خالد الزعتر

من قتل محسن فخري زاده؟

السبت - 28 نوفمبر 2020

Sat - 28 Nov 2020

لا شك أن مقتل العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده يعد خسارة كبيرة بالنسبة للنظام الإيراني، والملف الإيراني النووي، خاصة في الشق العسكري، باعتبار أنه يرأس البرنامج العسكري النووي الإيراني، وأحد الأذرع العلمية للعسكرية الإيرانية، ولا شك أن مقتله يفتح الباب واسعا لجميع الاحتمالات حول من يقف خلف مقتله، وما التداعيات لذلك أيضا.

في البداية أختلف كثيرا مع الآراء التي تذهب إلى القول بأن مقتل محسن فخري زاده تم بعملية تصفية من قبل النظام الإيراني لأسباب داخلية أو خارجية، لأن إيران تعد الخاسر الأكبر من هذه العملية، الأمر الآخر أنه قد يمكن التصديق بأن أطرافا داخل النظام الإيراني تقف خلف تسهيل عملية قتل قاسم سليماني، لأن هذا الأخير تورط كثيرا في مسألة صراع الأجنحة في الداخل الإيراني، ولديه عداوات كثيرة داخل المؤسسات الإيرانية، وعلى رأسها مؤسسة السياسة الخارجية، خاصة بعد أن سعى لتهميش وزير الخارجية محمد جواد ظريف في إدارة بعض الملفات، خاصة الملفين السوري والعراقي.

أما بالنسبة للعالم النووي محسن فخري زاده فإن هذا الأمر يصبح مستبعدا، باعتبار أن هذه الشخصية بعيدة كل البعد عن مسألة الصراعات السياسية في الداخل الإيراني، ولم يخلق لها عداوات مع أطراف داخل النظام الإيراني، وبالتالي فإن مسألة تصفيته داخليا خطوة غير مقبولة لا تستند إلى دلائل وقرائن قد تجعل من الممكن تصديقها، وبالتالي فإن مقتله تم عبر تخطيط خارجي واختراق داخلي.

لا شك بأن إسرائيل تبرز في الواجهة في مسألة مقتل زاده، خاصة أنها تعد من المطلعين عن قرب على مسألة الملف النووي الإيراني، واستطاعت اختراق الداخل الإيراني والحصول على عدد هائل من الوثائق عن مسألة المنظومة النووية الإيرانية، وكان زاده من الشخصيات التي وضعتها إسرائيل تحت دائرة الضوء، ربما ما يؤكد ذلك المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما كان يتحدث عن إنجاز إسرائيل باختراق الداخل الإيراني والحصول على كم هائل من الوثائق بشأن البرنامج النووي الإيراني كانت صورة محسن زاده تظهر في الصورة خلف رئيس الوزراء الإسرائيلي، ما يعني أنه كان محط متابعة إسرائيلية.

هذه العملية ضربة في مقتل للمنظومة النووية الإيرانية، وبلا شك هي إنجاز لجهاز الموساد الإسرائيلي الذي استطاع اختراق البنية الداخلية الإيرانية، خاصة فيما يتعلق بالمنظومة الأمنية الإيرانية، وتنفيذ هذه العملية في العمق الإيراني، وهي خطوة أراد منها الإسرائيليون التأكيد على مدى جدية خطابهم التهديدي، وأن لديهم القدرة على اختراق الداخل الإيراني، وربما هذا ما يقود إلى وجود بصمة إسرائيلية في الأحداث التي عاشتها إسرائيل بالحرائق والتفجيرات التي استهدفت مواقع اقتصادية وعسكرية في الداخل الإيراني خلال الفترة الماضية.

عملية قتل محسن فخري زاده تضيف كثيرا من الأعباء على النظام الإيراني، لأنه بات مطالبا بالرد لإنقاذ ما تبقى من هيبته المزعومة، ولكن مثل ذلك ستكون فاتورته باهظة، والصمت كذلك ستكون فاتورته باهظة، لأن يستنزف خطاب المكابرة الإيراني أمام أتباعه.

khzaatar@