خبير أمريكي: إيران تحاول «لبننة» العراق

خطط ترمب تهدف إلى خفض القوات الأمريكية إلى 3 آلاف جندي
خطط ترمب تهدف إلى خفض القوات الأمريكية إلى 3 آلاف جندي

الخميس - 15 أكتوبر 2020

Thu - 15 Oct 2020








عناصر من الحشد الشعبي العراقي                                                   (مكة)
عناصر من الحشد الشعبي العراقي (مكة)
تعهد عدد من المشرعين العراقيين بطرد القوات الأمريكية من بلادهم بعد أن تسببت غارة جوية أمريكية بالقرب من مطار بغداد في أوائل يناير الماضي في مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني، وأبو مهدي المهندس قائد الميليشيات المدعومة من إيران، ومعظمها من الميليشيات الشيعية التي تعرف مجتمعة باسم قوات الحشد الشعبي، وهذا لم يحدث إلا لأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد تكون في منتصف عملية إجلاء نفسها.

حيث قال ماكس بوت الخبير بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي «إن الولايات المتحدة أعلنت أخيرا عن خطط لخفض عدد القوات الأمريكية في العراق من 5200 جندي إلى 3000 جندي، وفي أواخر سبتمبر هدد وزير الخارجية مايك بومبيو بإخلاء السفارة الأمريكية بالكامل في بغداد إذا استمرت الهجمات التي تشنها قوات تعمل بالوكالة لحساب إيران، ومنذ ذلك الحين، يبدو أن الهجمات الصاروخية على السفارة الأمريكية والمنشآت العسكرية الأمريكية في العراق قد توقفت، إلا أن الهجمات بعبوات ناسفة على القوافل التي يديرها العراق والتي تزود القوات الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية بالإمدادات استمرت».

عمل متهور

وأضاف بوت في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية قائلا «إن خفض التصعيد ربما يرجع إلى رغبة إيران في تجنب أزمة قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية قد تساعد في إعادة انتخاب الرئيس ترمب، والآن عرضت الميليشيات تعليق الهجمات الصاروخية على القوات الأمريكية إذا قدمت الحكومة العراقية جدولا زمنيا لانسحاب تلك القوات».

وفي هذا الإطار قد يكون من المنطقي بالنسبة للولايات المتحدة تقليص بعثتها الدبلوماسية في بغداد، حيث إنها تعد الأكبر في العالم، إلا أن سحب كل قواتها أو دبلوماسييها من العراق سيكون عملا متهورا، وسيتسبب في منح إيران ما تريده بالضبط، وطالما ظلت القوات الأمريكية في العراق، ستتمكن من مواجهة النفوذ الإيراني، الذي لا يزال كبيرا وغير منقوص على الرغم من كل العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب على طهران.

لبننة العراق

وحذر بوت من أن إيران تحاول (لبننة) العراق، حيث تسعى للسماح لحكومة موالية للغرب بالحكم نظريا في حين تكون السلطة الحقيقية في أيدي ميليشيات مدعومة من إيران في لبنان، هذه القوة هي حزب الله، وفي العراق هي ميليشيات مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، وكان أهم عمل للكشف عن نفوذ الميليشيات الإيرانية هو ما قام به هشام الهاشمي، الباحث العراقي الذي عمل مستشارا للحكومة العراقية وقاتل في وقت من الأوقات كمتمرد ضد القوات الأمريكية.

ووجد الهاشمي أن «استيلاء الميليشيات التدريجي على الدولة، على أساس إعادة الإعمار والمصالحة بعد حرب أهلية، هو حرب طائفية في جزء منه، واحتلال وجريمة منظمة في جزء آخر، لكنه في الواقع يعني الهيمنة الإيرانية كلية».

إلا أن الهاشمي دفع حياته ثمنا لأبحاثه، حيث اغتاله مسلحون يوم 6 يوليو خارج منزله في بغداد، فيما ينظر إليه على نطاق واسع على أنه عملية نفذتها قوات الحشد الشعبي، ونقل صديقه المحلل الأمني السوري الأمريكي حسن حسن، الذي تحدث إلى الهاشمي قبل ساعتين من وفاته هذه النتائج السابقة التي توصل إليها الهاشمي.

محاولات الكاظمي

ومنذ أن تم القضاء على خلافة داعش المزعومة في العراق إلى حد كبير في عام 2017، كان رؤساء الوزراء العراقيون يحاولون، دون نجاح يذكر تقليص قوة الحشد الشعبي، الذي كان سبب وجوده هو محاربة المتطرفين السنة.

وكان آخر من حاول تقليص قوة الحشد الشعبي هو مصطفى الكاظمي، وهو رئيس سابق للاستخبارات العراقية وصل إلى منصب رئيس الوزراء في مايو بعد احتجاجات شعبية على الفساد والبطالة، وفي أواخر يونيو، أمر الكاظمي باعتقال أربعة عشر عضوا من أعضاء كتائب حزب الله، ولكن بعد أن دخل مسلحون في شاحنات صغيرة إلى المنطقة الخضراء في بغداد، حيث مقر الحكومة وطالبوا بالإفراج عنهم، تم إطلاق سراح معظم المعتقلين، وتم تصويرهم في وقت لاحق وهم يحرقون الأعلام الأمريكية ويدوسون على صور الكاظمي.

الرهان الأفضل

ويتعين على الولايات المتحدة أن تستمر في دعم الكاظمي، الذي يعتبر أكثر رئيس وزراء موال للغرب في العراق منذ سقوط صدام حسين، وهو أفضل رهان ليس فقط لكبح جماح وكلاء إيران، ولكن أيضا لمنع عودة ظهور تنظيم داعش الذي يتردد أن لديه عشرة آلاف مقاتل في العراق وسورية، واحتياطيات مالية لا تقل عن 100 مليون دولار، وهذان الهدفان مرتبطان ارتباطا وثيقا، فكلما زادت سيطرة الميليشيات المدعومة من إيران على الدولة العراقية، زاد لجوء السنة العراقيين إلى الجماعات المتطرفة مثل تنظيم داعش من أجل الحماية، وفي المقابل، كلما بدت الدولة العراقية غير طائفية زاد احتمال رفض السنة لمداهنات داعش.

ويرى الكاتب أنه لتحقيق هذا الهدف، يجب على الولايات المتحدة أن تستمر في الضغط من أجل دولة غير طائفية من خلال المساعدة في تدريب قوات الأمن العراقية، والمساعدة في تقديم المشورة للقادة العراقيين، وتقديم المساعدة الحاسمة في مجالات مثل الاستخبارات والخدمات اللوجستية، ولا يمكن القيام بذلك إلا إذا حافظت الولايات المتحدة على وجود كبير على الأرض- ثلاثة آلاف جندي كحد أدنى- على الرغم من مخاطر الهجمات المدعومة من إيران.