محمد أحمد بابا

حرية مشروطة

الاثنين - 07 سبتمبر 2020

Mon - 07 Sep 2020

كنت في برنامج تدريبي مع مجموعة هم أكثر مني علما وأوفر تجربة، فأجمعوا أمرهم على موضوع معين لا يخص موضوع التدريب، بل يخص الجهة ذات العلاقة، وكنت أستمع لأخ كريم يقود هذه الحملة وتلك المطالبات فلما انتهى سأل من لديه ملاحظات؟

شاء الله ورفعت يدي وطلبت الحديث وقلت بأن المتحدث كان يخطب بلغة الجمع معبرا عن الجميع وذلك يقتضي الإجماع، وفي الحقيقة أستأذنكم بأن رأيي الشخصي غير ما ذكره المتحدث، وبينت رأيي في حرص على أدب طرح ورقي عرض وعدم مصادمة أو مصادرة حق آخرين.

قامت الدنيا ولم تقعد، وانقشع بعض غمام عن بعض إخوة أصحاب تاريخ في تربية وتعليم، وتعرضت منهم لمعاملة لا تليق بمن يطالبون بحق وهم يهضمون حق إنسان في التعبير عن رأيه ولو خالف الأغلبية.

وبدأت أسمع همسات الاستهزاء والسخرية، وأرى نظرات الحنق والتذمر من إفسادي لطبخة الإجماع، وأحدهم قال لي في لغة أب لأصغر أطفاله: «الرجال مع ربعه».

فشعرت بأنني لست في قاعة تدريب، بل أنا في ديوان عشيرة أنا دخيل عليها بحرية مشروطة.

ذهبت بعدها لمطعم الطازج لعلي أحظى ببعض غداء ساعة عشاء، ووقفت أنتظر دوري لأسجل طلبي وأدفع قيمته وأستلم ورقة تخبرني برقمي التسلسلي وأمامي رجل ذو سحنة عربية وابتسامة مصطنعة، رآني مستكينا لانتظار الدور أقرأ بتمتمة سورة يس فالتفت وسأل أحد عمال المطعم عن السيد محبوب وجاء محبوب (كبير الطباخين) ودار بينهما حديث الأصدقاء ثم أخذ ورقته وانصرف.

استغل ذلك الرجل فارق عدد الشعرات البيض بين لحيتي ولحيته ليقدم لي نصيحة مجانية مفادها: «يا ولدي ضروري يكون لك واسطة حتى في المطاعم يزبطون لك الطلب ويتوصون بيك ويمشونك بسرعة ويهدون لك إضافات غير الزبائن العاديين».

قلت له: أشكرك..

لكن ليصلح الله حاله، شاء ربي أن أخذت طلبي وانصرفت وهو لا يزال ينتظر واسطته كبير الطباخين..

خلاصة هذا الهذيان:كيف نكون مجتمعا ذا فاعلية أداء ونحن نحرم الناس أبسط حقوقهم ونفتقر لأدنى درجات تقدير النظام واللباقة العامة؟

(طيب.. وبعدين!!).

albabamohamad@