ضربات متتالية أصابت إيران بالعجز

اغتيال علمائها وضرب قادتها وإسقاط ضباطها وجنودها كشف ضعف نظامها الأمني
اغتيال علمائها وضرب قادتها وإسقاط ضباطها وجنودها كشف ضعف نظامها الأمني

الثلاثاء - 01 ديسمبر 2020

Tue - 01 Dec 2020

فيما ما زالت إيران تلملم جراحها بعد مقتل أبي القنبلة النووية محسن فخري زاده، أسقطت ضربة جوية قائدا في الحرس الثوري الإيراني عند الحدود السورية العراقية أمس الأول.

وجاء مقتل الخبير النووي الإيراني في وزارة الدفاع، في ظل حوادث متفرقة تسببت في مقتل الكثير من القيادات الإيرانية، وسقوط ضباط وعسكريين في الحرس الثوري، في أعقاب الضربة المركزة التي قتلت قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الذي صنف على أنه ثاني أقوى رجل داخل نظام الملالي خلف المرشد.

فضحت ضربات الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها المركزة ضعف النظام الأمني الإيراني، وعجز المنظومة العسكرية على الرد، رغم التصريحات النارية التي أطلقها قادة الملالي بداية من شهر يناير الماضي وحتى الآن عن رغبة الانتقام.

اغتيال القائد

قبل أن يفيق النظام الإيراني من صدمته بمقتل محسن فخري زاده، كشف مسؤولان أمنيان عرفيان أمس، عن مقتل قائد أمني كبير، وقالوا إنه قتل أمس الأول مع ثلاثة رجال آخرين كانوا معه في نفس السيارة.

وقال المسؤولان إن السيارة كانت تحمل أسلحة عبر الحدود العراقية، وأصيبت بعد دخولها الأراضي السورية، وإن فصائل عراقية مسلحة تدعمها إيران ساعدت في استعادة الجثث، ولم يذكرا تفاصيل أو يحددا توقيت الحادث بدقة.

وجاء الحادث بعد أيام قليلة من اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده في طهران في حادث اتهمت إيران إسرائيل بالمسؤولية عنه.

صمت إيراني

في الجانب الآخر اتهمت إيران إسرائيل باغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده قرب طهران، وأعلن مسؤولون أن السلاح المستخدم في العملية «من صناعة إسرائيلية»، وأن العملية كانت معقدة وبأسلوب جديد، وأثار هذا الإعلان تساؤلات وجدلا حول الطريقة المحتملة التي يمكن أن ترد بها إيران على هذه العملية، لكن الكثير من المحللين يرون أن طهران سترى أن فترة الرئيس دونالد ترمب، تقترب من نهايتها وقد تعلق آمالا على أن جو بايدن سيرغب في العودة إلى الاتفاق النووي وتخفيف العقوبات، وهي الجائزة الأكبر المحتملة لإيران، كما أنها سترى أن استهداف زاده كان بمثابة خطوة لإفساد سياسية بايدن الجديدة، وبالتالي لن تحرك ساكنا، وفقا لصحيفة «الجارديان» البريطانية.

استهلاك محلي

قالت «الجادريان» إن تصريحات المسؤولين الإيرانيين في وسائل الإعلام المحلية، والتي تدعو لاستهداف حيفا على سبيل المثال، هي للاستهلاك المحلي ولا تعكس عادة أفعالها، مشيرة إلى أن لإيران تاريخا طويلا وراسخا في تجنب الصراع المباشر في المنطقة منذ نهاية الحرب الإيرانية العراقية عام 1988.

وأكدت أن طهران تجنبت تصعيدا كبيرا بعد مقتل قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، في غارة أمريكية في العراق، واكتفت باستهداف قواعد عراقية تضم قوات أمريكية، وأكدت أنه يمكن لإيران أن ترد عبر وكيل مثل حزب الله على الحدود الشمالية لإسرائيل في سوريا ولبنان، وربما تستهدف القوات الإسرائيلية.

كما هو الحال مع الرد على مقتل سليماني.

مأزق كبير

وتحدثت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية عن الخيارات الصعبة لطهران بعد الضربات المتتالية، وقالت إنها تواجه مأزقا كبيرا، فهي لا تريد الظهور بمظهر الضعيف، وخاصة أن مقتل زاده ليس العملية الأولى في 2020، فقد تم استهداف سليماني وموقع نطنز النووي واغتيال الرجل الثاني في القاعدة أبو المصري على يد عملاء إسرائيليين، مما أظهر ضعف الأمن الداخلي الإيراني، الذي لا يريد التصعيد والدخول في حرب مباشرة مع الولايات المتحدة.

ووفقا للمجلة، مع تصاعد الضغط الأمريكي والإسرائيلي، قد تجد القيادة الإيرانية صعوبة أكبر في الحفاظ على ضبط النفس النسبي، وربما ينظر قادة إيران إلى الفشل في التصرف كعلامة ضعف للخصوم، ويدعون إلى المزيد من العمليات السرية وحتى الهجوم على بلادهم.

رد الكتروني

وأشارت المجلة إلى أنه إذا قامت إيران بالرد لمقتل فخري زاده أو محاولة استعادة الردع، فمن شبه المؤكد أنها ستفعل ذلك بطريقة متعمدة ومحسوبة، ومن المحتمل أن تختار الخيارات التي توفر لها مستوى معينا من الإنكار المعقول، كما يحدث غالبا، وذلك من خلال الهجمات الالكترونية أو عن طريق الوكلاء.

لكن أي رد منها يمكن أن يدفع إسرائيل إلى الرد، وهو ما يمكن أن يزيد من تعقيد عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية النووية، مما قد يحرم إيران من الإغاثة الاقتصادية التي هي في أشد الحاجة إليها.

ذريعة لضربها

وقالت المجلة الأمريكية المتخصصة إنه بغض النظر عن الطريقة التي قررت بها إيران الرد من الآن وحتى يوم التنصيب، فمن المؤكد أن خياراتها ستكون قصيرة المدى.

وأشار تحليل نشرته «فويس أوف أمريكا» إلى أن طهران لن تقوم بأي شيء يمكن أن يعطي ذريعة للرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، لإنهاء ولايته برد «عسكري شرس» على إيران، كما أنها لا تريد أن تبدأ عداء جديدا مع الرئيس المنتخب، جو بايدن.

خطأ فادح

وحذر الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات جوناثان شانزر، طهران من أي رد فعل، وقال «إذا نفذت إيران نوعا من الهجوم، أو انخرطت في أنشطة عنيفة تنسب بوضوح إلى النظام، فسيكون ذلك، على ما أعتقد، خطأ فادحا غير مجبرة عليه».

ويؤكد شانزر، أن طهران ستجد نفسها أمام خيارات صعبة، فهي على مقربة من إحياء الذكرى الأولى لمقتل جنرالها العسكري، قاسم سليماني، وفي الوقت ذاته إذا لحقت دافعها بالانتقام، فلن تستطيع الخروج من عزلتها والتخلص من حملة «الضغط الأقصى» التي تنتهجها ضدها إدارة ترمب.