جيسنر: إردوغان أكبر مشاكل الاقتصاد التركي
السبت - 05 ديسمبر 2020
Sat - 05 Dec 2020
وأكد جيسنر في تحليل نشرته مجلة (فورين بوليسي) على أن أداء الاقتصاد التركي يعتبر الأسوأ بين الاقتصادات الناشئة في العام الجاري، مشيرا إلى أن الأسواق على المدى الطويل تستجيب بإيجابية لليقين وتنهار أمام العشوائية، أما على المدى القصير فتميل هذه الأسواق إلى التحسن حين تطرأ أخبار إيجابية، حتى لو لم تؤد إلى مكاسب فعلية.
وأشار إلى أن استقرار الليرة التركية ووقف انهيارها أمام الدولار منذ شهر تقريبا ليس مفاجئا، لكنه جاء بعد تغيير في الهيكل الاقتصادي للبلاد، بطرد حاكم البنك المركزي ورحيل صهر إردوغان ووزير الخزانة التركي بيرات البيرق، ورغم ترحيب المستثمرين إلا أن هناك الكثير من الحذر.
مغامرات الرئيس
وأكد جيسنر في تقرير نقلته (24) الإماراتية على أن طريق عودة الاقتصاد التركي إلى سابق عهده طويل، ويتطلب سياسة اقتصادية متجانسة لا تقودها نظريات المؤامرة وسياسات القوة التي اعتمدها إردوغان في السنوات الماضية.
ولفت إلى أن ذلك يحتاج إلى حكومة تكبح جماح مغامراتها الخارجية وعدوانيتها في شرق المتوسط حيث أضرتا بعلاقات تركيا مع أكبر شريك تجاري لها وهو الاتحاد الأوروبي، حيث إن انتهاك تركيا لواجباتها في الاتحاد الجمركي الذي يربطها مع بروكسل قلص التجارة بشكل بارز.
وسببت السياسات الخارجية التركية ترددا واسعا قبل الاستثمار ماليا في السوق التركية. وحذر تقرير لمجموعة سانتاندر من القرب من النزاعات في سوريا والعراق اللذين يعززان المخاطر الأمنية بالتوازي مع زيادة الاضطرابات والنزاع السياسي.
ولفت جيسنر إلى إن التغييرات البارزة والملموسة وحدها هي التي ستعيد ثقة المستثمرين في قدرة الدولة على سد العجز المالي الحاد، واستعادة الاستثمار الأجنبي المباشر الذي تحتاجه البلاد.
سوء الإدارة
ويقول جيسنر «بعد 17 عاما من سوء إدارة إردوغان هربت الأموال الأجنبية، وكان ذلك واضحا في تقرير البنك المركزي التركي في يونيو، حين أظهرت الإحصاءات سحب أكثر من 8 مليارات دولار من أسواق الأسهم التركية بين يناير ويونيو».
ويبلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي في البورصة التركية ربع ما بلغه في 2013، والذي بلغ 82 مليار دولار. ورغم أن هروب رؤوس الأموال تعزز بعد جائحة كورونا، لكن الاقتصاد التركي لم يساعد في تقييده.
وتضمنت الإجراءات التي أدت إلى تآكل ثقة المستثمرين في البيع على المكشوف، وهي ممارسة يراهن فيها المستثمرون على ورقة مالية لتخفيض قيمتها وإعادة شرائها لاحقا بسعر أقل، وشملت إقراض الأوراق المالية، وهو جزء لا يتجزأ من البيع على المكشوف، وسط مخاوف جدية مبنية على أسس متينة من آفاق تأميم الكيانات الخاصة.
أعداء مجهولون
وأكد على أن إسطنبول وضعت قيودا على السيولة والمعاملات المشتقة، وهي أدوات مالية معقدة وغامضة يستخدمها غالبا مستثمرون مغامرون، دون اهتمام بتقلباتها الشديدة والمتأصلة فيها، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات التي تقوض السوق الحرة لم توقف نبرة إردوغان العدوانية تجاه الاستثمار الخارجي في الاقتصاد التركي، منذ تعزيز سلطاته سنة 2018، في تحسين الأوضاع.
واشار إلى أن إردوغان أنكر أي علاقة بين سياسات حكومته وانهيار الاقتصاد التركي، ليصل فهم الرئيس التركي الأولي للمبادئ الاقتصادية إلى حد العبث، وأثار الجدل بحديثه عن أعداء مجهولين، مثل (لوبي أسعار الفائدة) فانتقد المصرفيين الذين يدافعون عن أسعار فائدة عالية، وعن إصدار سندات حكومية، وتخفيض قيمة العملة، وعن سياسات نقدية مقبولة عموما تستخدمها الدول الساعية إلى تخفيض معدلات التضخم.
التلاعب بالاقتصاد
ويشدد جيسنر على أنه لا يجب إبداء الحماسة تجاه أي مسار يريد إردوغان اتخاذه. في جميع الاحتمالات، لن يعكس هذا المسار احتياجات تركيا الفعلية. عموما، لا تتعايش الأسواق الحرة مع النزعات التسلطية لسياسات إردوغان التي كررها مرارا، بالتلاعب الاقتصادي، وبسجن معارضيه من الصحفيين، وتطهير القضاء والأكاديميين، والموظفين الذين يصفهم بالمنشقين.
ويضيف «لا تستطيع أي دولة سلوك مسار الإصلاح الحقيقي طالما أن المحسوبيات تقوض استقلالية مؤسساتها، وطالما أن سكانها يجمعون مدخراتهم بالعملة الأجنبية خشية أن تفقد الليرة قيمتها بين ليلة وضحاها، وطالما أن دينها الخارجي يتخطى 50% من ناتجها المحلي الإجمالي».
ويرى أن إعادة تأهيل الاقتصاد التركي، أكثر بكثير من خطاب استبدال بعض المحسوبين على إردوغان بمقربين آخرين منه، فالحاكم الجديد للبنك المركزي التركي ناجي إقبال، ووزير المالية لطفي إلفان مقربان من إردوغان.
رحيل إردوغان
ويرى أن إعادة التأهيل تتطلب إجراءات قد تؤذي الفخر الاقتصادي التركي على المدى القصير، مثل ربط الليرة بالدولار أو اليورو، والإعراب عن نية دراسة حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي، ولكن هذه الإجراءات ستساعد في وضع الاقتصاد التركي على السكة الصحيحة.
ويؤكد جيسنر على أن ذلك لن يحصل قبل رحيل إردوغان عن الحكم، خاصة أن طلب الإنقاذ من صندوق النقد الدولي سيلزم الرئيس بالتوقف عن رعايته للاقتصاد المحلي.
ويقول جيسنر «إن مونتسكيو فيلسوف عصر الأنوار في أوروبا، وصف منذ 300 عام السلطنة العثمانية بجسم مريض غير مدعوم بنظام غذائي معتدل واعتيادي، بل بعلاج قوي يستنزفه باستمرار». واعتبر الكاتب أن التغيير الاقتصادي لن يحصل قبل وصول هذا الاستنزاف إلى ذروته.
ويأمل الكاتب أن يتحقق ذلك قبل أن ينهار الاقتصاد التركي بشكل كامل. لكنه يشير إلى أن التاريخ يعلم دارسيه أن غياب الفاعلية في حكم الطغاة يستمر لفترة طويلة. وفي الوقت الحالي، يبدو أن إردوغان راض عن المحاولة.
رهانات إردوغان الاقتصادية:
- اكتشاف الغاز في شرق المتوسط.
- الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي.
- ابتزاز بعض الدول وعلى رأسها الصين.
- استخدام ورقة اللاجئين للحصول على أموال من أوروبا.