هل يقود إردوغان عصابات تجارة الرقيق؟

القرصنة والتدخل في شؤون الغير وإرسال المرتزقة عقيدة تركيا العسكرية
القرصنة والتدخل في شؤون الغير وإرسال المرتزقة عقيدة تركيا العسكرية

السبت - 17 أكتوبر 2020

Sat - 17 Oct 2020

شكك الكاتب الأمريكي ديفيد ليبيسكا في نوايا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وقال إن تصرفاته الأخيرة قد تعيد العالم إلى ما كان يفعله أجداده العثمانيون قبل مئات السنين عندما حولوا قائدي عصابات تجارة الرقيق إلى أبطال.

وأكد أن كلام إردوغان عن رغبة تركيا في استرجاع حصتها العادلة في المتوسط والبحر الأسود وبحر إيجه، يذكر العالم بمآس قديمة عندما كانت ترى «العدل» من منظور مختلف، وحين كان التعدي على الآخرين وقمعهم يمثل «البطولة» بالنسبة لهم.

عروج وخضر

ويقول ديفيد ليبيسكا المحلل في صحيفة «ذا ناشونال» الإماراتية «أواسط القرن السادس عشر، كان للسلطنة العثمانية نفوذ في كامل البحر المتوسط بفعل شقيقين ولدا في جزيرة يونانية اليوم تدعى ليسبوس، هما عروج وخضر، اشتهر الاثنان حينها بكونهما قرصانين قابلين للإيجار، وحظيا بدعم ياوز سلطان سليم الذي بنى أسطولا عثمانيا قويا، وتمكن خضر الذي بات معروفا حينها باسم «بابروس» ذي اللحية الحمراء، من هزيمة تحالف بين البندقية وإسبانيا قبالة الساحل اليوناني سنة 1538. بعدها سيطر العثمانيون على جميع الجزر في بحر إيجه».

ويؤكد الكاتب أن معظم المؤرخين يرون الشقيقين كقرصانين وتاجري عبيد، لكن يتم تلقين التلاميذ الأتراك في المدارس عن «المآثر الشجاعة» للرئيس عروج وخير الدين بابروس، ويرى أن القصة تكشف عقيدة الوطن الأزرق في السياسة الخارجية التركية، والتي تقوم على إعادة إحياء النفوذ العثماني على مستوى البحار.

الوطن الأزرق

ويستخدم إردوغان سفنا للأبحاث الزلزالية تحمل اسميهما «عروج وخضر» لإعلان رغبة الدولة في الدفاع عن حقوقها البحرية وتحدي القوى الإقليمية.

وأطلق الأميرال البحري المتقاعد جيم غوردنيز مصطلح الوطن الأزرق الذي يشمل البحار الثلاثة المحيطة بتركيا، وانتشر المصطلح منذ سنة حين ألقى إردوغان خطابا أمام خريطة حول نية تركيا السيطرة على أكثر من 460 ألف كلم في هذه البحار.

وفي الشهر الماضي، ظهرت سفينة عروج رئيس مصحوبة بسفن حربية في مياه الجزيرة اليونانية كاستلوريزو، وتسببت تركيا بدفع اليونان، زميلتها في حلف شمال الأطلسي، إلى حافة الحرب معها بعدما وضعت قواتها في حال تأهب قصوى.

ولم يطلق الطرفان محادثات أولية إلا بعدما عادت سفينة عروج رئيس أدراجها.

لكن في اليوم نفسه، أرسلت تركيا سفينة خير الدين بابروس باشا إلى المياه التي تدعي قبرص ملكيتها لها، من أجل التنقيب عن الطاقة، ويتوقع أن تبقى السفينة هناك حتى الأسبوع الثاني من نوفمبر.

عودة الموتى

ووفقا للكاتب، أرسلت تركيا خلال السنتين الماضيتين 6 سفن بحثية مصحوبة بسفن حربية للتنقيب في تلك المياه، ووقعت السنة الماضية اتفاق ترسيم حدود مع حكومة الوفاق الليبية وهو أمر يوسع ادعاءات تركيا المتوسطية بشكل يغطي جميع مياه جزيرة كريت، لكن هذا التجرؤ البحري يتعلق بعقيدة الوطن الأزرق أكثر من تعلقه بموارد الطاقة.

ويتفق معظم المحللين على أن أي غاز طبيعي يستخرج من شرق المتوسط لن يجد على الأرجح من يشتريه في أوروبا أو آسيا، وبالتوازي مع هذه العقيدة، عززت تركيا قوتها البحرية وأيضا صناعة الأسلحة التركية.

ويؤكد المحلل أن تركيا تتمتع بوجود عسكري أو تدعم وكلاءها في قطر والعراق وسوريا وليبيا والسودان والصومال، وربما اليمن، وبدأت ترسل مقاتلين أجانب لخوض حروبها. وبفعل موطئ قدمها البارز في سوريا، بات بإمكان إردوغان إرسال آلاف الثوار السوريين للحرب في ليبيا أو في النزاع بين أرمينيا وأذربيجان، وتريد تركيا تفادي الكارثة السياسية المحتملة بعودة جنودها الأتراك في نزاعات بعيدة عبر أكياس جثث، إذ سيكون الأمر مريرا في ظل أزمة اقتصادية حادة.

خانة الأعداء

وفي إطار التعديات التركية المتواصلة، دعت مصر حلفاءها في الجامعة العربية للاتحاد في مواجهة الاعتداءات التركية الإقليمية خصوصا في سوريا، وقاطعت السعودية البضائع التركية لأكثر من عام، بينما تقترح تقارير حديثة أن عمان والبحرين ودولا أخرى قد تنضم قريبا إلى هذا الجهد.

وأشار ليبيسكا إلى عنصر أساسي في هذه العقيدة يستند إلى إلقاء مشاكل تركيا على القوى الغربية، ووضع الولايات المتحدة وأوروبا في خانة الأعداء على الرغم من انضمامهم إلى الحلف العسكري نفسه، لكن الولايات المتحدة غارقة في انتخاباتها ولم يقدم الاتحاد الأوروبي ما يفوق بكثير الإدانات المتكررة لتركيا والتحذير بفرض عقوبات، وفي الاجتماع الأخير أوائل الشهر الحالي، أجل القادة الأوروبيون العقوبات إلى الاجتماع المقبل في ديسمبر.

وحذر المحلل الأمريكي من أن الوقت يمر سريعا، ومن أن أي حل للنزاع يقوم على ترك حكومة الوفاق في طرابلس كما هو سيشجع تركيا على مواصلة طموحاتها والاستمرار بالتنقيب في المتوسط، ويقول في النهاية «لقد غادرت عروج رئيس الميناء وتوجهت إلى المياه المفتوحة الأسبوع الماضي. بعدها بأيام، ذكرت تقارير تركية أن وجهة التنقيب التالية ستكون كريت».