فواز عزيز

الجمهور سلعة السوق

السبت - 19 سبتمبر 2020

Sat - 19 Sep 2020

• الإعلان سوق، وعامل رئيس في نجاح الأسواق التجارية - ليس هذا وحده عمل الإعلان، وهو مثل كل الأعمال التجارية يدخل فيه الغش والصدق، والمنافسة الشريفة وغيرها، وفيه أدوات تؤدي ذلك بعلم أو بجهل أو بطمع، وأقصد فيها الوسيلة المعلنة، سواء كانت فرادا أو مؤسسة.

• سوق الإعلان كان عملا مؤسسيا، لكنه تحول في السنوات الأخيرة إلى عمل فردي، حتى وإن كان تحت مسمى «مؤسسة» أو «شركة»، والدافع في ذلك هو انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات الحديثة، في ظل التقنية التي غيرت شؤون الحياة.

• الحقيقة أنه لا أحد لا يرى فوضى سوق الإعلان، وربما تحوله إلى عمل فرد من أسباب ذلك، ويشترك في تلك الفوضى كل الأطراف:

1. صاحب الإعلان الذي يستغل المشاهير في ترويج سلعته.

2. المعلن الذي يستغل متابعيه لجني قيمة الإعلان.

3. المتلقي «الجمهور» الذي منح البعض شهرةً ثم بدأ ينقاد خلفهم دون تحري المصداقية.

• أعتقد أنه حتى مع وجود أنظمة لضبط سوق الإعلانات في «السوشال ميديا»، فإنه يصعب ضبطها بشكل كامل، فنحن نعيش وسط فيضان تقني.

• وعي الجمهور، وأخلاقيات التجار، وأمانة المعلن، هي وحدها التي تستطيع ضبط سوق الإعلان، وقطعا ليس مطلوبا أن نكون مثاليين في كل شيء ولا نرى خللا في حياتنا، لكن أيضا لا نريد أن نعيش وسط فوضى إعلانات تغشانا ليلا ونهارا، نريد فقط أن يكون السمين أكثر من الغث.

• وقطعا ليس كل مشاهير «السوشال ميديا» سيئين في محتواهم ومضللين في إعلاناتهم، لكن فيهم الكثير من ذلك، وفيهم البعض يُستغل من قبل بعض التجار، بغباء أو بطمع، على سبيل المثال، أحد مشاهير «السوشال ميديا» في الخليج ظهر في لقاء تلفزيوني وذكر أنه اتفق مع مطعم على تقديم إعلان له بقيمة تساوي «24 ألف ريال» وحين حضر إلى المطعم لم يعجبه الأكل فرفض تقديمه، وبعد المفاوضات اشترط مضاعفة القيمة إلى 4 أضعاف، فقبل أصحاب المطعم فقدم الإعلان!

• في سوق الإعلان أشياء غريبة، ربما لا نفهمها جهلا منا بدهاليز التجارة والإعلان، منها أن الجميع يؤمن بأن مشاهير «السوشال ميديا» أصبحوا مؤثرين في الجمهور إعلانيا، وبعضهم يعلن نفاد المنتج المعلن عنه في يوم الإعلان نفسه، لكن الغريب أنك تُفاجأ بكثافة الإعلان عن المنتج نفسه عند أكثر من مشهور ومشهورة، بينما يكفي واحد منهم - حسب أرقام المتابعة - لنفاد المنتج، أليس للتاجر حسابات ربح وخسارة، وميزانية خاصة بالتسويق والإعلان؟ إذن لماذا هذا الإسراف في الإعلانات؟

• أتذكر إعلانا عن أحد منتجات الحلويات، لم يبق مشهور أو مشهورة في الخليج لم يعلن عنه، صحيح أن الإعلان جزء من الاستثمار، لكن معروف أيضا أن التاجر لا يسرف في الإعلان إذا حقق هدفه، ولا يضع إعلانه في أي مكان دون دراسة الشريحة المستهدفة، ثم بعد ذلك يتأكد من تحقيق الهدف، وإلا لن يكرره.

• تكرار الإعلان نفسه عن المنتج نفسه عند الكثير من المشاهير (الكثير وليس اثنين أو ثلاثة) يعني أحد أمور التالية:

1. الإعلان لم يحقق هدفه، وليس إعلان نفاد الكمية إلا جزءا من الغش في الإعلان.

2. قيمة الإعلان عند المشاهير رخيصة لدرجة أن التاجر يعلن عند كثير من المشاهير ذوي المتابعات المليونية في الوقت نفسه.

3. أو أني أجهل حيثيات وتفاصيل سوق الإعلان.

(بين قوسين)

• هل يعي الجمهور - في هذا الزمن - أنه أصبح «سلعة» في سوق الإعلان التي يتشارك فيها التاجر والمشهور؟

@fwz14