شاهر النهاري

تسونامي ترمب وتأثيراته

الثلاثاء - 10 نوفمبر 2020

Tue - 10 Nov 2020

منذ بدايات طفولته ومرور بشبابه حتى اليوم، كان يمتلك الصحة والمال والكاريزما، والفكر المختلف، والثقة بالنفس، وصنع مجريات حياته بتنافسية عالية واثقة لا تتوقف عند الهزيمة.

ذكاء واستبصار، وقدرة تحمل عجيبة لما يعترضه من صعوبات وقف أمامها بقوة، دون أن يفقد بسمته ذات الدلالات، وغضبه وعنفه في مرات، وقلبه الأخضر المنطلق المنفتح الباحث عن الأصعب.

جميع مراحل حياته الماضية والحالية مسجلة بالصوت والصورة، تحكي لتاريخ المستقبل عن واقع ملموس.

امتلك الفكر الإداري والعلمي العملي والهندسي، وأجاد السياسة المالية، وعرف مزايا وخروقات قوانين بلده والبلدان التي يتعامل معها بأنشطته العقارية والإعلامية، والترفيهية والتجارية.

لم يلمح منزلة تستهويه ولم يبلغها في الوقت الذي يريده، والشكل الذي يختاره، فكان المليونير الشاب الجذاب ذائع الصيت، وكان ملك الأسهم والسندات، وإمبراطور العقارات وسلاسل الفنادق العملاقة بمختلف الدول، وظل ينافس على المراكز الأولى لقوائم أثرياء العالم، وكان له سبق جامعته للتعليم عن بعد، وامتلك الطائرات الخاصة، وأساطيل السيارات واليخوت، وأدار آلاف العاملين له، وصنع برنامجه التليفزيوني «المدراء» لعدة مواسم، بنجاح مبهر يعجز عن الإتيان به أعتى الإعلاميين، وبما يوضح كيف كان يفكر ويرسم ويدير وينتقي أعماله وأعوانه.

غامر وقامر، وهرج ومرج، ودخل الرياضة وفنون القتال المتنوعة، والإنتاج الفني، وعندما قرر دخول معتركات السياسة لم يتنازل عن حكم أعظم دولة في العالم، وتسطير اسمه مع عظمائها، وهو ذلك الآتي من خارج مؤسسات السياسة.

تسونامي فرض طريقته الشخصية، وزلزل صروح السياسة الأمريكية العريقة منذ قرون، بما يلزم للعصر الحالي، ووصل وقطع في علاقاته مع الدول والمنظمات والمعاهدات، وظل محاربا لكل من يقف في طريق تثبيت سياساته بفلسفة أتعبت مناوئيه وكشفت العيوب ومناطق الضعف في ديمقراطية اليسار الجديدة.

وبعمره المتقدم يتحدى الشباب ويشعل مواقع التواصل، ويمتلك عشرات الملايين من المتابعين، ويظل منفتحا يتحدث مع الشعب الأمريكي ومختلف شعوب الأرض دون وسيط، وعلى مدى الساعة ودونما خشية زلل.

أسطورة عجب دخلت التاريخ من أوسع أبوابه، مؤكدا مواقفه التي اكتسحت أعظم الصور، وحطمت الحكايات المنمقة، ليصبح بالفعل مثالا يتمنى الشباب لو طاولوا جزءا منه.

من يعمل بجد وقوة، ويختلق المبادرات غير المسبوقة، فلا بد أن يجد أمامه كثيرا من العقبات والمنافسين والحساد ومن ملطخي المسار بالإشاعات والقصص المختلقة، والتزوير.

ومن يضع نصب عينيه هدفا بعيدا عن أنظار الكثير، لا يعود يسلم، ولكنه يكتب التاريخ الحي بنفسه.

ترمب أشعل كل الكشافات، وقطع دابر كل الكاذبين المدعين للديمقراطية المتحايلة المختطفة من الدخلاء والأقليات، حتى لو غادر البيت الأبيض إلى برجه العالي، فسيظل مرعبا لأي حكومة قادمة تحكم أمريكا، وسيستمر في التغريد المباشر بأفكاره الجريئة، التي تفضح كل انحراف أو شذوذ، فله من المريدين على مدى الكرة الأرضية ما يجعله مستبصرهم الفاضح لخروق سياسة الخفاء والتحايل، التي ظهرت بعض حكاياتها في ايميلات هيلاري كلينتون، وما كان يسعى له الرئيس أوباما في الشرق، وما تفعله اللوبيات الدخيلة العميلة المخادعة في توجيه كفة السياسة الأمريكية التي أصبحت متقلبة الفصول، لا يسلم من حرها وزمهريرها وأمطارها وزوابعها إلا من تعامل معها بنفس عناصر الحنكة والحيطة والدهاء المقابل.

shaheralnahari@