب الآخذ بها على المديين القصير والطويل على حد سواء. والله الموفق.

@S_Darrab