فوضى داخل القصر الرئاسي التركي

هولسمان: إردوغان تخطى حدود إمكاناته فبات معرضا لخسارة كل ما يملك
هولسمان: إردوغان تخطى حدود إمكاناته فبات معرضا لخسارة كل ما يملك

الاحد - 15 نوفمبر 2020

Sun - 15 Nov 2020








إردوغان وزوجته داخل القصر الرئاسي                                          (مكة)
إردوغان وزوجته داخل القصر الرئاسي (مكة)
بدا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متفاجئا باستقالة صهره بيرات ألبيرق كوزير للخزانة، التي شغلت الإعلام التركي في الأيام الماضية، وأعطى مؤشرا بوجود فوضى عارمة داخل القصر الرئاسي، وإشارات كبيرة إلى المتاعب الاقتصادية في تركيا.

يرى مستشار شؤون المخاطر السياسية الدولية جون هولسمان أن إردوغان يجسد ما قاله الروائي الإغريقي يوريبيدس عن طبيعة سلوك البشر، «إن من يتخطى حدود إمكاناته، سيخسر عبر هذا التخطي ما يملكه».

يؤكد المحلل أن أنقرة تتخطى حدود إمكاناتها عبر المبالغة بالتوسع في القوقاز وشرق المتوسط وسوريا وليبيا، وسينتهي هذا الأمر بالدموع، في الوقت نفسه، أطلق الرئيس التركي سياسته النيو - عثمانية العدوانية في الخارج، الأمر الذي يجعل الجدران تطبق عليه اقتصاديا واستراتيجيا. فمن غير المرجح أن يملك الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن الصبر نفسه الذي يتمتع به الرئيس الحالي دونالد ترمب إزاء إردوغان.

نقاط ضعف

ويؤكد هولسمان أن السياسة الخارجية التركية تواجه فشلا محتما لسبب بسيط، وهو أن استراتيجيتها التوسعية غير قادرة على الاستمرار مع تدهور الموارد المالية لأنقرة، ويقول «لقد شكل الاقتصاد التركي طوال سنوات أعظم نقاط ضعف إردوغان في الداخل والخارج»، ويضيف «في وقت سابق من هذا الشهر، بدا إردوغان متفاجئا باستقالة صهره بيرات ألبيرق كوزير للخزانة، وأعطى ذلك مؤشرا إلى الفوضى داخل القصر الرئاسي وإلى إضاءة غير مرحب بها على المتاعب الاقتصادية التركية».

فشل ذريع

ويؤكد أن ألبيرق واجه فشلا ذريعا خلال عامين أمضاهما في وزارة المالية، حاول إصلاح الاقتصاد لكن من دون جدوى، فقدت الليرة نسبة 45% من قيمتها أمام الدولار، وبسبب تفشي فيروس كورونا وغياب الإصلاح الاقتصادي، لا يزال النمو التركي بعيد المنال والتضخم مرتفعا عند مستوى 11.9%.

وأتت استقالة ألبيرق في الأسبوع نفسه الذي أقال خلاله إردوغان حاكم البنك المركزي مراد أويصال، وهذا يعني بحسب الكاتب أن حكومة إردوغان مقبلة على أيام صعبة، بما أنها تفتقد لأي أفكار اقتصادية إيجابية، وهي تبحث عن كبش فداء لفشلها. بناء على هذه الوقائع الاقتصادية وغياب أي مؤشرات تحسن في الأفق، يصعب توقع إمكانية استدامة السياسات النيو - عثمانية في المدى المتوسط.

طريق وعر

ويشدد الكاتب على أنه إذا كانت الأزمة الاقتصادية قد بدأت تحد من هامش تحرك الرئيس التركي على المسرح الدولي، فازدياد تدهور العلاقات التركية-الأمريكية سيفاقم المشاكل الاقتصادية والاستراتيجية لتركيا التي ستجد نفسها أمام طريق وعر للغاية.

ويضيف «لقد جمد ترمب العقوبات الأمريكية المفروضة على تركيا بسبب قضيتين، الأولى شراء منظومة

أس-400 الروسية التي أغضب إردوغان من خلالها الكونجرس معتمدا على ترمب لتفادي أي ضرر جدي، لكن مع اقتراب خروج ترمب من البيت الأبيض واهتمام إدارة بايدن المقبلة بتنشيط حلف شمال الأطلسي، ارتكب إردوغان بخطوته تلك خطأ سياسيا كبيرا، والقضية الثانية، عندما وجد القضاء الأمريكي أن بنك خلق المقرب من حكومة إردوغان ساعد إيران على تفادي العقوبات الأمريكية، جمد ترمب أيضا التحقيقات باسم مصالح الأمن القومي».

عقوبات منتظرة

وأشار هولسمان إلى أنه من غير المرجح أن يسعى جو بايدن الذي يملك تعاطفا أقل من تعاطف سلفه تجاه إردوغان، إلى حماية أنقرة من جنونها، في كلتا القضيتين، من المتوقع أن تضرب إدارة بايدن أنقرة بالعقوبات القاسية خلال الأيام الأولى من ولايتها. ولا يمكن أن يكون توقيت هذه الضربة الاقتصادية أسوأ بالنسبة إلى إردوغان.

وقال «يبدو أن حلم إردوغان الكبير بإبراز تركيا كقوة إقليمية مهيمنة على الشرق الأوسط سيواجه فشلا محتما بما أن وقائع القوة الكامنة في البلاد لا تبرر حلما مستحيل المنال كهذا، ويذكر بما قاله يوريبيدس من أن التوسع بشكل يتخطى الإمكانات لا يؤدي فقط إلى عدم تحقيق الحلم المنشود. منذ 2003، تربع إردوغان على عرش المشهد السياسي التركي مسيطرا على كل شيء.