عبدالحليم البراك

لقاء الكذابين!

الاثنين - 01 فبراير 2021

Mon - 01 Feb 2021

لم تزل المملكة تتلقى هجوم الكذابين في كل مكان في العالم، لا يحملهم على هذا الكذب إلا الضغينة والحسد، فتعقد برامج بالساعات لتفتري على المملكة الخادمة للحرمين الشريفين ومستضيفة ضيوف الرحمن كل عام، فيجتمع الضيف الكذاب مع المقدم الكذاب، والمعد الكذاب الأكبر، فسبحان الله كيف اجتمع هؤلاء الأفاقون في لقاء الكذابين؛ وهذه صفاتهم:

الكذاب الضيف، من أبرز صفاته أنه يرى ما لم يره الناس، فهو يرى نوايا لم يرها الناس، وأحاديث لم يسجلها التاريخ ولم يروها عاقل عن عاقل، وليست إلا نسج خياله، أو دراما في عقله لم تتحقق على أرض الواقع.

والكذاب الضيف هو الذي حضر الأحداث التي لم تحدث، فيحدثك عنها وكأنه كان موجودا في تفاصيل ملفقة، لدرجة أنك لو كنت حاضرا لتلك الأحداث سوف تستغرب كيف حدث ما لم يحدث عند الكذاب؟ وكيف رأى ما لم يروه؟!

والكذاب الضيف شديد الثقة بكذبه، ليس لأن لديه يقينا بما يقول إنه رآه رأي العين، بل لأن أهدافه القذرة زرعت لديه يقينا أكثر من شكه في كذبه، فهؤلاء الكذبة يكذبون ويكذبون حتى يصدقوا كذباتهم.

والكذاب الضيف غالبا ما تختص قصصه في الأموات، فيقول على ألسنتهم ما لم يقولوا، لأن الأموات لا يعودون للحياة ليدافعوا عن أنفسهم وعن الحق، فيقول عن هذا الذي توفي قبل عام إنه أيده أو إنه بارك كلامه أو إنه قال له شخصيا إن أحدهم فعل، فلا الحي الكذاب صدق، ولا الميت صاحب الحق نطق!

والكذاب الضيف يغوص في العموميات والنوايا، لأن هدفه أكبر من كلامه، ومراميه أبعد من مجرد ما يقف عليه لسانه، فتستغرب طريقة تفسيره للألفاظ وتفاصيل الكلام التي لا يجمعها إلا كذبه وحقده واستغلاله وجشعه.

أما المستضيف الكذاب، فهو ذلك الأسد على الضيوف إلا هذا الضيف، وهو الرجل الذي يدقق في الصغيرة والكبيرة إلا على هذا الكذاب الذي أمامه، وهو الرجل الذي يقاطع أحاديث ضيوفه إلا هذا الأفاق الذي يقاسمه نفس المواهب، فلا يسأل عن وثيقة ولا يسأل عن إثبات ولا يسأل عن حقيقة وتوثيق، بل هو كذاب يطبل لكذاب آخر!

أما إذا سأل المستضيف الكذاب ضيفه الكاذب، فإن أسئلته سم كسم صاحبه، فسبحان من جمع سمين تحت سقف واحد، وإذا ما صمت المستضيف الكذاب عن الضيف الأفاق، فإنما كأنما يقول له: أعجبني كذبك، وقسمتك أغراض هجومك فاستمر فيما أنت فيه، وهكذا يفوح من المستضيف ومن فواحة أسئلته نتن الكلام وخبث الصمت وسوء الإنصات (إن أنصت).

أما المعد، فهو من حاز الظلم من كل مكان واختفى عن الأنظار، فسبحان من وهبة السوء من أطرافه، فلا هو ظهر نفع نفسه، ولا هو كف الشر والظلم عن الناس، ولا هو عف نفسه وترك الظلم للظلمة!

لم تزل المملكة وستبقى وطنا يستضيف الأخيار من الناس، تشاركهم ويشاركونها التنمية، فتقدم لهم الخير ويقدمون لنا الخبرات، فلا نعدم تقديرهم ولا يعدمون احترامنا، ونقاسمهم ذكريات التنمية والخير، فهؤلاء هم شركاؤنا الحقيقيون وليسوا الكذابين الأفاقين في كل مكان، والعاقل لا يرضى إلا بالحقائق والإثبات والمنطق، وغير هذا يرد على صاحبه حتى يعلم الكذابون في كل مكان أنه لا مكان لهم في مجتمع الصدق!

Halemalbaarrak@