444 يوما من الرعب في إيران
الثلاثاء - 19 يناير 2021
Tue - 19 Jan 2021
يقول روزين الذي يعيش مع زوجته باربرا «صحيح أن الأنشطة مغلقة، لكن يمكنني المشي، ورؤية العشب، والاستمتاع بأشعة الشمس، وقراءة أي شيء أريده»، مضيفا «أشعر بحرية أكبر من معظم الأشخاص الذين يعانون من كورونا، بسبب تجربتي في إيران، فخلال 444 يوما أمضيتها كرهينة في طهران خلال أزمة السفارة الأمريكية الشهيرة، قضيت ربما 20 دقيقة في الهواء الطلق، حيث كنت في الظلام معظم الوقت»، وردد بضحكة خافتة «كورونا أفضل بكثير من الأسر الذي عشناه في إيران».
وبحسب مجلة كولومبيا، كان روزين واحدا من 66 أمريكيا تم اختطافهم داخل السفارة الأمريكية بطهران في 4 نوفمبر 1979، وفي نهاية المطاف، كان هو مع 51 آخرين محتجزا في ظروف مروعة لأكثر من 14 شهرا، ويصادف هذا الشتاء الذكرى الأربعين لانتهاء أزمة الرهائن، لكن الذكريات بالنسبة لروزين ما زالت حية.
ضرب وتنكيل
بصفته الملحق الصحفي الجديد في السفارة الأمريكية، وصل روزين إلى إيران عام 1978 مفعما بالحماس، حيث أمضى عامين في إيران كمتطوع في برنامج السلام في الستينات، وكان يجيد اللغة الفارسية، ولديه مودة كبيرة لشعب وثقافة إيران، ثم جاءت الثورة الإيرانية، مدفوعة بالمشاعر المتحمسة المعادية لأمريكا، أدت الانتفاضة مباشرة إلى أزمة الرهائن الإيرانية، التي دمرت العلاقات الإيرانية الأمريكية.
وخلال حبسه، عانى روزين من الضرب والإهانة والتنكيل، ولفترات طويلة من العزلة غير المحتملة، عاش في كرب وخوف شديد، منعزلا عن العالم، وعن زوجته وطفليه الصغيرين، ولم يعرف أبدا ما إذا كان سيعيش أم يموت، وعندما تم إطلاق سراحه أخيرا في 20 يناير1981، فقد 40 رطلا من وزنه.
بداية طموحة
ولد روزين في شرق نيويورك ونشأ في فلاتبوش على يد والدته، وهي ربة منزل، كان والده يعمل كهربائيا، التحق بكلية بروكلين، ودرس ببرنامج الدراسات العليا في الشؤون العامة بجامعة سيراكيوز، وتقدم بطلب إلى برنامج السلام، وهو برنامج بدأه الرئيس كينيدي في عام 1961 وأرسل الشباب إلى الخارج للمساعدة في المشاريع ذات العقلية المدنية.
يقول روزين «كانت فرصة لرؤية العالم، ففكرة الانضمام إلى فيلق السلام ومساعدة الآخرين أثارت اهتمامي، وأردت حقا الخروج من حياة ضيقة الأفق، ووسائل الراحة التي كنت أحصل عليها كأميركي».
قليلون من الأمريكيين فكروا في إيران، مما زاد من جاذبيتها لروزين، حيث أمضى ثلاثة أشهر في تعلم اللغة الفارسية قبل أن يسافر إلى طهران عام 1967، في أيام العطل كان يزور المواقع التاريخية، ووقع في غرام الشعر الفارسي، عندما انتهى عامه وحان موعد العودة إلى نيويورك، شعر بالحزن لمغادرة المنزل.
الجمعة الحزينة
كانت طهران في حالة اضطراب، ففي عام 1977، بدأ الإيرانيون المطالبون بديمقراطية ليبرالية في مواجهة الزعيم الاستبدادي للبلاد الشاه محمد رضا بهلوي، بشأن الرقابة وانتهاكات القضاء.
تم تنصيب الشاه بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن دعمت وكالة المخابرات المركزية الإطاحة عام 1953 بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مصدق، الذي لم تكن رغبته في تأميم إمدادات النفط الإيرانية متوافقة مع بريطانيا أو الولايات المتحدة.
وبعد 25 عاما، اندلع الغضب ضد الشاه في مظاهرات حاشدة، فرض الشاه الأحكام العرفية، وفي 8 سبتمبر 1978، المعروف باسم الجمعة الحزينة، أطلق الجيش النار على المتظاهرين وقتل العشرات.
غادر روزين إلى طهران. بصفته ملحقا صحفيا، كان المتحدث باسم السفير الأمريكي ويليام سوليفان، وقاد طاقما من المترجمين الفوريين الأرمن الإيرانيين والفارسيين الذين قاموا بترجمة مقالات من الصحافة الإيرانية.
كانت الأحداث تتحرك بسرعة، ففي يناير 1979 مع تصاعد الاحتجاجات، فر الشاه من البلاد، وفي 1 فبراير عاد آية الله الخميني، الزعيم الروحي للمعارضة، إلى طهران بعد قرابة خمسة عشر عاما في المنفى، لم ير روزين مثل هذا التملق للإنسان كما فعل ملايين الإيرانيين، عندما استقبلوا موكب الخميني أثناء عودته إلى طهران.
اقتحام السفارة
بعد أسبوعين، وفي ظل فراغ السلطة في إيران، اقتحم مسلحون يساريون السفارة، وتعرض روزين للضرب، وكان على يقين من أنه سيتم إعدامه، لكن قوات من حكومة الخميني الموقتة تدخلت، وانسحب المهاجمون فجأة.
ظن روزين أنه نجا من الأذى، وأغلقت السفارة وأعيد أفرادها إلى الولايات المتحدة، أعاد المسؤولون فتح السفارة في مارس وأعطوا الموظفين خيار العودة، لكن الظروف ساءت، كان روزين يعلم أن السفارة معرضة للخطر، لكنه استمر خلال فصلي الربيع والصيف في طهران، والتزم بأداء واجباته في بيئة مضطربة.
تفاقمت الأزمة في 22 أكتوبر 1979، عندما سمح الرئيس جيمي كارتر للشاه المصاب بالسرطان بدخول الولايات المتحدة لتلقي الرعاية الطبية، كان رد الفعل في إيران شديدا خارج السفارة، قام الطلاب الغاضبون وكثير منهم من أسر تقليدية من الطبقة الوسطى بإحراق الأعلام الأمريكية.
عش الجواسيس
كان صباح 4 نوفمبر رماديا وماطرا، استمرت المظاهرات بقوة، ولاحظ روزين من نافذته أن الطلاب كانوا يتسلقون جدران السفارة، ثم بدأ الطرق القوي على الأبواب، وعندما فتحت سكرتيرة روزين، تدفق الطلاب الذين كانوا يشبهون الأولاد أكثر من الرجال، إلى الغرفة واتهموه بأنه جزء من «عش الجواسيس»، تم تقييده وربط عينيه في البداية واحتجازه في مطبخ غرفة السفير، مثل الرهائن الآخرين الذين تم تقييدهم على الكراسي في غرف مظلمة في السفارة المترامية الأطراف ومراقبتهم على مدار الساعة.
كل ليلة، كان يحاول البقاء مستيقظا، وحاول بعض الرهائن الانتحار، ضرب أحدهم رأسه بالحائط بشكل متكرر، وحاول آخر قطع معصميه بالزجاج، ولم يكن روزين محصنا فقد حاول هو الآخر الانتحار، يقول «كل يوم، أردت أن أموت».
كان الطلاب يسيطرون على وقت أكل الرهائن، وعندما سمح لهم باستخدام الحمام بعد استمرار أيام الجوع والإذلال والرعب، وبرودة السفارة غير المدفئة، سقط روزين في حالة من الاكتئاب.
محاولة إنقاذ
في أبريل 1980 قامت الولايات المتحدة الأمريكية بمهمة إنقاذ، لكن تم إجهاضها عندما عطلت عاصفة رملية في الصحراء الإيرانية طائرات الهليكوبتر المجهزة للقيام بالمهمة، دعمت إحدى المروحيات التي تم إيقافها على الأرض واصطدمت بطائرة للتزود بالوقود، مما تسبب في انفجار أسفر عن مقتل ثمانية من أفراد الخدمة.
دفعت أنباء المحاولة الفاشلة الخاطفين إلى تقسيم الرهائن إلى مجموعات وإرسالهم إلى مواقع مختلفة في جميع أنحاء البلاد، نزل روزين في زنزانة بلا نوافذ فيما يعتقد أنها مدينة أصفهان، على بعد 250 ميلا جنوب طهران.
وفي أحد الأيام، وبدون سابق إنذار، تم اقتياد الرهائن إلى الخارج وحزموا في شاحنة ونقلوا إلى سجن إيفين سيئ السمعة في طهران، وهو الموقع المفضل لتعذيب وإعدام المعارضين، كان السجن أفضل بالنسبة له لأنه أكثر دفئا، وكان كل 4 من الرهائن في زنزانة.
صفقة ريجان
في 20 يناير 1981، تم تنصيب الرئيس المنتخب رونالد ريجان في واشنطن، وطلب من الرهائن في طهران أن يحزموا أمتعتهم، لم يكن لدى روزين والآخرين أي فكرة أن الولايات المتحدة وافقت على إلغاء تجميد 8 مليارات دولار من الأصول الإيرانية كجزء من صفقة للإفراج عن الرهائن، كانوا قد أمضوا 444 يوما في الأسر.
يقول «عدت إلى وضع كانت فيه عائلتي مختلفة من نواح معينة، كان اندماجي مرة أخرى في الأسرة بطيئا. أردت أن أكون لطيفا جدا مع الأطفال، خاصة مع أريانا، التي كانت مجرد طفلة عندما غادرت، كنت أرغب في التأكد من أنها لم تكن تراني كشخص غريب».
علاج الاكتئاب
بعد فترة وجيزة من عودة روزين، عرض عليه رئيس جامعة كولومبيا مايكل سوفرن زمالة لإجراء بحث حول الروائيين الإيرانيين وتاريخ آسيا الوسطى، وافق وانتقلت العائلة إلى ريفرسايد درايف، يقول «لقد كانت فترة شاقة، لأنني كنت أعالج من الاكتئاب».
لا يزال روزين منخرطا في قضايا حقوق الإنسان في إيران، ويشارك في منظمة Hostage Aid Worldwide، وهي منظمة ناشئة للناجين من محن الرهائن التي تستخدم البيانات، بما في ذلك وثائق وزارة الخارجية غير السرية أخيرا، والتي تعنى بتغيير حياة الرهائن، وقد ظل على اتصال ببعض زملائه السابقين في الأسر الإيراني، ومعظمهم يواصلون جهودهم المستمرة للحصول على تعويض من الحكومة الأمريكية.
أزمة الرهائن الشهيرة في أرقام:
- 52 أمريكيا كانوا يعملون بالسفارة في طهران
- 1979 اندلاع الثورة الإيرانية والغضب ضد أمريكا
- 444 يوما مدة احتجازهم في إيران
- 4 نوفمبر 1979 بداية الاحتجاز
- 24 أبريل 1980 شهد عملية إنقاذ فاشلة
- 20 يناير 1981 إطلاق سراح المحتجزين
- 8 مليارات دولار قبضتها إيران مقابل الإفراج