هل ترك ترمب إرثا مفجعا لبايدن؟

محلل: الرئيس الأمريكي حول السخرية إلى واقع مؤلم
محلل: الرئيس الأمريكي حول السخرية إلى واقع مؤلم

السبت - 16 يناير 2021

Sat - 16 Jan 2021

منذ أكثر من خمس سنوات استقل دونالد ترمب المصعد الذهبي لينزل من برج ترمب في نيويورك، ليعلن عن خوض سباق رئاسي كانت فرصته فيه ضئيلة.

كان ترمب عندئذ شخصا هامشيا دخيلا في الحزب الجمهوري، ونجما لتلفزيون الواقع، المشهور بتقطيع شرائح اللحم وربطات العنق، والذي قوبل ترشحه بسخرية من جانب النخبة السياسية.

وبلغت عواقب أربع سنوات من حكم ترمب في البيت الأبيض إلى ذروتها في وقت سابق من هذا الشهر عندما قام حشد من أنصاره بنهب مبنى الكونجرس (الكابيتول)، ما أدى إلى مقتل رجل شرطة، وإيقاف المصادقة على فوز الرئيس المنتخب جو بايدن بشكل موقت.

خالف الأعراف

وقالت مجموعة تضم أكثر من 1000 مؤرخ وكاتب في رسالة مفتوحة تدعم عزلا ثانيا للرئيس ترمب «طوال ولايته الرئاسية، تحدى ترمب الدستور وخالف القوانين والأعراف والممارسات والسوابق، التي يتعين محاسبته عليها الآن وبعد مغادرة منصبه».

وقالت المجموعة «لا ينبغي أن يكون مرور نموذج التحدي من جانب ترمب بدون عقاب أمرا مغريا بالنسبة لأي رئيس في المستقبل».

وأشار مايكل بيشلوس، وهو مؤرخ للأحداث الرئاسية لقناة (أم إس إن بي سي) في شهر ديسمبر الماضي عن ترمب «إنه كان مسؤولا إلى حد كبير عن وفاة مئات الآلاف من الأمريكيين بدون داع».

ومع تصويت أكثر من 74 مليون أمريكي لصالح ترمب، واعتقاد جزء كبير من هؤلاء الناخبين أن الديمقراطيين سرقوا الانتخابات، ساعد ترمب الكثير من أفراد المجتمع الأمريكي على العيش في واقع زائف يمكن أن يؤثر على العديد من جوانب فترة ولاية بايدن.

حرب تجارية

وبعد سنوات من موافقة الحزب الجمهوري علانية وضمنيا على خطاب ترمب المعادي للأجانب، يدفع العديد من المشرعين الديمقراطيين، مثل ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، صوب التوصل إلى توافق ولو بقدر قليل بين الحزبين وانتهاج سياسات واسعة النطاق بشأن تغير المناخ، والعدالة الجنائية، وإصلاح الهجرة.

وأدى ترشيح ترامب للقاضية آمي كوني باريت بعد أيام قليلة من وفاة أيقونة المحكمة الليبرالية روث بادر جينسبيرج بشكل حاسم إلى تغيير التوازن الأيديولوجي للمحكمة نحو الأيديولوجية المحافظة، وهو الأمر الذي من المرجح أن يلعب لعقود قادمة دورا محوريا في قضايا الإجهاض وحقوق حيازة السلاح والحصول على الرعاية الصحية.

وأشرف الرئيس ترمب أيضا على سياسة خارجية ابتعدت عن الحلفاء الأوروبيين، وأشعلت حربا تجارية مع الصين، بينما انقلب على الاتفاق النووي الإيراني، وعزز الاحتلال الإسرائيلي بالنسبة للفلسطينيين.

إرث مفجع

وربما يتمكن بايدن بسرعة من علاج تأثير إرث ترمب على بعض القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية، فأوروبا، على سبيل المثال، تستقبل رئاسة بايدن بأذرع مفتوحة بعد سنوات من سياسات ترامب المريرة تجاه المنطقة.

كما تعهد بيدن بالانضمام مرة أخرى إلى اتفاقية باريس للمناخ، مما يمنح الولايات المتحدة فرصة أخرى لقيادة السياسة العالمية الخاصة بتغير المناخ.

ومن المرجح أن يثبت إرث ترمب أنه باق لفترة أطول في ساحات أخرى. وليس من الواضح ما إذا كان بإمكان بايدن أن يحيي الاتفاق النووي الإيراني.

وكتب ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية «بينما كان العالم يشهد اضطرابا متناميا بالفعل، وبينما كان النفوذ الأمريكي يضمحل بالفعل، قام ترمب بتسريع وتيرة هذين التوجهين بشكل مثير»، وأضاف هاس «خلاصة القول هو أنه يسلم بلدا وعالما في حالة أسوأ بكثير مما ورثهما، وهذا هو إرثه المفجع».

مستقبل غامض

ويبدو أن سياسات ترمب تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وإيران قد خلقت وضعا راهنا جديدا في المنطقة شدد من قبضة سيطرة إسرائيل على الأراضي التي يطالب بها الفلسطينيون، وأنشأت سفارة أمريكية جديدة في القدس سوف يكون من الصعب على بايدن من الناحية السياسية واللوجستية إعادتها إلى تل أبيب.

في الوقت الذي ينهي فيه بايدن ولاية حكم ترمب الفوضوية في يناير الجاري، يظل مستقبله في الحزب الجمهوري وفي السياسة الأمريكية غير واضح، وبعد كل هذا، فإنه لم يواجه بعد محاكمة في مجلس الشيوخ.

لكن مما لا شك فيه أن تأثيره سوف يستمر.