انتقال تجارة الرقيق في مكة من العلن إلى السر (4-4)

بداية من عام 1270هـ تراجعت تجارة الرقيق، وذلك لضغط الدول الأوروبية على العاصمة العثمانية لمنعها، وتوقيع مصر معاهدة مع بريطانيا سنة 1294هـ، وجاء ضمن بنودها «أن من حق الحكومة البريطانية مراقبة السفن في البحر الأحمر، وخليج عدن، وسواحل بلاد العرب، ومصادرة من عليها من الرقيق وإيصالهم إلى بلادهم»

بداية من عام 1270هـ تراجعت تجارة الرقيق، وذلك لضغط الدول الأوروبية على العاصمة العثمانية لمنعها، وتوقيع مصر معاهدة مع بريطانيا سنة 1294هـ، وجاء ضمن بنودها «أن من حق الحكومة البريطانية مراقبة السفن في البحر الأحمر، وخليج عدن، وسواحل بلاد العرب، ومصادرة من عليها من الرقيق وإيصالهم إلى بلادهم»

الاحد - 20 ديسمبر 2015

Sun - 20 Dec 2015



بداية من عام 1270هـ تراجعت تجارة الرقيق، وذلك لضغط الدول الأوروبية على العاصمة العثمانية لمنعها، وتوقيع مصر معاهدة مع بريطانيا سنة 1294هـ، وجاء ضمن بنودها «أن من حق الحكومة البريطانية مراقبة السفن في البحر الأحمر، وخليج عدن، وسواحل بلاد العرب، ومصادرة من عليها من الرقيق وإيصالهم إلى بلادهم».

واشتد التضييق بالمعاهدة التي أبرمتها الدولة العثمانية سنة 1297هـ مع بعض الدول الأوروبية لمنع هذه التجارة.

وانتقلت بعد ذلك تجارة الرقيق من العلن إلى السر، واختفت المزادات العامة، وساعد على ذلك أن أمراء مكة أنفسهم والعلماء فيها وبعض الولاة من العثمانيين، كانوا ضد منعها، فلجؤوا إلى التغطية والتستر عليها، حتى لا يصطدم التجار بشكل مباشر مع السلطات أو القناصل الأوروبيين.

كما أن بعض أصحاب النفوذ من الموظفين في القناصل أو الإدارات الحكومية، كانوا يستفيدون منها، فحرصوا على عدم منعها، واستمر تهريب الرقيق خلال سواحل البحر الأحمر، ومواطن تجمع الصيادين، وشارك بعض الأوروبيين المقيمين في جدة في ذلك.

يضاف إلى ذلك سبب مهم آخر في عدم نجاح منع هذه التجارة، وهو أن النظرة العامة من قبل الأوروبيين أنفسهم لقرارات منع هذه التجارة كان يشوبها الشك في مصداقية إنسانية المنع المجردة من الأغراض الأخرى، حتى إن المستشرق سنوك هرخرونيه يقول عن ذلك «إن ما يسمى حركة تحرير الرقيق، ليس سببها اهتماما شعبيا لغاية شريفة، ولكنه لعبة خطرة مزيفة من رجال السياسة الكبار لأغراض ليست إنسانية، وذلك من أجل أن يتخذ العالم المسيحي موقفا عدائيا خاطئا ومزيفا ضد الإسلام».

يضاف إلى ذلك أن المماليك أنفسهم كانوا يرفضون عروض العتق، التي يحاول تقديمها بعض الناشطين في محاربة هذه التجارة، والذين كانوا يريدون إرسالهم إلى موطنهم الأصلي، كما أن تحرير الرقيق كان يفرض على القنصليات التي تحررهم مسؤولية تأمين سبل العيش والعمل لهم، مما يمثل عبئا لا تتحمله هذه القنصليات.

ولعل ذلك يعد من أهم الصعوبات التي واجهت الناشطين في منع هذه التجارة، فلجؤوا في كثير من الحالات إلى إرجاع العبيد إلى ساداتهم في مقابل أن يعطوهم أجرا مقابل عملهم.

لذلك بدأت أسعار الرقيق في الارتفاع، حيث أصبح التجار يقصدون طرقا بحرية أو برية جديدة، ليكونوا في مأمن من الرقابة التي تفرضها الدول المهيمنة على البحر الأحمر، كما أصبحوا يتوغلون في أعماق أفريقيا لنفس السبب، مما أصبح يكلفهم الكثير من الجهد والمال، وفي الوقت نفسه أصبح نقلهم إلى مسافات طويلة وطرق وعرة، يصيبهم بالتعب، ويسبب في وفاتهم.

أي أن تجارة الرقيق أصبحت نوعا من تجارة المغامرة، وتتم مصادرتهم قبل وصولهم إلى المشترين، فمثلا في سنة 1290هـ، وجدت السفن الإنجليزية في البحر الأحمر عددا من السفن المحملة بالرقيق قادمة من عدن، فأخذوا الرقيق وأغرقوا السفن.

وأصدر شريف مكة في عام 1294هـ أمرا بإزالة دكك عرض الرقيق من شارع سويقة، خوفا من مصادرتهم، إلا أنه أمر التجار ببيعهم خفية.

وفي سنة 1296هـ، هاجم قائم مقام ولاية الحجاز مع القنصل الإنجليزي بيتا فيه ثلاثون مملوكا لقبيلة زبيد، وسفروهم وحبسوا الجلابة.

وضمن الازدواجية في القرارات بين المنع والسماح بالبيع، وصلت سنة 1303هـ، مجموعة من الرقيق عددهم أكثر من ثمانين فردا، تسلمهم قائم مقام جدة، ومن ثم تسلمهم منه والي مكة، ووزعهم على أصدقائه وكبار العساكر، دون معارضة من أحد.

كما أن كثيرا من الرقيق بدؤوا يهربون من أصحابهم، ويسلمون أنفسهم إلى إحدى القنصليات الأوروبية في جدة.

ومن ذلك أنه في سنة 1309هـ، هربت مجموعة من الرقيق من قبيلة الصحاف، وسلموا أنفسهم للقنصل الإنجليزي، فأرسلهم لقائم مقام والي جدة، فأعطاهم أوراقا بالعتق.

مما تسبب في سوء العلاقة بين الشريف عون الرفيق أمير مكة، وبين قبيلة الصحاف.

وتكرر هذا الأمر مع قبيلة زبيد، مما سبب إرباكا كبيرا، بين الوالي وأمير مكة، وفي نفس الوقت يتسبب ذلك في توتر العلاقة بين الشريف وأصحاب المماليك الهاربين.



1294هـ



وقعت مصر معاهدة مع بريطانيا، تعطي الثانية الحق بمراقبة السفن في سواحل البحر الأحمر، وخليج عدن، ومصادرة الرقيق وإعادتهم لبلدانهم



1294هـ



أمر شريف مكة حينها بإزالة دكك عرض الرقيق من شارع سويقة