أحمد صالح حلبي

خدمات الحجيج في العهد السعودي

الخميس - 24 سبتمبر 2020

Thu - 24 Sep 2020

بعد أن بسط الملك عبدالعزيز - رحمه الله - الأمن والأمان، ووحد الأرجاء، نظر صوب حجاج بيت الله الحرام ومعاناتهم، فوجد أنها رحلة تجمع بين الجوع والعطش، فكانت خطوته الأولى العمل على توفير المياه بحفر الآبار بطرق الحجاج وجعلها سبيلا يروون منها عطشهم، ووضع على كل بئر مصباحا يضيء ليلا ولوحة إرشادية على الطريق ليهتدي إليه الحجاج، وعيّن على كل بئر عاملا يتولى سقاية من يرد على البئر دون مقابل مالي.

وفي منطقة المشاعر المقدسة «عرفات، مزدلفة، منى»، أصدر أمره الكريم في السادس عشر من محرم عام 1346هـ بحفر عدد من الآبار الارتوازية، إضافة إلى توجيهه بإنشاء إدارة خاصة تعنى بالمياه وتعمل على توفيرها أطلق عليها إدارة عين زبيدة، تتولى الإشراف على عين زبيدة والآبار الخاصة بها، وتعمل على تنظيفها وترميمها، وكان من مهامها إيصال المياه لأحياء مكة المكرمة، لسد احتياجات مكة المكرمة من المياه على مدار العام وفي موسم الحج.

وكما برز اهتمام الملك عبدالعزيز بالماء العذب، برز اهتمامه بماء زمزم، فأصدر أمره الكريم عام 1345 هـ بإنشاء سبيل له عرف بسبيل الملك عبدالعزيز، وفي عام 1346 هـ أمر بإنشاء سبيل ثان لسقيا زمزم، كما أمر في العام نفسه بإصلاح بئر زمزم وتنظيفها ووضع غطاء عليها.

وفي مجال تنظيم الخدمات المقدمة للحجاج، أصدر ـ رحمه الله ـ أمره الكريم عام 1343هـ بالإبقاء على مهنة الطوافة، وجاء ذلك جليا في نص المادة الرابعة من المرسوم الملكي المنشور بجريدة أم القرى بعددها الصادر في 15 جمادى الأولى 1343هـ تحت عنوان «هذا بلاغ».

وبرز اهتمام الملك عبدالعزيز بالمطوفين، في تكوين مجلس الشورى الأهلي، الذي وجه بانتخابه من العلماء والمطوفين وأعيان مكة المكرمة، وتم الوصول لانتخاب خمسة عشر عضوا، أوكل إليهم النظر في مصلحة الطوافة والمطوفين حيث جرى وضع نظام خاص للطوافة، جاء في إحدى وعشرين مادة تناولت كل أمور وقضايا الحجاج، وفي الثامن من محرم من عام 1344هـ، حُلّ المجلس وشكّل مجلس شورى جديد وسعت دائرة مشاركة المطوفين فيه، وجرى انتخاب ثمانية عشر عضوا أغلبهم من المطوفين، وكان من مهام هذا المجلس تكوين عدد من اللجان للنظر في الشؤون المحلية، فكان هذا المجلس النواة لكثير من النظم الإدارية التي وضعها الملك عبدالعزيز فيما بعد.

كما عمل على وضع تنظيمات للحج، فصدر في العشرين من ربيع الأول عام 1345هـ، نظام إدارة الحج الذي عرف الطوافة ومهامها وحدد مهام الزمازمة والمخرجين والمقومين ووكلاء المطوفين بجدة، ونقباء جدة ووكلاء المدينة المنورة، وأشار إلى وظائف إدارة الصحة وواجبات الحجاج.

وحينما ظهرت السيارات كوسيلة نقل للحجاج، أصدر أمره رقم (11501) وتاريخ 3/7/1372هـ باعتماد نظام النقابة العامة للسيارات، كجهة تعمل على تنظيم عمليات نقل الحجاج وتوزيعهم بين شركات نقل الحجاج التي حلت كبديل عن الجمال.

واليوم ونحن نحتفل بمرور تسعين عاما على تأسيس المملكة العربية السعودية على يد الملك القائد المؤسس عبدالعزيز، تبدو أمامنا مناسبة مميّزة ومن نوع خاص، لا يمكن محوها مع مرور الأيام لكونها محفورة في الذاكرة والوجدان، تحكي قصة يوم تحقق فيه التكامل والوحدة، وأزيل الفراق والتشتت، إنه يوم يحمل ذكرى عزيزة وغالية علينا كمواطنين، ففيه نتذكر ما توفر من أمن وأمان وصحة وتعليم وحياة كريمة هانئة لكل مواطن ومقيم وزائر لهذه البلاد الكريمة والأرض الطاهرة.

فاللهم أدم علينا نعمتك، وانصر قادتنا ووفقهم.

[email protected]