شاكر أبوطالب

قائد ملهم يتحدث من المستقبل

الاحد - 24 يناير 2021

Sun - 24 Jan 2021

في كل مرة يظهر فيها الأمير محمد بن سلمان، يؤكد بالقول والفعل أنه رجل لا ينتمي إلى حاضرنا المتطور أكثر من أي وقت مضى، بل هو رجل يتحدث لنا وللعالم من المستقبل الأكثر ازدهارا، وأنه قائد ملهم يفكر في الغد البعيد وليس القريب، يمتلك رؤية طموحة يبحث من خلالها وبلا ملل عن تنمية مستدامة خضراء، ويبتكر البرامج والمبادرات الفريدة فكرة وأسلوبا، والمشاريع المستدامة أثرا وزمنا، ويتتبع دون كلل فرص النمو لاستثمارها بكل تفاصيلها للعبور بثقة وقوة إلى المستقبل.

ورغم الآثار السلبية التي خلفها فيروس كورونا المستجد في عام 2020، وحالة الارتباك التي أصابت الاقتصاد العالمي وتراجع معدلات النمو والاستثمار، إلا أن هذه الضبابية التي تحيط بالمجتمعات البشرية، وتنامي التحديات في مختلف المجالات، لم تقف حجر عثرة أمام طموح ولي العهد، بل شكلت محفزا إضافيا للانطلاق نحو آفاق جديدة غير مطروقة من قبل.

حيث لم تمض سوى عشرة أيام من العام الميلادي الجديد، حتى أعلن الأمير محمد بن سلمان مدينة «ذا لاين» في مشروع «نيوم»، هذه المبادرة الذكية الخضراء التي تعد أنموذجا للمجتمعات الحضرية يكفل إيجاد التوازن للتنمية مع الطبيعة، لتعزيز تعايش الإنسان مع البيئة دون ترك بصمات سلبية.

«ذا لاين» ليست مجرد مساحة جغرافية، أو مدينة عصرية تقنية وحسب، بل هي مشروع تجديدي لمفهوم المدن المستقبلية، وإعادة تعريف للتنمية الحضرية المصممة للإنسان أولا وأخيرا، المستثمرة للتقنيات والابتكارات لبناء مجتمع يتمتع بأعلى مستويات الأمن والصحة والسلامة والرفاهية، من خلال تعزيز جودة الحياة، وتقديم حلول وتطبيقات حديثة للسكن والعمل والتواصل والتنقل.

الحديث عن «ذا لاين» يقودني إلى أهمية امتلاك حلم ورؤية، سواء على مستوى الفرد أو المجتمع، فكثير من الحضارات والدول برزت وازدهرت نتيجة تضافر عدد من العوامل والظروف، في مقدمتها الاستثمار الذكي للإمكانات والقدرات والموارد، والتخطيط الاستراتيجي والطموح، والكفاءة في الإشراف والإدارة، والصرامة في التنفيذ، والحزم في المحاسبة، ومواصلة العمل وبذل أقصى الجهود، وغير ذلك من العوامل.

ولكن هناك دوما عاملا مشتركا رئيسا، هو وجود قائد سياسي ملهم شديد الإيمان بأفكاره، واع بماضيه وحاضره، ولديه شغف قوي بالمستقبل، وطموح لا حد له، ويمتلك حلما بواقع أفضل، ورؤية واضحة الأهداف والغاية، وقدرة كافية لتحقيق المنجزات المتفردة، ومعرفة تامة بالتحديات التي قد تواجهه، والاستعداد المسبق لها.

فكل تغيير لا معنى له إذا لم يتبدل معه الوعي المجتمعي وتتطور طرق تفكير الفرد، والتغيير على مر التاريخ هو مسؤولية القائد بالدرجة الأولى، لضمان أن يشمل التغيير الفكر والسلوك، من خلال تحويل التغيير من فكرة إلى نظام متكامل يفرضه بأدوات الدولة وقوانينها، ويرسخه بتمكين المجتمع من استثمار قدرات أفراده للمضي قدما في مسار التغيير المخطط له، إنها عملية شاملة لصناعة الوعي النوعي.

ونتيجة لظروف عديدة على مدى عقود ثلاثة أو تزيد، أضاعت المملكة العربية السعودية كثيرا من الفرص والوقت، فكان الثمن باهظا ولكنه كاف لإحداث ردة الفعل اللازمة والمناسبة، وخلق مرحلة جديدة من الوعي والتنوير، وامتلاك حلم ورؤية، لصناعة مستقبل مزدهر. وهذا جوهر ما يقوم به ولي العهد منذ سنوات.

ولست مبالغا في القول بأن المنطقة محظوظة بوجود الأمير محمد بن سلمان، القائد الملهم، والسياسي الطموح، الذي لا يريد إحداث نقلة نوعية للمملكة فحسب، بل يرغب في رؤية الشرق الأوسط متقدما عالميا، ويؤكد أن المنطقة ستكون أوروبا جديدة.

shakerabutaleb@