عندما تنحرف الفطرة
السبت - 31 أكتوبر 2020
Sat - 31 Oct 2020
لكل منزل قواعد تحكمه وقوانين تنظم أنشطة ساكنيه وعلاقتهم ببعضهم، لتضمن تماسكهم ونماءهم في ظروف صالحة للعيش ومهيأة للأخذ والعطاء.
والأرض منزل البشرية جمعاء، وتحكمها سنن كونية تحافظ على توازن المجتمعات ورقيها متى ما التزمت بها، فانجذاب الذكر للأنثى والعكس، هو أساس الفطرة السليمة التي تناسل بها بنو البشر لعمارة هذه الأرض منذ بدء الخليقة، ولكن ظهور الشذوذ الجنسي أو ما يعرف بـ»المثلية الجنسية»، وهي الميل العاطفي والجنسي لشخص آخر من الجنس نفسه، ينافي الطبيعة البشرية، وبالتالي يمثل تهديدا لاستمرار الكيان البشري واستقراره.
ولعلي أذكر نوعين أساسيين يندرج تحتهما عديد من درجات وتشعبات المثلية الجنسية، النوع الأول يرتبط بالجانب السيكولوجي، ويتمثل في وجود خلل داخلي أواضطرابات نفسية، يمكن أن تكون ناتجة عن تأثير عوامل خارجية تتعلق بمشاكل في التربية أوالتعرض لاعتداء جنسي في الصغر. أما النوع الثاني فيتمثل في وجود انحراف سلوكي يمكن أن يكون ناتجا عن الفضول والرغبة في التجربة، أو التواجد في بيئة لا يختلط فيها بالجنس الآخر كالسجون مثلا.
سطوة الأقلية
لست هنا بصدد التفصيل في الأسباب التي أدت إلى الشذوذ الجنسي، ولكني أسلط الضوء على عد المثلية الجنسية ظاهرة طبيعية غير مخالفة للفطرة! وتبنيها كحق من حقوق الإنسان في اختيار ميوله، بل إن الأمر تعدى ذلك إلى اتهام معارضيها بإصابتهم بـ»الهوموفوبيا» أو «رهاب المثلية» ورفع الشعارات لمكافحة هذا الرهاب!
فلو جئنا لمسألة تشريعها كحق من حقوق الإنسان، فإن حقوق الإنسان في الأصل هي الحقوق المتفق عليها بين البشر، مثل: الحق في التعليم والعمل والحياة.. وغير ذلك، فكيف يمكن ضم المثلية الجنسية ضمن هذه الحقوق رغم أن هناك غالبية عظمى ترفضها رفضا قاطعا؟
ثم إن انتماء الفرد لديانة معينة له تأثير على تقبله أو رفضه للمثلية الجنسية، ومن المعلوم أن جميع الأديان السماوية تحرمها، ومعتنقو هذه الأديان يمثلون أغلبية.
وفي استطلاع نشر عام 2013 على مجتمع الشواذ في أمريكا، تبين أن هناك علاقة بين الشذوذ واللادينية، فنحو نصف الشواذ الأمريكيين ليس لديهم أي انتماء ديني مقارنة مع 20 % من إجمالي المجتمع الأمريكي دون انتماء ديني.
موقف الإسلام
في وجهة نظر الإسلام تعتبر المثلية معصية وجريمة شنيعة سبقت بها قرى «سدوم»، قوم سيدنا لوط عليه السلام، حين رفضوا دعوته ومارسوا الفاحشة مع الرجال، وتفشت بينهم لدرجة محاربتهم للأسوياء الذين يترفعون عن انحرافهم، فاستوجب ذلك عقوبة فيها من الإذلال والخزي ما هو جلي لمتأملها، حيث قلبت ديارهم عليهم ورجموا بالحجارة حتى لم يبق منهم أحد «فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود» هود (82).
إن ممارسة هذه العلاقة سواء بين رجل ورجل أو امرأة وامرأة، واستمراءها وطول العهد بها، يخلقان نوعا من الإدمان الذي يتأصل في النفس، وفي مراحل متقدمة يصبح التخلص منه ضربا من المستحيل، وهذا يؤثر سلبا على البناء الأسري القائم على الأدوار المشتركة التي تتكامل بوجود كل من الأم والأب والأبناء وعلاقتهم ببعضهم، وينشأ عنه تصادم دائم وملح بالفطرة السوية، مما ينهي كيان الأسرة ويخل بتوازن المنظومة الكونية، ولهذا نجد حدة الشارع الحكيم في بتر هذا السلوك والقضاء عليه، حيث اختلف العلماء المسلمون في الكيفية التي يقتل بها من يمارس الشذوذ الجنسي، فبعضهم قال: يلقى من مكان عال، وبعضهم قال: يغرق إغراقا، وبعضهم قال: يحرق بالنار، ولكنهم اتفقوا على أنها جريمة قذرة تستوجب القتل.
ردة فعل معاكسة
عندما يتصرف الشاذ بناء على ما تمليه عليه نفسه من انحراف، فإن صحته الجسدية والنفسية ستقابل ذلك بالنفور الذي تظهره من خلال الأمراض والصراعات النفسية اللامتناهية، فحسب الإحصاءات الأمريكية أنه بعد أول 5 سنوات من الممارسة الجنسية المثلية فإن 92% من الشواذ قد لجؤوا إلى الانتحار، مرة واحدة على الأقل، و97% منهم لجؤوا للعلاج النفسي، وهذه إحصاءات مرعبة بالنسبة لمجتمع يتقبل المثلية ويدعمها.
ووفقا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها «CDC» فإن الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي تتزايد عند المثليين، إضافة إلى أنهم عرضة للإصابة بمرض السرطان 17 مرة أكثر من غيرهم، وفي الولايات المتحدة الأمريكية يوجد أكثر من 1.1 مليون مثلي الجنس يحمل مرض الإيدز.
براءة الجينات
أما بالنسبة للادعاء القائل بأن الشذوذ الجنسي ناتج عن جينات يولد بها المرء، وعلى افتراض وجودها فعلا فإنه من غير المنطقي أن يتم التبرير لانحراف سلوكي خطير بمجرد وجود جين مسؤول عن ذلك، لأنه وفقا لهذا القياس يمكننا استخدام التبرير نفسه لارتكاب جرائم أخرى كالسرقة والاغتصاب مثلا!
في حين أن الدراسة التي يستندون عليها في ادعائهم قد رفضت من قبل كثير من الباحثين، ففي عام 1993 قام العالم «دين هامر» بعمل هذه الدراسة، حيث افترض أن هناك رابطا محتملا بين المؤشر الجيني Xq28 والمثلية الجنسية، ونشر نتائجها في مجلة Science المعروفة، وعندما تمت إعادة تجربته من قبل باحثين آخرين وعلى عدد أكبر من الشواذ، لم يصل أي منهم إلى نتائج مشابهة، وهذا ما جعلهم يشككون في صحة هذه الدراسة.
هذا بالإضافة إلى أن علم الجينات الحديث يؤكد صعوبة ارتباط صفة سلوكية بجين معين، فمن خلال بحث نشر في مجلة NATURE وجدوا أن الصفات الجسمية البسيطة بعد فك الشيفرة الوراثية أعقد من أن ترتبط بجينات محددة، فكيف بالصفات السلوكية - مثل المثلية الجنسية - التي هي أعقد بكثير من الجسمية!
المواجهة بالعلاج
إنه لمن الوارد في حضارة غربية لا تؤمن سوى بالماديات أن يتم التسليم والخضوع للمثلية الجنسية بالتعايش معها على أنها طبيعية، بينما هي مشكلة مستعصية لا بد من مواجهتها بالعلاج، ولن يتم هذا العلاج إلا بعد إقرار الشاذ بوجود مشكلة فعلية، على أن يقابلها برغبة قوية و إرادة حديدية في التخلص منها، وعلى المعالج أن يدرك أنه يتعامل مع نفس بشرية تحتاج إلى المساندة في تخطي اضطرابها، بمنطلق الرحمة والاحتواء لا بالاشمئزاز والتحقير، وأن يتعاون أطباء النفس ورجال الدين والمجتمع في العمل على تغيير البيئة الموبوءة التي تحتضن الشاذين جنسيا، وهذا لا يتعارض مع إقامة الحد على من يمارس ذلك الشذوذ ويصر عليه.
في ظل التلاعب بالمفاهيم والعولمة الثقافية والهجوم الإعلامي الغربي المشبع بالأفكار الداعمة للشذوذ الجنسي، نقف أمام فيضان جارف لا بد من بناء سد منيع دونه بإعادة تعزيز القيم الإسلامية، وإنقاذ المتضررين من هذه الكارثة.
@madi7a_sb
والأرض منزل البشرية جمعاء، وتحكمها سنن كونية تحافظ على توازن المجتمعات ورقيها متى ما التزمت بها، فانجذاب الذكر للأنثى والعكس، هو أساس الفطرة السليمة التي تناسل بها بنو البشر لعمارة هذه الأرض منذ بدء الخليقة، ولكن ظهور الشذوذ الجنسي أو ما يعرف بـ»المثلية الجنسية»، وهي الميل العاطفي والجنسي لشخص آخر من الجنس نفسه، ينافي الطبيعة البشرية، وبالتالي يمثل تهديدا لاستمرار الكيان البشري واستقراره.
ولعلي أذكر نوعين أساسيين يندرج تحتهما عديد من درجات وتشعبات المثلية الجنسية، النوع الأول يرتبط بالجانب السيكولوجي، ويتمثل في وجود خلل داخلي أواضطرابات نفسية، يمكن أن تكون ناتجة عن تأثير عوامل خارجية تتعلق بمشاكل في التربية أوالتعرض لاعتداء جنسي في الصغر. أما النوع الثاني فيتمثل في وجود انحراف سلوكي يمكن أن يكون ناتجا عن الفضول والرغبة في التجربة، أو التواجد في بيئة لا يختلط فيها بالجنس الآخر كالسجون مثلا.
سطوة الأقلية
لست هنا بصدد التفصيل في الأسباب التي أدت إلى الشذوذ الجنسي، ولكني أسلط الضوء على عد المثلية الجنسية ظاهرة طبيعية غير مخالفة للفطرة! وتبنيها كحق من حقوق الإنسان في اختيار ميوله، بل إن الأمر تعدى ذلك إلى اتهام معارضيها بإصابتهم بـ»الهوموفوبيا» أو «رهاب المثلية» ورفع الشعارات لمكافحة هذا الرهاب!
فلو جئنا لمسألة تشريعها كحق من حقوق الإنسان، فإن حقوق الإنسان في الأصل هي الحقوق المتفق عليها بين البشر، مثل: الحق في التعليم والعمل والحياة.. وغير ذلك، فكيف يمكن ضم المثلية الجنسية ضمن هذه الحقوق رغم أن هناك غالبية عظمى ترفضها رفضا قاطعا؟
ثم إن انتماء الفرد لديانة معينة له تأثير على تقبله أو رفضه للمثلية الجنسية، ومن المعلوم أن جميع الأديان السماوية تحرمها، ومعتنقو هذه الأديان يمثلون أغلبية.
وفي استطلاع نشر عام 2013 على مجتمع الشواذ في أمريكا، تبين أن هناك علاقة بين الشذوذ واللادينية، فنحو نصف الشواذ الأمريكيين ليس لديهم أي انتماء ديني مقارنة مع 20 % من إجمالي المجتمع الأمريكي دون انتماء ديني.
موقف الإسلام
في وجهة نظر الإسلام تعتبر المثلية معصية وجريمة شنيعة سبقت بها قرى «سدوم»، قوم سيدنا لوط عليه السلام، حين رفضوا دعوته ومارسوا الفاحشة مع الرجال، وتفشت بينهم لدرجة محاربتهم للأسوياء الذين يترفعون عن انحرافهم، فاستوجب ذلك عقوبة فيها من الإذلال والخزي ما هو جلي لمتأملها، حيث قلبت ديارهم عليهم ورجموا بالحجارة حتى لم يبق منهم أحد «فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود» هود (82).
إن ممارسة هذه العلاقة سواء بين رجل ورجل أو امرأة وامرأة، واستمراءها وطول العهد بها، يخلقان نوعا من الإدمان الذي يتأصل في النفس، وفي مراحل متقدمة يصبح التخلص منه ضربا من المستحيل، وهذا يؤثر سلبا على البناء الأسري القائم على الأدوار المشتركة التي تتكامل بوجود كل من الأم والأب والأبناء وعلاقتهم ببعضهم، وينشأ عنه تصادم دائم وملح بالفطرة السوية، مما ينهي كيان الأسرة ويخل بتوازن المنظومة الكونية، ولهذا نجد حدة الشارع الحكيم في بتر هذا السلوك والقضاء عليه، حيث اختلف العلماء المسلمون في الكيفية التي يقتل بها من يمارس الشذوذ الجنسي، فبعضهم قال: يلقى من مكان عال، وبعضهم قال: يغرق إغراقا، وبعضهم قال: يحرق بالنار، ولكنهم اتفقوا على أنها جريمة قذرة تستوجب القتل.
ردة فعل معاكسة
عندما يتصرف الشاذ بناء على ما تمليه عليه نفسه من انحراف، فإن صحته الجسدية والنفسية ستقابل ذلك بالنفور الذي تظهره من خلال الأمراض والصراعات النفسية اللامتناهية، فحسب الإحصاءات الأمريكية أنه بعد أول 5 سنوات من الممارسة الجنسية المثلية فإن 92% من الشواذ قد لجؤوا إلى الانتحار، مرة واحدة على الأقل، و97% منهم لجؤوا للعلاج النفسي، وهذه إحصاءات مرعبة بالنسبة لمجتمع يتقبل المثلية ويدعمها.
ووفقا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها «CDC» فإن الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي تتزايد عند المثليين، إضافة إلى أنهم عرضة للإصابة بمرض السرطان 17 مرة أكثر من غيرهم، وفي الولايات المتحدة الأمريكية يوجد أكثر من 1.1 مليون مثلي الجنس يحمل مرض الإيدز.
براءة الجينات
أما بالنسبة للادعاء القائل بأن الشذوذ الجنسي ناتج عن جينات يولد بها المرء، وعلى افتراض وجودها فعلا فإنه من غير المنطقي أن يتم التبرير لانحراف سلوكي خطير بمجرد وجود جين مسؤول عن ذلك، لأنه وفقا لهذا القياس يمكننا استخدام التبرير نفسه لارتكاب جرائم أخرى كالسرقة والاغتصاب مثلا!
في حين أن الدراسة التي يستندون عليها في ادعائهم قد رفضت من قبل كثير من الباحثين، ففي عام 1993 قام العالم «دين هامر» بعمل هذه الدراسة، حيث افترض أن هناك رابطا محتملا بين المؤشر الجيني Xq28 والمثلية الجنسية، ونشر نتائجها في مجلة Science المعروفة، وعندما تمت إعادة تجربته من قبل باحثين آخرين وعلى عدد أكبر من الشواذ، لم يصل أي منهم إلى نتائج مشابهة، وهذا ما جعلهم يشككون في صحة هذه الدراسة.
هذا بالإضافة إلى أن علم الجينات الحديث يؤكد صعوبة ارتباط صفة سلوكية بجين معين، فمن خلال بحث نشر في مجلة NATURE وجدوا أن الصفات الجسمية البسيطة بعد فك الشيفرة الوراثية أعقد من أن ترتبط بجينات محددة، فكيف بالصفات السلوكية - مثل المثلية الجنسية - التي هي أعقد بكثير من الجسمية!
المواجهة بالعلاج
إنه لمن الوارد في حضارة غربية لا تؤمن سوى بالماديات أن يتم التسليم والخضوع للمثلية الجنسية بالتعايش معها على أنها طبيعية، بينما هي مشكلة مستعصية لا بد من مواجهتها بالعلاج، ولن يتم هذا العلاج إلا بعد إقرار الشاذ بوجود مشكلة فعلية، على أن يقابلها برغبة قوية و إرادة حديدية في التخلص منها، وعلى المعالج أن يدرك أنه يتعامل مع نفس بشرية تحتاج إلى المساندة في تخطي اضطرابها، بمنطلق الرحمة والاحتواء لا بالاشمئزاز والتحقير، وأن يتعاون أطباء النفس ورجال الدين والمجتمع في العمل على تغيير البيئة الموبوءة التي تحتضن الشاذين جنسيا، وهذا لا يتعارض مع إقامة الحد على من يمارس ذلك الشذوذ ويصر عليه.
في ظل التلاعب بالمفاهيم والعولمة الثقافية والهجوم الإعلامي الغربي المشبع بالأفكار الداعمة للشذوذ الجنسي، نقف أمام فيضان جارف لا بد من بناء سد منيع دونه بإعادة تعزيز القيم الإسلامية، وإنقاذ المتضررين من هذه الكارثة.
@madi7a_sb