شاكر أبوطالب

الخطاب الملكي وقبة مجلس الشورى

الاحد - 15 نوفمبر 2020

Sun - 15 Nov 2020

بسبب ظروف التباعد الاجتماعي التي فرضتها جائحة كورونا هذا العام، ألقى خادم الحرمين الشريفين خطابه الملكي السنوي عن بعد عبر الاتصال المرئي، وبحضور ولي العهد، في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة الثامنة لمجلس الشورى السعودي.

في البدء، ينبغي الإشارة إلى أن الخطابات الملكية في السنوات الأخيرة تميزت بالشفافية والوضوح مع الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه المواطن، والتأكيد على مواصلة التنمية المستدامة، وتعزيز الإصلاح وتكريس النزاهة ومحاربة الفساد.

ويمثل الخطاب الملكي لهذه السنة امتدادا للخطابات الملكية السابقة في قوة المضمون، وعمق الوصف، ورصانة الأسلوب، ومتانة الصياغة، وموضوعية الترتيب. ويلتقي مع ما سبقه في غايات تحسين جودة الحياة وتطوير الخدمات العامة وتحقيق التنمية المستدامة في المجتمع والاقتصاد، تحت مظلة (رؤية المملكة 2030م).

ركز الخطاب الملكي على ريادة المملكة عالميا، وترؤسها للدورة الحالية لمجموعة العشرين في ظروف استثنائية وتاريخية. وأرسل رسائل قوية للخارج، منها تأكيد الوقوف إلى جانب دول الجوار لضمان استقرارها وسيادتها، وبذل أقصى الجهود والمساعي للمحافظة على السلم والتنمية لشعوب المنطقة، ودعم جميع المبادرات الرامية لتحقيق الأمن والسلام في الخليج والدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط.

وعلى الصعيد الصوتي، جاء الخطاب الملكي بنبرة هادئة وبسرعة ثابتة تقريبا. وعلى المستوى الصرفي، يطغى الفعل المضارع - الذي تكرر 34 مرة - لكون الخطاب يحدد ملامح السياسات الداخلية والخارجية في الوقت الراهن والمستقبل، ودلالة على توثيق الأحداث والسياسات والمواقف واستمراريتها. ويأتي استخدام الفعل الماضي في المرتبة الثانية - تكرر 25 مرة - نتيجة إبراز الجهود التي قامت بها الدولة خلال الفترة الماضية، واستخدم الخطاب الفعل المستقبلي في موضعين فقط، وهما التقييم المستمر للأداء الحكومي في مواجهة الجائحة، والإشارة إلى قرب انعقاد قمة مجموعة العشرين، فيما خلا من صيغ الفعل الأمر، ما يعكس التواضع عند مخاطبة الآخرين، الأسلوب الذي تنتهجه قيادة المملكة منذ توحيدها.

ولم ترد صيغة الضمير المنفصل (أنا) في دلالة على إيمان القيادة بأهمية العمل الجماعي لأجهزة الدولة، في مقابل كثرة استخدام (نا) الدالة على الفاعلين، تأكيدا على جماعية العمل والمنجز، ودلالة على أن الخطاب الملكي يعبّر عن الجميع في المملكة قيادة وحكومة وشعبا.

وعلى المستوى التركيبي، طغى استخدام الجمل الاسمية للدلالة على معاني الثبوت والدوام والتوكيد في المضامين، وتضمن الخطاب الملكي على العديد من الجمل الفعلية ذات الزمن الماضي لسرد المنجزات وتعداد المكتسبات في الفترة السابقة، فيما تم استخدام الجمل الفعلية ذات الفعل المضارع في شرح السياسة الخارجية؛ للدلالة على ديمومة سياسة المملكة تجاه قضايا المنطقة وتجدد مواقفها دون انقطاع أو تغير.

كما يدل استخدام حرف (إن) في بداية عدد من الجمل على إحدى أهم غايات الخطاب الملكي، المتمثلة في إزالة الحيرة والشك والغموض في السياسة الداخلية والخارجية، وللتأكيد والإقرار على القيم والمبادئ للقيادة السعودية الواردة في الخطاب.

وراعى الخطاب الملكي تسلسل الموضوعات بحسب الأهمية والأولوية من السياسات الداخلية إلى السياسات الخارجية، واتسم بالدقة والصحة والبساطة لمنع الاجتهادات في التأويل، كما جاء مختصرا خاليا من الإسهاب والتكرار، واتصف بالواقعية المقنعة المستندة إلى أدلة ووقائع ثابتة.

أخيرا، جاء الخطاب الملكي في 22 فقرة، واشتمل على 855 كلمة، تشكلت من 5199 حرفا، واستغرق إلقاؤه 11 دقيقة و12 ثانية، وتزامن مع مرور 2120 يوما على تولي الملك سلمان مقاليد الحكم، ما يعادل 5 سنوات و9 أشهر و20 يوما.

shakerabutaleb@