خالد الحبشان

الفساد الإداري وإساءة استخدام السلطة

الاحد - 04 أكتوبر 2020

Sun - 04 Oct 2020

ظهر في الآونة الأخيرة وانتشر بشكل واسع مصطلح «الفساد الإداري»، فلا يمر علينا يوم دون سماع تلك العبارة، سواء في الإعلام المرئي أوالمسموع أو المقروء، رقميا كان أو تقليديا. فما هو الفساد الإداري؟

الفساد الإداري بكلمات بسيطة هو استغلال الوظيفة العامة لتحقيق منفعة ما أو انتهاج سلوك خاطئ ينم عن عدم التزام بأخلاقيات المهنة أو الوظيفة.

وقد نجد صورة هذا الفساد في أشكال عدة، ويلبس وجوها عدة، منها: سوء استخدام السلطة أو التعسف في اقتضاء موجباتها، والرشوة، والواسطة والمحسوبية والمحاباة، والاختلاس، والابتزاز.

ورغم تداول هذا المصطلح بشكل كبير مؤخرا، إلا أنه موجود منذ العصور القديمة، وله صور شتى، منها إساءة استخدام الصلاحيات المعطاة للموظف، واستغلال النفوذ الوظيفي وغياب المساءلة، والتساهل مع الفاسدين، ونجد هذا الورم السرطاني ينهش في كل طبقات المجتمع.

وتغلغل داخل المجتمعات حتى أصبح ظاهرة، فلا يخلو مجتمع ما من الفساد الإداري، لكن تختلف نسبة انتشاره من مجتمع لآخر، ولعلنا في مجتمعاتنا العربية نرى استفحال هذه الظاهرة واستيطانها بشكل مؤذٍ للغاية. فتجد - والحال كذلك - أن خُلق النزاهة استثناء والفساد هو الأصل والقاعدة! وإن تحريتها وبحثت عنها فلن تجدها إلا في ركن قصيّ تنأى بنفسها، مخافة أن تطالها لوثة هذا الوباء ودرنه.

تذكرت قصة ليونز في «في بلد العميان»، عندما ظن أنه يمكنه أن يصبح ملكهم وحاول إقناع أهل البلدة العميان بأنه يرى ما لا يرونه ويسرد لهم ما يراه، حينها اتهموه باختلال عقله وأقنعوه بأنه كي يرجع طبيعيا ويصير مثلهم لا بد من اقتلاع عينيه. والمغزى من هذه القصة أنه مع شيوع الفساد المحيط بنا نظن أنه الحق ولا حق سواه وأن النزاهة هي الباطل.

وفي متابعة ما يصدره ولي الأمر بهذا الخصوص وما تقوم به الجهات الرقابية من أعمال القبض والتحقيق للفاسدين ومن يدور في فلكهم، نجد أن القيادة الرشيدة قد اختطت منهجا واضحا في هذا الشأن مفاده بأن لا أحد فوق المساءلة كائنا من كان!

بقي أن نشير إلى أن الفساد المالي يدور مع الفساد الإداري وجودا وعدما، كالجنين في رحم أمه، يربطهما حبل سري يحمل له الغذاء والهواء.

إن «الفساد الإداري والمالي» داء عضال يصيب مفاصل الوطن الاقتصادية والاجتماعية في مقتل، به تضيع مقدراته وتتآكل احتياطيات الأجيال القادمة وتهدر معه الطاقات، وندخل في نفق مظلم، ومستقبل أشبه بالسراب.