سالم العنزي

GameStop ومعركة وول ستريت

الأربعاء - 03 فبراير 2021

Wed - 03 Feb 2021

الأسبوع الماضي كان غريبا جدا على أصحاب المال والأعمال في وول ستريت، المستثمرون وأصحاب الأموال ينظرون بدهشة وينتظرون برعب نهاية هذه المعركة، الإدارة الجديدة في البيت الأبيض تراقب الوضع عن بعد، بينما يستمر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي في رفع أسعار أسهم الشركات المساهمة في البورصات العالمية. فسهم شركة GameStop قفز بأكثر من 1600%، بينما قفزت أسهم شركات مثل AMC ونوكيا إلى أكثر من 10 أضعاف سعرها الأساسي.

لنبدأ قصتنا مع الشركة محور الحدث والحديث، شركة GameStop تأسست عام 1984، وهي شركة متخصصة في بيع ألعاب الفيديو في المراكز التجارية والأسواق، ويجد المتابع للنتائج المالية للشركة أن وضع الشركة المالي صعب وفي انحدار مستمر ابتداء من عام 2007، حيث اتجه الناس لتحميل الألعاب عن طريق المنصات الرقمية أو الأجهزة الذكية. ومما زاد من سوء الوضع المالي للشركة انقطاع الناس عن الذهاب إلى الأسواق والمراكز التجارية بسبب جائحة كورونا. ولذلك، قامت بعض صناديق التحوط وكبار الماليين بشراء «عقود تداول الخيارات» التي تتيح لهم الربح في حال انخفاض سعر الشركة إلى أسعار اقل من الأسعار الحالية، كما هو متوقع في حال شركة GameStop وكما تشير مؤشرات أسواق الألعاب العالمية.

لسبب أو لآخر، قررت مجموعة من مرتادي موقع reddit رفع سعر أسهم هذه الشركة، حيث بدأت حملة على إحدى القنوات الفرعية لموقع reddit في حث الناس على شراء أسهم شركة GameStop مما جعل سعر السهم يقفز من 30 دولارا إلى أكثر من 400 دولار خلال يومين. ارتفاع سعر السهم أدى إلى انكشاف المراكز المالية للمستثمرين في «عقود تداول الخيارات»، حيث خسر أحد الصناديق أكثر من ملياري دولار في غضون أسبوع ونصف الأسبوع. ولأن اللعبة (إن صحت التسمية) أعجبت رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فقد قرروا الاستمرار في تحدي هوامير وول ستريت، وبدأت حملات مشابهة لرفع أسعار أسهم شركات مثل AMC ونوكيا، ومن ثم تحول المستخدمون إلى العملات الرقمية، حيث ارتفع سعر عملة dogecoin بأكثر من 400%.

هذه المعركة، قد تكون ممتعة ومضحكة للمتفرجين والمراقبين عن بعد في شبكات التواصل الاجتماعي، وقد تساهم في زيادة ثروات البعض ممن استفاد من موجات صعود أسعار الأسهم، وقد تتسبب في أضرار اقتصادية ومالية للشركات المالية، لكنها بكل تأكيد ليست لعبة، فمصير هذه الشركات ومصير موظفيها أصبح تحت رحمة بعض المعرفات الوهمية في مواقع التواصل الاجتماعي، ومتى ما انتهى هذا الهوس وقرر مرتادو هذه المواقع التخلص من أسهمهم، فإن أسعار هذه الشركات سوف تهوي إلى الحضيض، مما يعرضها لمخاطر الإفلاس والتعثرات المالية.

حتى إن شركة نوكيا أصدرت بيانا تقول فيه إنها ليست على علم بأي أحداث أو تطورات مؤسسية أو تغيير جوهري من شأنه أن يفسر الزيادة في أسعار السهم، وبيان نوكيا لم يأت من فراغ، حيث إن الشركة في منتصف برنامج إعادة الهيكلة الذي يهدف إلى تصحيح بعض الأخطاء التي ارتكبتها الشركة خلال السنوات السابقة، وآخر ما ترغب به الشركة الآن هو محاولات تلاعب وتضليل للمستثمرين في سعر سهم الشركة.

لأول مرة يكون القرار المالي في البورصات الأمريكية والعالمية خارج سلطة وول ستريت، حيث أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تتحكم في مصير المئات من الشركات والصناديق الاستثمارية.

لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية والمحللون الماليون وكذلك مجالس إدارات الشركات المالية والاستثمارية يقفون مكتوفي الأيدي أمام هذا الإعصار الهائج، فلا قانون يمنع ما حدث ولا نظام يتوقع ما يمكن حدوثه.

SMAlanzi@