خلافات عاصفة في إيران بسبب منع المفتشين

روحاني يعارض القرار ويؤكد على أنه يضر بعودة الاتفاق النووي مجلس صيانة الدستور ينتظر الفصل النهائي من خامنئي البرلمان يربط بين رفع العقوبات الأمريكية وعمل المنظمة الدولية بيلينكايا: الانقسام الحالي يرفع الستارة على حجم التوتر السياسي
روحاني يعارض القرار ويؤكد على أنه يضر بعودة الاتفاق النووي مجلس صيانة الدستور ينتظر الفصل النهائي من خامنئي البرلمان يربط بين رفع العقوبات الأمريكية وعمل المنظمة الدولية بيلينكايا: الانقسام الحالي يرفع الستارة على حجم التوتر السياسي

السبت - 05 ديسمبر 2020

Sat - 05 Dec 2020

اشتدت الخلافات العاصفة بين المسؤولين الإيرانيين في أعقاب تصويت البرلمان على قانون تعليق التفتيش على المنشآت النووية ما لم ترفع العقوبات الأمريكية، على خلفية اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده أخيرا.

وفيما رفض الرئيس الإيراني حسن روحاني القرار قائلا «إنه ضار بالجهود الدبلوماسية الرامية لاستعادة الاتفاق النووي مع الدول الكبرى وتخفيف العقوبات الأمريكية»، أبلغ وزير الخارجية محمد جواد ظريف دبلوماسيين غربيين بأن طهران ستمنع مفتشي الأمم المتحدة من زيارة مواقعها النووية.

وينص مشروع القانون على منع عمليات التفتيش الدولية للمواقع النووية الإيرانية ابتداء من الشهر المقبل، إذا لم ترفع الولايات المتحدة العقوبات الرئيسية المفروضة على إيران.

القرار لخامنئي

وفي حديثه خلال اجتماع لمجلس الوزراء، قال روحاني «إن الإدارة لا توافق على ذلك، وتعتبره ضارا للأنشطة الدبلوماسية»، وألمح إلى أن النواب يعززون مواقفهم قبل الانتخابات المقررة في يونيو، وأضاف «نحن أقوى في المجال النووي من أي وقت آخر».

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب «أعلنت الحكومة بوضوح أنها غير موافقة على هذه الخطة»، مضيفا «من وجهة نظر الحكومة هذه الخطة غير ضرورية وغير مفيدة».

روحاني في زيارة لمنشأة نطنز النووية                                                          (مكة)
روحاني في زيارة لمنشأة نطنز النووية (مكة)



ومن المرجح أن يتخذ المرشد الأعلى علي خامنئي القرار النهائي في المسألة، ولكن ظريف أضاف أن إيران تنتظر الرئيس المنتخب بايدن.

رفع التخصيب

وصوت البرلمان الإيراني على مشروع قانون لرفع التخصيب النووي إلى 20% ردا على تصفية فخري زاده، وهو ما يزيد عن سقف 3% الذي حدده الاتفاق النووي في 2015، ويشكل خطوة للوصول إلى النقاء المطلوب للأسلحة النووية.

وصوتت طهران أيضا على وقف عمليات التفتيش من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي هيئة الأمم المتحدة التي أشرفت على تنفيذ الصفقة.

انتهاك شروط الصفقة

وانتهكت إيران عمليا بعض شروط الصفقة النووية بعد أن تخلى عنها الرئيس ترمب منذ عامين وأعاد فرض العقوبات على طهران. ردا على اغتيال محسن فخري زاده بعدما أشرف على أجزاء من البرنامج النووي، قالت إسرائيل إنها تهدف إلى صنع أسلحة ذرية.

توتر سياسي

في المقابل، وافق مجلس صيانة الدستور، الهيئة المشرفة على نظام الملالي، على مشروع القانون، وقال وزير الخارجية محمد جواد ظريف في مؤتمر على الإنترنت «إن الحكومة ستعمل بتوجيهات البرلمان».

من جهتها، رأت الكاتبة الروسية ماريانا بيلينكايا أن الخلاف الأخير بين البرلمان والحكومة في إيران على مستقبل البرنامج النووي الإيراني ليس سوى واحد من الخلافات العديدة داخل النخبة السياسية الإيرانية التي ظهرت إلى العلن بعد اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده.

محمد جواد ظريف        (مكة)
محمد جواد ظريف (مكة)



وأشارت إلى أنه يرفع الستارة عن مستوى التوتر في السياسة الإيرانية. فلطالما أثارت الأوساط المحافظة السؤال عن جدوى خطة العمل الشاملة المشتركة، وقالت بيلينكايا في مقال في صحيفة (كوميرسانت) الروسية «إن البرلمان الإيراني اعتمد وثيقة الإجراءات الاستراتيجية لإنهاء العقوبات، وليدخل مشروع القانون حيز التنفيذ، يجب أن يوافق عليه مجلس صيانة الدستور». وربما تكون هناك حاجة إلى رأي مجلس الخبراء، في ظل موقف الحكومة الذي عارض قرار المجلس.

ضربات جوية

وقال أندريه باكليتسكي الباحث البارز في معهد الدراسات الدولية في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية بوزارة الخارجية الروسية «إن مجلس صيانة الدستور سينفذ رأي المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، لا البرلمان. ودون بروتوكول إضافي، ستزيد الشكوك في طهران بشكل حاد في الولايات المتحدة وإسرائيل، وعندما تعمل الأطراف وفق السيناريو الأسوأ، يمكن ببساطة تخيل شكل التصعيد الذي قد يصل إلى حد توجيه ضربات جوية لإيران».

وقال المحلل السياسي الإيراني حميد رضا عزيزي «ليس هناك خلاف بين إدارة الرئيس حسن روحاني والمحافظين على ضرورة رد إيران على اغتيال فخري زاده. الخلاف فقط على كيفية الرد. وبالتالي، ترى حاشية روحاني أن على طهران تفادي فخ قطع الاتصالات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لأن ذلك سيؤدي إلى عواقب سلبية عليها، ويقلص إمكانية الاتصالات مع الولايات المتحدة في ظل الإدارة الجديدة».

انتظار بايدن

ويقول عزيزر «على العكس من ذلك، يمكن لأنصار الخط المتشدد استخدام الموقف لعرقلة أي محاولة من روحاني للدخول في علاقات دبلوماسية مع الرئيس الأمريكي الجديد»، مضيفا «إن إحالة مشروع القانون إلى مجلس صيانة الدستور، وربما مجلس الخبراء، ستمنح روحاني وقتا لانتظار تولي جو بايدن منصب الرئيس».

وتساءل الجمهور الإيراني بعد مقتل محسن فخري زاده عن مدى استعداد الأجهزة الأمنية الخاصة لمواجهة تهديدات حقيقية، بينما تظهر إيران قوتها وتستعرض جهازها القمعي داخل البلاد.

اتهام روحاني

واتهم بعض أعضاء المجلس الرئيس حسن روحاني بالانفتاح الشديد على الوكالة الدولية للطاقة الذرية والغرب، ملمحين إلى أن ذلك تسبب في اغتيال فخري زاده في النهاية.

علي خامنئي        (مكة)
علي خامنئي (مكة)



وردا على محاولات ربط اغتيال فخري زاده بالأنشطة الحكومية والمفاوضات حول الاتفاق النووي، رأى رئيس الأركان الإيراني محمود واعظي أن بعض الجماعات والشخصيات السياسية فقدت القدرة على التمييز بين المصالح الفئوية والوطنية، وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أكثر من مرة «إن السياسة الخارجية ليست ميدانا للصراع بين الفصائل».

انقسامات كبيرة

وتزايد الجدل بسبب البرنامج النووي، ليعكس الانقسامات العديدة التي تعانيها النخبة السياسية الإيرانية، وقالت مستشارة مركز (دراسات روسيا السياسية) يوليا سفيشنيكوفا «إن الجدل حول برنامج إيران النووي، يرفع الستارة عن مستوى التوتر في السياسة الإيرانية. فلطالما أثارت الأوساط المحافظة السؤال عن جدوى خطة العمل الشاملة المشتركة، التي لا تزال حاشية الرئيس حسن روحاني تدافع عنها»، مضيفة «نحن لا نتحدث فقط عن العقوبات على طهران، ولكن أيضا عن جرائم القتل في الداخل، وانتهاك سيادة البلاد».

ووفقا لسفيشنيكوفا فإن الخلافات بين النخب تشمل مجموعة واسعة من القضايا، من السياسة الداخلية وتحرير التجارة إلى درجة مشاركة ممثلي هياكل القوة في الاقتصاد، إلى السياسة الخارجية والدور الإقليمي لإيران وتعاونها مع الغرب. بينما يبدي المواطنون العاديون قلقهم من تدهور الوضع الاقتصادي أكثر من أي شيء آخر.