فيصل الشمري

أهمية المجمع الانتخابي

الخميس - 24 سبتمبر 2020

Thu - 24 Sep 2020

أستمر معكم في الإبحار في عالم الانتخابات الأمريكية، خاصة المجمع الانتخابي (المفوضين)، ولماذا هو مهم.

أعلم أن هذا موضوعا لا يبدو مهما، لكن نظرا لأن مقالنا السابق شرح آلية الانتخابات الأمريكية وسلطنا الضوء على أهمية المجمع الانتخابي؛ أعدك أنه أحد الموضوعات الأكثر أهمية لفهم أن الديمقراطية ليست طريقة واحدة.

شرح أهمية المجمع الانتخابي يتطلب منا مراجعة مختصرة جدا للحياة المدنية. لا يختار رئيس ونائب رئيس الولايات المتحدة من خلال تصويت شعبي على الصعيد الوطني للشعب الأمريكي؛ بدلا من ذلك، يختار من قبل 538 ناخبا. هذه العملية منصوص عليها وفق دستور الولايات المتحدة. لماذا لم يجعل المؤسسون الأمر سهلا؛ المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات يفوز؟ لماذا أنشؤوا المجمع الانتخابي؟ ولماذا لا تزال أمريكا بحاجة إليه؟ الإجابة ليست لفهم المجمع الانتخابي فحسب، بل سوف تؤدي بك إلى فهم أمريكا أيضا.

لم يكن لدى مؤسسي الولايات المتحدة الأمريكية أي نية لخلق ديمقراطية خالصة تحكمها الأغلبية، لقد كانوا على درجة كبيرة من الوعي والفهم للشخصية الإنسانية ومن خلال الدراسة المتأنية للتاريخ ما نسيه معظم الناس اليوم أو لم يتعلموه قط أن: الديمقراطيات النقية لا تنجح لكن تنفجر على نفسها.

تخيل الديمقراطية بأسلوب هزلي، ذئب وحمل يصوتان على العشاء في ديمقراطية خالصة، يمكن للأغلبية البسيطة بسهولة الاستبداد والتفرد بالبلاد مثل (تركيا).

أراد المؤسسون تجنب ذلك بأي ثمن لهذا السبب في أمريكا ثلاثة فروع للحكومة - التنفيذية والتشريعية والقضائية. لهذا السبب يوجد في كل ولاية عضوان في مجلس الشيوخ بغض النظر عن عدد سكانها، ولكن أيضا عدد مختلف من النواب يعتمد كليا على عدد السكان. لهذا السبب يتطلب الأمر أغلبية ساحقة في الكونجرس وثلاثة أرباع الولايات لتغيير الدستور، وللسبب نفسه اختيرت طريقة المجمع الانتخابي في الانتخابات.

أما عن كيفية عمل المجمع الانتخابي، فتجري الانتخابات الرئاسية على مرحلتين؛ الأولى ديمقراطية بحتة، تجري 51 انتخابات شعبية في كل سنة انتخابات رئاسية في جميع الولايات والعاصمة. في يوم الانتخابات عام 2016 ربما كنت تعتقد أنك ستصوت لصالح المرشح ترمب أو كلينتون، لكنك حقا كنت تصوت لمجموعة من الناخبين الرئاسيين (المفوضين). في رود أيلاند على سبيل المثال إذا صوت لصالح كلينتون فإنك تصوت لصالح الناخبين الديمقراطيين الأربعة في الولاية، إذا صوّت لترمب فإنك تصوت حقا لصالح الناخبين الجمهوريين الأربعة للولاية. أما المرحلة الثانية من الانتخابات فتعقد في ديسمبر. وهذه الانتخابات من بين 538 ناخبا (مفوضا) من الولايات وليس انتخابات نوفمبر هي التي تحدد رسميا هوية الرئيس المقبل. يلزم 270 صوتا من بين 538 ناخبا (مفوضا) على الأقل للفوز.

لماذا المجمع الانتخابي مهم؟

النظام يشجع بناء التحالفات والحملات الوطنية، وللفوز يجب أن يحصل المرشح على دعم أنواع مختلفة من الناخبين من مختلف أنحاء أمريكا. الفوز فقط في الجنوب أو الغرب أو الشمال لا يصل بالمرشح للرئاسة، لا يمكنك الفوز بـ 270 صوتا انتخابيا إذا كان جزء واحد فقط من أمريكا يدعم المرشح. لكن إذا كان الفوز يتعلق بالحصول على أكبر عدد من الأصوات فحسب فقد يركز المرشح كل جهوده في أكبر المدن أو أكبر الولايات. لماذا يهتم هذا المرشح بما يعتقده الناس في وست فرجينيا أو آيوا أو مونتانا؟

قد تتساءل: أليست الانتخابات حقا تتعلق بالولايات المتأرجحة المهمة فحسب؟ في الواقع: لا. إذا لم يكن هناك شيء آخر فإن الولايات الآمنة والمتأرجحة للمرشح الجمهوري والديموقراطي تتغير باستمرار. آخر مرة صوتت كاليفورنيا بأمان للجمهوريين عام 1988. كانت تكساس تصويت للديمقراطيين، لم تكن ولايات نيوهامشير أو فرجينيا ولايات متأرجحة. يعتقد معظم الناس أن جورج دبليو بوش فاز في انتخابات عام 2000 بسبب فلوريدا، نوعا ما الأمر صحيح، لكن ولاية فيرجينيا الغربية التي اعتقد الديمقراطيون أنها آمنة وتبين أن أصواتها الانتخابية (المفوضين) الأربعة كانت حاسمة لصالح بوش. لا يمكن لأي حزب سياسي أن يتجاهل أي ولاية لفترة طويلة دون أن يعاني من العواقب، كل ولاية مهمة، وبالتالي كل ناخب (المفوضين) في كل ولاية مهم.

المجمع الانتخابي (المفوضون) طريقة بارعة لاختيار رئيس لجمهورية كبيرة ومتنوعة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، فهي تحمي من استبداد الأغلبية البسيطة أو المطلقة، وتشجع على بناء التحالفات وتثبط تزوير الناخبين. المؤسسون كانوا فخورين بذلك وسابقين لزمانهم.

mr_alshammeri@