شاهر النهاري

تلحيم كسور لؤلؤ الخليج

الاثنين - 07 ديسمبر 2020

Mon - 07 Dec 2020

أسطورة قديمة كنا نسمعها على ألسن الجدات في جنوب السعودية، تفسر قيام الرضيع المولود للتو بفتح عينيه ضاحكا، ثم إغماضهما بالبكاء، بأنه يتفاعل مع ما تهمسه الأرنبة (الشرفية)، في أذنه أثناء أحلامه، وهي تشاكسه: أمك ماتت، فيبكي. ثم تهدئه: أمك حية ترزق، فيضحك!

وهذا حال المتضررين من الأزمة الخليجية، أو أزمة قطر، وما استجد عليها طوال السنوات الثلاث الأخيرة بالمقاطعة الرباعية لها، فتحيا آمالهم ساعة وتموت ساعة، بين ضحك وبكاء.

العلاقات لم تكن سيئة فقط، ولكنها كانت تسوء يوما بعد يوم، بوجود التعالي واللامبالاة في مفاهيم الحكومة القطرية، المستمرة في غرورها بالأهمية والقدرة، وتلبسها بعباءة الحقوق والعدالة خارج حدود أرضها، وانتهاج السياسة الخبيثة، والاصطفاف مع أعداء مجلس التعاون الخليجي، إيران وتركيا، واحتواء ودعم كل معارض وإرهابي، وبذل الدعم السخي لكل منظمة حقوقية أو جامعة أجنبية أو مركز أبحاث أو قناة إعلامية مغرضة تتبنى تشويه سمعة دول المقاطعة.

العداء لم يكن سياسيا فقط، ولكن الشعوب أيضا وجدت نفسها خصما على مواقع التواصل، وشارك كل مدسوس وعميل في دق الإسفين وإشعال الفتنة، والإساءة لشعب قطر ودول المقاطعة، بشكل لن يكون محوه سهلا.

الرئيس الأمريكي ترمب ومستشاره كوشنر يسابقان عقارب الساعة لتغيير تركيبة الشرق الأوسط، بالصلح الإسرائيلي مع الإمارات والبحرين، والسودان، وتنفيذ صفقة القرن، قبل انقضاء أيامهما الأخيرة.

الصلح الخليجي يحتاج الصدق والنية الصافية والاحترام المتبادل والتنازل بين الإخوة، بمعرفة أن السياسة قد حطمت دانة اللؤلؤ، وأن استعادة لونه ولمعته وجودته عملية صعبة معجزة في وضع النفور الحالي.

السعودية دورها محوري بوصفها زعيمة للعالم الإسلامي، وأخت كبرى لدول الخليج، وفاعلة بمحورها مع مصر والدول العربية الباحثة عن الأمن والتنمية والسلام، وقد ظلت تنتظر الأخت الصغرى لتعود عن نزواتها، لتقليل الخسائر، ورأب الصدوع العديدة، وتوحيد جهود تنقية ثرى العالم العربي كافة من الثورات والدخلاء والحروب وجماعات الإرهاب والفساد والشتات، ومؤامرات الحقد والخيانات وبناء العلاقات والمواثيق على أسس عهن ووهن.

هل يمكن أن تنتهي الأزمة الخليجية بحب حقيقي وصفاء وشفافية ومقاربة للحد الأدنى من رغبات الطرفين؟ أم إنها فرصة قطر لإنتاج مسلسلات إثارة جديدة، يتم تحفيزها بحركات (بات مان) و(سوبر مان) وجاسوسية (جمس بوند)، وتطوير المحسنات الصوتية والتصويرية لتزيد العالم شدا وجذبا، ومرحلة أبعد لتأكيد أصالة النفور بين إخوة عرب خليجيين، كان لهم تاريخ إيثار الأهل، وحميمية المشاعر والأصالة والكرم والنخوة والوفاء بالعهود.

لا نريد بناء علاقاتنا على زعيم أمريكي يأتي أو يذهب، ولا علاقات يشوبها اصطفاف خانع مع دول إقليمية حاقدة تتمنى لدولنا الزوال، ولا نحبذ علاقات تبنى على خداع التبن وهو مبسوط فوق بركة المياه الراكدة.

shaheralnahari@