برجس حمود البرجس

صُنع في السعودية

الثلاثاء - 24 نوفمبر 2020

Tue - 24 Nov 2020

من أهم الركائز الرئيسية في اقتصادات العالم هو توطين الصناعة والتقنيات لتغطية جزء كبير من الطلب المحلي والتصدير للخارج، هذا يضيف للاقتصاد المحلي الاستمرارية والاستدامة والقابلية للتوسع، ويضيف لسوق العمل بتوليد الوظائف الواعدة والمستدامة، بدلا من الاستيراد والاكتفاء بوظائف مبيعاتها وصيانتها.

أطلقت المملكة العربية السعودية من خلال رؤيتها 2030 وبرامج التحول الوطني، أطلقت برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية، وتتركز مهامه على تطوير القطاع الصناعي بصورة شاملة، بما في ذلك تطوير الصناعات الواعدة ورفع تنافسية الصناعة الوطنية وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة نسبة المحتوى المحلي في القطاع إضافة إلى تطوير خدمات سلاسل الإمداد والصناعات اللوجستية ذات العلاقة.

المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الجوهرية التي فرضتها الثورة الصناعية الرابعة باستخدام تقنيات متقدمة بدلت معايير الريادة والتنافس وصاحبها تحديات جديدة متعلقة بالمرحلة، وفرضت تحول الصناعات من الأعمال التقليدية إلى الصناعات المتقدمة والابتكارية بأفضل التقنيات العالمية، وهذا فرق مزايا التنافس والتميز.

خلال العقود والسنوات الماضية، حققت المملكة مواقع متقدمة في منظومة الصناعة العالمية وبَنت قاعدة صناعية صلبة في مجالات صناعة النفط والبتروكيماويات والمعادن وقطاع التشييد والبناء، بالإضافة إلى الفرص التي تخلقها الثروات من المصادر الطبيعية وتحولها إلى منتجات متقدمة. هذا جعل المملكة جاهزة للتقدم للمراحل التالية، وهي تطوير الصناعات محليا والتصدير للخارج.

بالإضافة إلى ذلك، وتماشيا مع أهداف رؤية المملكة 2030 التي تقضي بتنويع مصادر الدخل وجعل المملكة قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية دولية، ظهرت الحاجة إلى تصميم هوية وطنية موحدة تسهم في تعزيز موثوقية المنتج السعودي ورفع قدراته الإنتاجية بالاعتماد على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة والعناصر المحلية من جهة، وتدعم ترويج المنتجات السعودية محليا وعالميا بالتعاون مع منظومة الاستثمار والصناعة في المملكة من جهة أخرى.

ولتحقيق هذه الأهداف، عملت هيئة تنمية الصادرات السعودية «الصادرات السعودية»، تحت مظلة وزارة الصناعة والثروة المعدنية، وبالتعاون مع شركائها في المنظومة الصناعية، على إطلاق برنامج «صُنِعَ في السعودية»، المنبثق من برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية. ويأتي البرنامج ضمن الاستراتيجية الوطنية للتصدير التي قامت الهيئة بتطويرها لتحديد الفرص غير المستغلة وحصر التحديات التي تعوق نمو المصدرين.

ولابتكار تصميم متميز لهوية برنامج «صُنع في السعودية»، أعلنت الهيئة مؤخرا عن إطلاق معسكر خاص بالمواهب السعودية، تحت شعار «صمم للوطن هويته الصناعية»، حيث سيخلق أبناء الوطن المبدعين هوية البرنامج الوطني «صُنع في السعودية» في خطوة وطنية تكاملية هدفها رفع مكانة المنتج السعودي وتعزيز حضوره محليا وإقليميا وعالميا، وإدراج الصناعات والمنتجات الوطنية تحت هوية موحدة تضمن لها الجودة والتميز، وتمنحها الموثوقية في جميع دول العالم. المعسكر سيستقطب المصممين والفنانين المبدعين السعوديين، ويوفر لهم فرصة ذهبية لابتكار بصمة فريدة تجعل من تصميمهم سفيرا للمملكة في شتى دول العالم. وتشرك الهيئة المواطنين باختيار تصميم الهوية، عبر التصويت الالكتروني، ليساهموا بشكل مباشر في اختيار الهوية التي تمثل الصناعة الوطنية في العالم.

التحول من صناعة ذات قاعدة نفطية إلى صناعة مبتكرة قائمة على مرتكزات الثورة الصناعية الرابعة من خلال اعتمادها على إنترنت الأشياء وذكاء الأعمال والذكاء الاصطناعي سيجعل الصناعة الوطنية قطبا منافسا في الأسواق المحلية والعالمية، ويعزز من مكانة المنتج السعودي في أعلى معايير الموثوقية والتميز والمنافسة على جعله خيارا مفضلا للمستهلكين محليا وعالميا.

المملكة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من مواردها المحلية، ورفع نسبة صادراتها غير النفطية من 16% إلى 50% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي بحلول عام 2030. ومعها يتجه الاقتصاد السعودي نحو الريادة الصناعية، بعد استكمال البنية التحتية اللوجستية، وتطوير سلاسل الإمداد بما يساهم في تعزيز مكانة المملكة كمحرك رئيس للتجارة الدولية ومحور ربط بين قارات العالم.

Barjasbh@