كلهم يهربون من إردوغان

بكديل: أمريكا وأوروبا تشددان العزلة السياسية والاقتصادية على تركيا
بكديل: أمريكا وأوروبا تشددان العزلة السياسية والاقتصادية على تركيا

الأربعاء - 09 ديسمبر 2020

Wed - 09 Dec 2020

«الاقتصاد ينهار بسرعة، المستثمرون يهربون، الناخبون يتذمرون من بلوغ التضخم وأسعار الفائدة نطاق الخانتين، الليرة تهوي وتهوي، بينما ترتفع البطالة بحدة».. هذا ما يحدث بدقة في تركيا الآن، وفي كل مرة يظهر الرئيس رجب طيب إردوغان ويتحدث بطريقة عبثية عن الإصلاحات ويعد بتطبيق الديمقراطية، ويؤكد أنه سيقلب مسار الانهيار الاقتصادي، ثم يذهب ذلك هباء منثورا.

وصف الصحفي التركي بوراك بكديل قراءة في «معهد غيتستون» الأمريكي، مشكلة إردوغان بأنها تتمثل في تعزيز النقص الديمقراطي بشكل متهور، وإضعاف المؤسسات، ورفض الاعتراف بحدود السلطات في النظام الديمقراطي.

ويقول «يعزل الرئيس التركي بلاده عن حلفائها الغربيين ويتبع سياسة خارجية قائمة على استعادة أراض «مفقودة» افتراضا، تركيا اليوم على خلاف مع الولايات المتحدة وأوروبا في وقت واحد»، ويشدد على أن العزلة السياسية تنتج عزلة اقتصادية.

تحديات وإمكانات

لفت بكديل إلى أنه في نهاية أكتوبر الماضي، تحدى إردوغان الولايات المتحدة كي تفرض عقوبات على دولته، بينما أطلق هجوما شخصيا ثانيا على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وقال للأمريكيين «مهما كانت عقوباتكم، فلا تتأخروا»، ثم توجه إلى ماكرون قائلا «الرجل المسؤول عن فرنسا أضل طريقه».

أتى ذلك بعد يوم واحد على اقتراحه بأن الرئيس الفرنسي بحاجة إلى عناية بصحته العقلية بعدما انتقد الإسلامويين المتطرفين، وقال إردوغان أيضا للقادة الأوروبيين «أنتم فاشيون بالمعنى الحقيقي للكلمة، أنتم فعلا صلة الوصل في السلسلة النازية»، وفي نهاية أكتوبر توجه إلى الهولنديين عبر إحياء حديثه الصاخب قبل ثلاث سنوات «أنتم فاشيون وبقايا النازية».

وأكد أنه مع تقديم الاقتصاد مؤشرات أكثر سلبية، ومع فقدان الليرة ثلث قيمتها مقابل الدولار هذه السنة، برزت أزمة وشيكة في ميزان المدفوعات، وبحلول 3 نوفمبر الماضي، كانت الليرة التركية أكبر عملة خاسرة في العالم لسنة 2020، طرد إردوغان حاكم البنك المركزي مراد أويصال في 6 نوفمبر، وبعد يومين، أقال صهره ووزير الخزانة بيرات البيرق، وفي 13 نوفمبر، أطلق ما سماه البرنامج الجديد والشامل للإصلاحات الاقتصادية والقضائية، ووصف الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالين البرنامج بأنه «توجه جديد لزيادة معايير الحريات والحقوق الديمقراطية».

إصلاح فاشل

كشف بكديل عن دوافع إردوغان الضمنية التي تقف خلف تحركه الأخير، فقال إن أي حملة علاقات عامة مصممة لتحجيم الأضرار ستكون غير كافية إن لم تترافق مع لغة أفضل عن الغرب أو عن «النازيين» وفقا لتعبير إردوغان.

في 21 نوفمبر، قال الرئيس التركي «نحن لا نرى أنفسنا في أي مكان آخر خارج أوروبا»، وأضاف «نحن نتصور بناء مستقبلنا مع أوروبا»، وبعد يومين، وصف وزير الدفاع التركي خلوصي آكار حلف شمال الأطلسي بأنه «حجر الزاوية لسياستنا الدفاعية والأمنية» مشددا على أن تركيا تتطلع إلى العمل مع إدارة بايدن المقبلة.

لا يتحدث إردوغان عن الإصلاحات لأنه يريد إصلاح الديمقراطية المتعثرة في البلاد، يستهدف تحركه الأخير جذب الاستثمارات في وقت يدق الاقتصاد التركي جرس الإنذار، وحتى وزير العدل السابق الذي عينه إردوغان جميل شيشك الذي يشغل حاليا منصب عضو في المجلس الرئاسي الاستشاري أعرب عن تشاؤمه حيال الإصلاح، وقال «استهلكت كثيرا كلمة «إصلاح». يجب على الجميع ألا يتوقعوا شيئا (من الجهد الجديد)».

مراتب متدنية

ويرى الكاتب أنه ليس صدفة أن تضع منظمة فريدوم هاوس تركيا في لائحة الدول «غير الحرة» سنة 2020 إلى جانب دول مثل أفغانستان وأنغولا وبيلاروسيا وبروناي وقطر وإيران وليبيا وكوريا الشمالية وغيرها. وفقا لمشروع العدالة العالمية، تحل تركيا في المرتبة 107 من أصل 128 دولة في مجال حكم القانون. وبحسب منظمة «مراسلون بلا حدود»، تحتل تركيا المرتبة 154 من أصل 180، وهي أسوأ من مراتب باكستان والكونغو وبنجلاديش.

ويشدد على أن وعود إردوغان الإصلاحية هي إشكالية بشكل كبير: ليست حقيقية، كما أنها قليلة جدا ومتأخرة جدا. بعد أيام قليلة على إطلاق حملته الإصلاحية، رفض الدعوات لإطلاق سجينين هما سياسي كردي وناشط حقوقي.

يقول المحلل السياسي البارز ومدير شركة كوندا للأبحاث بكير أغيدير «صمد برنامج إردوغان للإصلاح تسعة أيام فقط».

يرى بكديل أن إردوغان في مأزق خطير: هو يريد أن تعاني دولته كأي ديمقراطية في العالم الثالث، بينما يأمل في جذب الاستثمار الغربي بالكميات والشروط نفسها التي تتمتع بها ديمقراطية غربية. «هذا لن يحدث»، بحسب الكاتب.

أرقام مؤلمة للرئيس التركي:

63,014 تركيا اتهموا بإهانة إردوغان

9554 شخصا حوكموا منهم

1.7 %فقط من الأتراك يثقون بنظامهم القضائي

1.2 % فقط يثقون في البرلمان