نمر السحيمي

تأثير الثورات العربية في مقررات الفكر والثقافة في المملكة

الاحد - 25 أكتوبر 2020

Sun - 25 Oct 2020

اسمحوا لي أن أتوغل بعمق في دراسة النوافذ المفتوحة في تعليمنا الجامعي، التي تأثر بها طلابنا وطالباتنا وما زالوا يتأثرون سلبا بها، مما انعكس على مخرجات تعليمنا الفكرية والثقافية.

وبعيدا عما هو الفكر وما هي الثقافة، سأقول إن فكر الإنسان وثقافته يتكونان من مصادر عدة، من أهمها الوالدان والعائلة والأصدقاء، والبيئة التعليمية ووسائل الإعلام، والمجتمع المحيط، والذات.

هذه المصادر رغم أهميتها لا يُنظر إليها أبدا في إجراءات التعاقد التي تقوم بها جامعاتنا لدعم هيئتها التعليمية بالمتعاقدين، ولا يمكن أصلا أن يُنظر إليها لأنها في هذين التخصصين أصلٌ في المتعاقد لا يمكن أن تنفك عنه.

وحين تدعم هيئة تدريس جامعاتنا بمتعاقدين متخصصين بالفكر والثقافة، تجب العودة إلى مصادر ذلك الفكر وتلك الثقافة اللذين جاء بها هؤلاء المتعاقدون، وهل تلك المصادر هي مصادر فكرنا وثقافتنا نفسها بالمملكة؟

مع الأسف الجواب أن تلك المصادر تختلف، فهي وإن كانت المصادر نفسها في أي دولة من الدول، فإنها تختلف في المحتوى اختلافا ظاهرا لا يمكن الجدال فيه.

فالمتعاقد المتخصص في الفكر أو الثقافة من الدول العربية - مثلا - التي أُشعلت فيها الثورات ستكون مصادر فكره وثقافته ذات محتوى مرتكز على دور الفرد والشعب في الإطاحة بالحاكم واختيار غيره والتعبير عما يحتاجه الشعب من خلال المظاهرات والشعب.. إلخ.

فيأتي هذا المتعاقد ليجد المملكة دولة مختلفة عن دولته، فيفاجأ بأن مصادر المقررات السعودية في الفكر والثقافة تختلف تماما عن مصادر فكره وثقافته، فوالداه وأصدقاؤه وبيئته التعليمية وغير ذلك من المصادر، كلها تتفق على دور الفرد والشعب وحقهم في الثورة والتظاهر، بينما في المملكة من أهداف الفكر والثقافة في مقررات جامعاتها أن يعم الاستقرار، ويتحقق التكاتف والتلاحم بين القيادة التي اختارها الله وبين الشعب السعودي المسلم المبايع لقيادته بالولاء والطاعة تحت ظل راية التوحيد.

من هنا يجد المتعاقد نفسه حائرا بين تخصصه وبين واقع فكري وثقافي بالمملكة يختلف تماما عن واقع دولته، فيضطر إما أن يدرّس - مجاملة - مقررات الفكر والثقافة في الجامعة التي تعاقدت معه أو يعمل على تقديم فكره وثقافته خارج محتوى المقررات المعتمدة، خاصة إذا كان مؤمنا كباحث بما لديه من علم توصل إليه بأدوات بحثية، فإنه بالتأكيد لن يتنازل عن قناعته بها. وإن المتأثر سلبا من الحالتين التعليم الهش بالمجاملة أو النهج الحركي الثوري، هو الطالب والطالبة من أبنائنا وبناتنا.

ولعل وزارة التعليم تنظر في أعداد أساتذة الفكر والثقافة من المتعاقدين الذين دعمت بهم الجامعات هيئاتها التعليمية من الدول العربية التي شرعنت للثورات العربية، مثل اليمن ومصر وتونس وغيرها.

وفي المستقبل الذي يدعم رؤية المملكة 2030 لعل جامعاتنا إن كانت لا بد متعاقدة في تخصصات الفكر والثقافة فلعلها تتعاقد مع متعاقدين من دول تضمن سلامة مصادر فكرهم وثقافتهم، حماية لطلابنا وطالباتنا ومستقبل بلادنا.

alsuhaimi_ksa@