محمد أحمد بابا

الشرطة القضائية

الأربعاء - 24 فبراير 2021

Wed - 24 Feb 2021

رقي التقاضي اليوم في وطننا يحفز كل شخص أن يفتح آفاق التفكير للمساهمة بدفع فكرة أو استجلاء مقترح يحسن من الأداء ويخدم العدل ويصب في فلسفة الوقت المصاحب لإحقاق الحق ووصول المستحق لصاحبه.

وحين نستعرض المحكمة ومهامها أيا كان اختصاصها، لا بد أن نعرف أهمية مساهمة رجال الأمن من وزارة الداخلية في ضبط وإحضار الخصوم مع ضمان أمن الميدان العدلي، وقبل ذلك فعالية رجال الأمن في الضبط والتحقيق ابتداء قبل رجل النيابة، ثم عونهم للمدعي العام في الاستدلال وتقصي الحقائق، وكذلك إعانتهم لتنفيذ ما يأمر به القاضي استعجالا في شهادة شهود أو إحضار بينات أو فحص مضبوطات، تعريجا على أن رجال الأمن في الأخير هم مناط تنفيذ الأحكام المقيدة للحرية من سجن وما شابه ذلك.

لكل ذلك - ونحن في عصر التخصصية - فكرت في إنشاء وحدة أمنية تسمى (الشرطة القضائية) يكرس فيها الاهتمام بالتدريب لإكساب المهارات الخاصة بإعانة الجهات العدلية كالقضاء والنيابة العامة وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد، وينصب فيها الجهد على المعرفة التابعة لمتطلبات عمل تلك الجهات المرتبط بالأمن العام،

لتكون أحقية صفة الضبطية الجنائية لهم متناسقة مع ما هو مطلوب منهم في جانب إعانة القضاء.

فحري بحبيبنا رجل الأمن الذي يعمل في محكمة معرفته العملية والعلمية بنظام الإجراءات الجزائية ونظام المرافعات الشرعية ونظام ديوان المظالم في الأجزاء المتعلقة بعمل رجل الشرطة لتنفيذ مادة من تلك المواد، وبالخصوص ما يتعلق بمحاكمة السجناء وإحضار الموقوفين والقوة الجبرية التي يتطلبها الحال.

وكنت قد كتبت سابقا مقالا بعنوان (السجون والتبعية الإدارية) ليكون مقترح (الشرطة القضائية) هذا استكمال توصيف وتأييد رأي حيال الاختصاص والتبعية التي أقصد.

ليس بعزيز على الكليات الأمنية في وطننا تخصيص مسار يعنى بالشرطية القضائية كفرع مستحق الدراسة والانخراط على سبيل المؤهل الجامعي للضباط، ومعه روافد تدريب لبرامج تخصصية توجه للأفراد.

أظننا بذلك نُحسن التأطير بعيدا عن التنظير، ونسهم في العدل المميز الذي يستهدف روح القانون وبحبوحة النظام في نفوس ومشاعر المستهدفين حيال حقوقهم، دونما احتياج لأن نتوقع الخطأ من غير صاحب خبرة أو الحيف من غير صاحب دراية.

في العالم مجتمعات وتكوينات جعلت من (الشرطة القضائية) رغم صفتها العسكرية تابعة لأمر القاضي أو أمر النائب العام تبعية تنفيذية وإدارية وتقييمية بل وتكليفية، لا تبعية قضاء تنفيذ فقط.

والفاهمون للقانون والحقوق يقدرون مدى اختصار الوقت واختصار التكلفة المادية في إجراء كهذا، حيث تقليص الهياكل يوفر المدخرات، ودمج المتشابهات أقل في المصروفات ماديا وبشريا.

فعندما يملك رئيس المحكمة العليا في منطقة تكليف رئيس الشرطة القضائية بعد ترشيح وزارة الداخلية لعدد من رجالها، ويملك المدعي العام تعيين ضباط الشرطة القضائية في اختصاصهم المكاني، ويملك قاضي الموضوع أو قاضي التنفيذ أمر أفراد الشرطة القضائية لديه فورا لعمل اللازم دونما رجوع لمرجع أو مخاطبات ومكاتبات بين مركز الشرطة وشرطة المحافظة ثم شرطة المنطقة ثم الإمارة ثم النيابة ثم المحكمة في سلسلة طويلة، بذلك أعتقد أن الإنتاج سيكون أسرع وأكثر جودة وحرفية أداء.

وفي تسمية الشرطة القضائية بهذا الاسم تأثير، فهم سيكون بدهي التصور لدى المحامين ومن في حكمهم، والموظفين في القطاعين العام والخاص، حيث الشرطة هي القوة المادية والقضاء القوة المعنوية، وكل فعل تقوم به فئة الشرطة هذه له حكم القضاء الذي لا سلطان عليه، ولا عذر لنا ونحن نتوجه لترقب أنظمة قضائية للأحوال الشخصية والمدنية ستصدر لتنضم لحزمة إجراءات تطوير القضاء والجهات العدلية التي يشهد لها كل منصف.

albabamohamad@