متى تنتهي مقامرة إردوغان؟
12 دولة تعاني من تدخلات الرئيس التركي ورغبته في استعراض العضلاتالهشاشة الاقتصادية وتراجع الليرة يهددان مغامرات الرئيس العسكرية
12 دولة تعاني من تدخلات الرئيس التركي ورغبته في استعراض العضلاتالهشاشة الاقتصادية وتراجع الليرة يهددان مغامرات الرئيس العسكرية
الخميس - 31 ديسمبر 2020
Thu - 31 Dec 2020
على الرغم من المشكلات المالية الداخلية والعلاقات المتوترة مع الحلفاء الغربيين، لا يزال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يجد الوقت بطريقة ما لمواصلة اشتباكات عسكرية طموحة في بعض من أشد مناطق الصراع ضراوة في العالم.
ويتواجد الجيش التركي حاليا في 12 دولة على الأقل، ويحتفظ بقواعد في الصومال وقطر وينخرط بشكل مباشر في صراعات حية بكل من سورية وليبيا، وستنشر أنقرة قريبا قوة حفظ سلام في منطقة ناجورنو كاراباخ المتنازع عليها في جنوب القوقاز، وفي أماكن أخرى.
وتحرس البحرية التركية عمليات التنقيب عن النفط والغاز المثيرة للجدل في شرق البحر المتوسط، رغم الاحتجاجات المدوية من جانب الاتحاد الأوروبي وخطر الاشتباكات مع القوات اليونانية والقبرصية والفرنسية في المنطقة، كل هذا يأتي في أعقاب محاولة انقلابية فاشلة عام 2016 شهدت استبعاد آلاف من الجنود ذوي الخبرة من الجيش.
فلماذا إذن يحرص إردوغان الآن على كل هذه المغامرات العسكرية؟
ورقة رابحة
يكمن جزء من الإجابة في تجدد القومية التركية، وهي ورقة رابحة يقول محللون «إن إردوغان تعلم خلال 17 عاما قضاها في السلطة كيف يستخدمها لمصلحته السياسية الداخلية». ويقول سونر جاجابتاي، مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى «لم يبدأ إردوغان الحروب المنخرط فيها حاليا، لكنه يوائم غريزة البقاء لديه مع مخاوف تركيا الأمنية القومية الأوسع نطاقا».
ويضيف «إن العديد من الأتراك معجبون للغاية حاليا بهذه السياسة الخارجية الجديدة القوية والتي تسمح لأنقرة بالوصول إلى ما وراء حدودها».
ومع ذلك، وبالرغم من كل مواقفه الخارجية المشاكسة، فإن قوة إردوغان تتوازن على قاعدة دعم محلية تعاني حاليا من فقدان الوظائف وتراجع القوة الشرائية لليرة وارتفاع التضخم.
نقطة ضعف
ويرى محللون أن هذا الاعتماد على الاستقرار الاقتصادي هو نقطة ضعف إردوغان، على الأقل في عام سيطرت عليه جائحة عالمية مدمرة وما لها من تداعيات اقتصادية، وفقدت الليرة التركية أكثر من 30% من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي منذ بداية عام 2020.
ويقول الخبير الاقتصادي سيف الدين جروسل: «إن تركيا ربما لا تواجه انهيارا اقتصاديا كاملا حتى الآن، لكنها ربما تعاني من انخفاض النمو وارتفاع البطالة لبعض الوقت مستقبلا.
وبجانب الهشاشة الاقتصادية، ثمة تهديد رئيس آخر لمغامرات إردوغان العسكرية وهو اعتماد تركيا على أسلحة صنعتها الولايات المتحدة وألمانيا، حليفتا أنقرة الغربيتان التقليديتان.
خسائر بشرية
ويقول كساب أوغلو «إن تعميم استخدام الطائرات بدون طيار في الجيش التركي يعد عامل تمكين أساس للنشاط العابر للحدود، فهذه الأنظمة فعالة من حيث التكلفة وتحد من الخسائر البشرية وأسعارها معقولة فضلا عن كونها توفر أصولا جيدة للتصدير».
وقال الخبير الدفاعي هاكان كيليتش، «إن الطائرات التركية بدون طيار من طراز «بيرقدار تي بي 2» جذبت الانتباه العالمي هذا العام لحملاتها الناجحة في سورية وليبيا وناجورنو كاراباخ».
ويقدر كيليتش أن تكلفة الطائرة الواحدة (تي بي 2) التي تستطيع التحليق لمدة 27 ساعة، هي نحو سبعة ملايين دولار. وهي أرخص بعشر مرات من مقاتلة حديثة (إف-16) التي يمكنها التحليق في الجو لمدة ثلاث ساعات فقط.
مناورة تركية
ويقول المحلل جاجابتاي المقيم في الولايات المتحدة «أعتقد أن الجيش الأمريكي يحب حقيقة أن تركيا منعت هذه الدول من الوقوع تحت السيطرة الروسية في الغالب».
ويضيف أنه بالمثل، فإن «علاقة إردوغان المستدامة» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، توفر له مجالا للمناورة في مناطق الصراع الرئيسة، رغم تحذير من أن الاعتماد على روسيا قد يكون بمثابة عائق على المدى المتوسط.
وتعني هذه الرؤية المستقبلية الماكرة، إلى جانب تحول في القيادة الأمريكية العالمية، أن إردوغان في وضع يسمح له بمواصلة مغامراته العسكرية لبعض الوقت في المستقبل.
صفعة أمريكية
ورغم أن العقوبات الأمريكية الأخيرة بموجب (قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات) لعام 2017 ردا على شراء تركيا أنظمة الدفاع الجوي الروسية (إس 400)، تعتبر خفيفة نسبيا، فإنها ما زالت هي الأسوأ بالنسبة لطموحات إردوغان العسكرية، ويقول كساب أوغلو «إن تلك العقوبات الأمريكية قد تضر بالقوة الشرائية لتركيا في مجال الدفاع».
ووجهت الولايات المتحدة بالفعل صفعة لقدرات البلاد القتالية الجوية المستقبلية، حيث علقت مشاركة أنقرة في برنامج الإنتاج المشترك لمقاتلات (إف 35)، وهي خطوة يقول كيليتش إنها ستكلف 10 متعاقدين أتراك حوالي 12 مليار دولار، لكن هناك بصيص أمل يلوح في الأفق بالنسبة لمغامرات إردوغان العسكرية، يتمثل في الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، الذي من المرجح أن يدعم تركيا في سورية وليبيا بينما يشجع جهود السلام في جنوب القوقاز.
سرب أمريكي
وقال مصدر دفاعي لوكالة الأنباء الألمانية: «إن سرب القوات الجوية القتالي التركي بأكمله إما من صنع الولايات المتحدة أو يطير بقطع إمداد أمريكية، وفي الوقت نفسه، فإن أكثر من نصف سلاح الدبابات ونصف الأسطول القتالي للبحرية من صنع الولايات المتحدة، والباقي مصدره ألمانيا، بحسب المصدر».
وغالبا ما يحث إردوغان الشركات المحلية على المساعدة في تعزيز الاستثمارات الدفاعية، رغم أن تلك الجهود غالبا ما تقوضها مكونات أجنبية في شركات الأسلحة المحلية، حسبما يقول جان كساب أوغلو، مدير برنامج الدفاع والأمن في مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية (إدام)، ومقره أسطنبول.
ومع العلم بذلك، ومع استمرار توتر العلاقات مع الغرب بسبب تدخل تركيا في العديد من مجالات الصراع، تركز البلاد على تطوير معداتها الدفاعية الخاصة، وأبرزها الطائرات بدون طيار الحديثة «تي بي 2».
ويتواجد الجيش التركي حاليا في 12 دولة على الأقل، ويحتفظ بقواعد في الصومال وقطر وينخرط بشكل مباشر في صراعات حية بكل من سورية وليبيا، وستنشر أنقرة قريبا قوة حفظ سلام في منطقة ناجورنو كاراباخ المتنازع عليها في جنوب القوقاز، وفي أماكن أخرى.
وتحرس البحرية التركية عمليات التنقيب عن النفط والغاز المثيرة للجدل في شرق البحر المتوسط، رغم الاحتجاجات المدوية من جانب الاتحاد الأوروبي وخطر الاشتباكات مع القوات اليونانية والقبرصية والفرنسية في المنطقة، كل هذا يأتي في أعقاب محاولة انقلابية فاشلة عام 2016 شهدت استبعاد آلاف من الجنود ذوي الخبرة من الجيش.
فلماذا إذن يحرص إردوغان الآن على كل هذه المغامرات العسكرية؟
ورقة رابحة
يكمن جزء من الإجابة في تجدد القومية التركية، وهي ورقة رابحة يقول محللون «إن إردوغان تعلم خلال 17 عاما قضاها في السلطة كيف يستخدمها لمصلحته السياسية الداخلية». ويقول سونر جاجابتاي، مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى «لم يبدأ إردوغان الحروب المنخرط فيها حاليا، لكنه يوائم غريزة البقاء لديه مع مخاوف تركيا الأمنية القومية الأوسع نطاقا».
ويضيف «إن العديد من الأتراك معجبون للغاية حاليا بهذه السياسة الخارجية الجديدة القوية والتي تسمح لأنقرة بالوصول إلى ما وراء حدودها».
ومع ذلك، وبالرغم من كل مواقفه الخارجية المشاكسة، فإن قوة إردوغان تتوازن على قاعدة دعم محلية تعاني حاليا من فقدان الوظائف وتراجع القوة الشرائية لليرة وارتفاع التضخم.
نقطة ضعف
ويرى محللون أن هذا الاعتماد على الاستقرار الاقتصادي هو نقطة ضعف إردوغان، على الأقل في عام سيطرت عليه جائحة عالمية مدمرة وما لها من تداعيات اقتصادية، وفقدت الليرة التركية أكثر من 30% من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي منذ بداية عام 2020.
ويقول الخبير الاقتصادي سيف الدين جروسل: «إن تركيا ربما لا تواجه انهيارا اقتصاديا كاملا حتى الآن، لكنها ربما تعاني من انخفاض النمو وارتفاع البطالة لبعض الوقت مستقبلا.
وبجانب الهشاشة الاقتصادية، ثمة تهديد رئيس آخر لمغامرات إردوغان العسكرية وهو اعتماد تركيا على أسلحة صنعتها الولايات المتحدة وألمانيا، حليفتا أنقرة الغربيتان التقليديتان.
خسائر بشرية
ويقول كساب أوغلو «إن تعميم استخدام الطائرات بدون طيار في الجيش التركي يعد عامل تمكين أساس للنشاط العابر للحدود، فهذه الأنظمة فعالة من حيث التكلفة وتحد من الخسائر البشرية وأسعارها معقولة فضلا عن كونها توفر أصولا جيدة للتصدير».
وقال الخبير الدفاعي هاكان كيليتش، «إن الطائرات التركية بدون طيار من طراز «بيرقدار تي بي 2» جذبت الانتباه العالمي هذا العام لحملاتها الناجحة في سورية وليبيا وناجورنو كاراباخ».
ويقدر كيليتش أن تكلفة الطائرة الواحدة (تي بي 2) التي تستطيع التحليق لمدة 27 ساعة، هي نحو سبعة ملايين دولار. وهي أرخص بعشر مرات من مقاتلة حديثة (إف-16) التي يمكنها التحليق في الجو لمدة ثلاث ساعات فقط.
مناورة تركية
ويقول المحلل جاجابتاي المقيم في الولايات المتحدة «أعتقد أن الجيش الأمريكي يحب حقيقة أن تركيا منعت هذه الدول من الوقوع تحت السيطرة الروسية في الغالب».
ويضيف أنه بالمثل، فإن «علاقة إردوغان المستدامة» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، توفر له مجالا للمناورة في مناطق الصراع الرئيسة، رغم تحذير من أن الاعتماد على روسيا قد يكون بمثابة عائق على المدى المتوسط.
وتعني هذه الرؤية المستقبلية الماكرة، إلى جانب تحول في القيادة الأمريكية العالمية، أن إردوغان في وضع يسمح له بمواصلة مغامراته العسكرية لبعض الوقت في المستقبل.
صفعة أمريكية
ورغم أن العقوبات الأمريكية الأخيرة بموجب (قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات) لعام 2017 ردا على شراء تركيا أنظمة الدفاع الجوي الروسية (إس 400)، تعتبر خفيفة نسبيا، فإنها ما زالت هي الأسوأ بالنسبة لطموحات إردوغان العسكرية، ويقول كساب أوغلو «إن تلك العقوبات الأمريكية قد تضر بالقوة الشرائية لتركيا في مجال الدفاع».
ووجهت الولايات المتحدة بالفعل صفعة لقدرات البلاد القتالية الجوية المستقبلية، حيث علقت مشاركة أنقرة في برنامج الإنتاج المشترك لمقاتلات (إف 35)، وهي خطوة يقول كيليتش إنها ستكلف 10 متعاقدين أتراك حوالي 12 مليار دولار، لكن هناك بصيص أمل يلوح في الأفق بالنسبة لمغامرات إردوغان العسكرية، يتمثل في الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، الذي من المرجح أن يدعم تركيا في سورية وليبيا بينما يشجع جهود السلام في جنوب القوقاز.
سرب أمريكي
وقال مصدر دفاعي لوكالة الأنباء الألمانية: «إن سرب القوات الجوية القتالي التركي بأكمله إما من صنع الولايات المتحدة أو يطير بقطع إمداد أمريكية، وفي الوقت نفسه، فإن أكثر من نصف سلاح الدبابات ونصف الأسطول القتالي للبحرية من صنع الولايات المتحدة، والباقي مصدره ألمانيا، بحسب المصدر».
وغالبا ما يحث إردوغان الشركات المحلية على المساعدة في تعزيز الاستثمارات الدفاعية، رغم أن تلك الجهود غالبا ما تقوضها مكونات أجنبية في شركات الأسلحة المحلية، حسبما يقول جان كساب أوغلو، مدير برنامج الدفاع والأمن في مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية (إدام)، ومقره أسطنبول.
ومع العلم بذلك، ومع استمرار توتر العلاقات مع الغرب بسبب تدخل تركيا في العديد من مجالات الصراع، تركز البلاد على تطوير معداتها الدفاعية الخاصة، وأبرزها الطائرات بدون طيار الحديثة «تي بي 2».