فهد عبدالله

مراكز إعداد القادة

الاحد - 13 سبتمبر 2020

Sun - 13 Sep 2020

من خلال الاستعانة بمبدأ (اللماذات الخمسة) وهو خمسة أسئلة تبدأ بلماذا وعادة ما يستخدم للاستفادة منه في إيجاد الأسباب الجذرية التي أدت إلى حدوث أمر ما، واستعماله على جانبين الأول لشركات قائمة ولديها نتائج سنوية غير مرضية في أغلب الاتجاهات والجانب الآخر لشركات قائمة لديها نتائج سنوية مذهلة تتجاوز التوقعات، فقط اتبع مبدأ «اللماذات الخمسة» وستجد إجابة السؤال الخامس في الأغلب مهما تعددت أشكال الإجابات ترجع إلى نوعية وشكل القيادة في هذه المنظومة.

دفعت الكثير من المنظومات والشركات على مدار التاريخ أثمانا باهظة عندما تعرقلت عوائدها الربحية ولم تنل استراتيجياتها التحديث المأمول الذي يواكب متطلبات العملاء أو حجم التطور التقني المتسارع، وبعد تجارب متراكمة وتغييرات جذرية تحدث في الموقع القيادي لهذه المنظمات تجد نفسها مرة أخرى تسلك الطريق الصحيح في استثماراتها وتطور خدماتها والاهتمام بعملائها، ولنا في شركة الهواتف الذكية التي كانت على وشك الإفلاس قبل أن يتمكن مؤسسها الراحل «ستيف جوبز» من إعادتها للأرباح والريادة مجددا خير مثال، والأمثلة في ذلك كثيره جدا في هذا الجانب وليس المراد هنا سردها.

في دراسة خلاقة يجب أن تأخذ حظها من الاهتمام والمدارسة من قبل القادة في المجالات المختلفة والتي قامت بها شركة (Innosight - 2019) لأكثر 20 شركة مارست عمليات التغيير بشكل ملحوظ خلال العقد الأخير سواء في أعمالها وأهدافها ورؤيتها الاستراتيجية أو التضخم الملحوظ في أرباحها خلال العقد الأخير، والتي تجسد مفهوم أن القادة هم مفتاح التحول الحقيقي والكبير لأي شركة أو مؤسسة وبدون هذا المفتاح لا يمكن تجاوز عتبة هذا الباب، الدراسة جرت على مئات الشركات التي كانت ضمن (S&P 500 وGlobal 2000) وكانت نوافذ التقييم تطل على ثلاثة معايير من حيث نجاح الشركات في إنشاء منتجات وخدمات جديدة ونماذج أعمال جديدة ومدى فعالية الشركات في تكييف أعمالها الأساسية مع التغييرات، والذي جعل من تلك الأعمال القديمة مفعمة بحياة جديدة، وأخيرا من خلال الأداء المالي القوي وأداء سوق الأسهم أو حالات التحول في أعمالها من الخسائر أو النمو البطيء لتعود إلى المسار الصحيح.

هذا التقرير الشيق وتفاصيل الشركات التي وردت فيه وكيف نهضت تدور حول النهضة الحقيقة لأي منظومة تكون ابتداء من خلال إيجاد وتكوين القادة الذين باستطاعتهم أن يخلقوا الرؤى المناسبة لمنظماتهم بما تمليه عليهم ظروف المنظمة وتحديد التطلعات المستقبلية بوضوح، وكذلك إيجاد مساحات جديدة تستطيع أن تركض فيها الشركات باستثماراتها الجديدة.

في الحقيقة بعض الشركات لدينا داخليا خلال السنوات القليلة الماضية بدأت تدرك أهمية هذا الجانب وأسست لديها مراكز خاصة فقط لإعداد القادة مهمتها إيجاد وتكوين القادة، من خلال أدوات دقيقة سواء في الاختيار أو المناهج العلمية والعملية لتطوير قادة المستقبل، ومثل هذه المراكز يجب أن تكون موضع اتفاق بين شريحة واسعة من الشركات التي لديها تطلعات طموحة نحو المستقبل في كل مكان وزمان وهي تصلح لتشكيل أرضية يقف عليها القرار السيادي في تلك الشركات والمنظمات، وفي ظني أن الشركات الموفقة جدا في مجالس إدارتها وكذلك إداراتها العليا التي تضع عين الاهتمام بمثل هذه المراكز وتجعل أحد المدخلات الكبيرة لمنظومة القرار لديها التوصيات والمخرجات من تلك المراكز.

fahdabdullahz@