ياسر عمر سندي

الكورونيون المستجدون

الأربعاء - 07 أكتوبر 2020

Wed - 07 Oct 2020

في هذه الآونة التي أعتبرها فترة متأرجحة من وضع كورونا المستجد، والذي تسبب في انعكاسات نفسية سلبية على بعض الشخصيات، أفرزت تصرفات عدة، وأحدثت للمجتمع بعض المشكلات.

ومن الملاحظ أن الأحداث الحالية الصحية، والاقتصادية، والأمنية، والمجتمعية، التي مرت بها الدول العالمية العربية منها والأجنبية، ومن ضمنها مجتمعنا المحلي، الذي من خصائصه المميزة التوادد، والتراحم على جميع الأصعدة؛ أثرت حتما بهذه الضربات النفسية، التي أعاقت طريقة التواصل الاجتماعي العفوي، والمقصود، جراء وباء كوفيد 19 الذي عزز سلوكيات غير مرغوب فيها، كانفعالات الخوف، ونوبات الذعر، والوسوسة القهرية، والتوجس، والتردد.

ما ذكرته من حالات ليست ضربا من الخيال بل حقيقة واقعية أجدها تتعاظم وتتنامى في الشخصيات الحساسة والهشة تحديدا، ويبدو من تحليلي الشخصي أنها ظهرت بعد فترة المنع والحجر المنزلي، الذي امتد بضعة أشهر، فزادت معه معدلات الحذر التواصلي، والخلل التفاعلي.

في حقيقة الأمر رغم القرار للعودة إلى الحياة الطبيعية، والسماح بمزاولة الأعمال والأنشطة الحياتية، تلازم مع ذلك تعزيز آليات التباعد للمسافات الاجتماعية، وأخذ الاحتياطات الاحترازية، لكن الموضوع أخذ منحى آخر من البعض مع الأسف في عدم الالتزام والانتظام، مما تسبب في انتقالات عشوائية للعدوى، بتصرفات فئة أصنفهم في اللاإنسانيين سلوكيا، وعديمي الشعور بالآخرين، من ناحية اللامبالاة المجتمعية وعدم الاحترام والتقدير بإظهار القلق الاجتماعي، خاصة في مسألة الصحة العامة، والوقاية التامة.

فالعودة للحياة الطبيعية اضطرت البعض للمخالطة غير المقصودة أحيانا، وتحديدا للموظفين والموظفات في الوزارات والشركات، أو من اضطرتهم الظروف لمراجعة المستشفيات، أو الخروج للضروريات، وغيرها من الأمور التي تسببت في الإصابة بكورونا المستجد.

المشكلة في رأيي ليست في الإصابة بالفيروس، فهو أمر مقدر بمشيئة الله سبحانه وتعالى، لكن المعضلة تكمن في أمرين؛ الأول عدم الإعقال والتوكل الصحيح، بالالتزام والاهتمام، والثاني لمن أصيبوا به وبدأت تظهر عليهم الأعراض بمؤشرات مبدئية محسوسة كارتفاع درجة الحرارة أو الاحتقان في الحلق، أو الصعوبة في التنفس، وظهور النتيجة الإيجابية عليهم بعد الفحص، والكارثة أنهم يخفون ويكتمون إصابتهم، وكأنما أصيبوا بوصمة عار وفضيحة تستدعي الفرار.

هؤلاء الذين أطلقت عليهم «الكورونيون المستجدون» لا يلتزمون بالحجر المنزلي، بل يتنقلون ويخالطون الآخرين، والمفترض أن ينعزلوا 14 يوما على الأقل، ثم يعاد فحصهم للتأكد من سلبية النتيجة، لكن مع الأسف ما يحدث من هذه الفئة بعيد كل البعد عن المسؤولية المجتمعية والإنسانية المطلوبة في ظل هذه الظروف، تجاه غيرهم ممن لديهم أمراض مزمنة وانعدام للمناعة أو من هم كبار في السن من الشيوخ والعجزة، حيث يتفاعل الكورنيون المستجدون مع أقاربهم في المناسبات وتلبية الدعوات، والتجمعات مع الصداقات في الأماكن المغلقة والاستراحات، ضاربين عرض الحائط كل ما من شأنه أن يعرض الآخرين لخطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد.

وأرى من وجهة نظري السلوكية أن هؤلاء يتصرفون بوعي معرفي ناقص، وثقافة أخلاقية منقوصة، من خلال ممارسة وسيلة الدفاع النفسي بالإصرار، والإنكار المستمر بأنهم غير مصابين، وأنهم ليسوا المتسببين في نقل العدوى، وهذا الإلحاح يعد اعترافا ضمنيا بأنهم المسؤولون حقا، من منطلق يكاد المريب أن يقول خذوني.

فالأخلاقيات المجتمعية والسلوكيات الإنسانية تحتم على الأفراد في هذه الفترة تحديدا الوعي التام، الوقائي والعلاجي مع الآخرين قريبين وبعيدين، فكورونا المستجد يتطلب التعاطي معه بالفكر، والتأدب المتجدد في التعامل البيني أيها الكورنيون المستجدون.

@Yos123Omar