الجفاف والتشرد يهددان بلوشستان الإيرانية

أصحاب العمائم تعمدوا إهمال البلوش وإبعادهم عن الوظائف والمناصب والتعليم نظام الملالي هدم مساجدهم ومراكزهم الدينية وحرمهم من السكن والرعاية والصحية السجن والملاحقة والاعتقال والتعامل الوحشي يواجه الأقلية المقهورة من السنة فرد: نصف مليون شخص ببلوشستان في طريقهم للهجرة بعدما فقدوا كل شيء محمدي: البطالة تستفحل وأكثر من نصف السكان لا يجدون مياها يشربونها
أصحاب العمائم تعمدوا إهمال البلوش وإبعادهم عن الوظائف والمناصب والتعليم نظام الملالي هدم مساجدهم ومراكزهم الدينية وحرمهم من السكن والرعاية والصحية السجن والملاحقة والاعتقال والتعامل الوحشي يواجه الأقلية المقهورة من السنة فرد: نصف مليون شخص ببلوشستان في طريقهم للهجرة بعدما فقدوا كل شيء محمدي: البطالة تستفحل وأكثر من نصف السكان لا يجدون مياها يشربونها

الأحد - 23 أغسطس 2020

Sun - 23 Aug 2020

هدم المساجد والمراكز الدينية وطمس الهوية، والحرمان من التعليم والتوظيف والسكن والرعاية الصحية، والسجن والملاحقة والاعتقال، كلها أدوات وحشية تستخدمها حكومة الملالي الإيرانية ضد الأقلية السنية في سيستان ويلوشستان، المحافظة الحدودية الاستراتيجية من جهة الشرق، والتي تشترك في حدود تصل إلى نحو 200 ميل مع أفغانستان و575 ميلا مع باكستان.

رصد معهد الولايات المتحدة للسلام عمليات القمع والظلم والتنكيل الذي يتعرض له السنة في ثاني أكبر محافظات إيران، وحذر من أن الجفاف قد يجبر أكثر من نصف مليون شخص على الهجرة إلى مقاطعات أخرى، وأكد أن الناس فقدوا كل شيء وليس لديهم مكان يذهبون إليه، وأن الجفاف دمر سبل عيشهم.

تحولت المحافظة إلى مرتع لمهربي المخدرات والأفيون، والاتجار بالبنزين والهيروين، وحفرت حكومة روحاني فيها الخنادق والأسوار لمنع التهريب، ودفعت بآلاف السكان إلى السجن ومقصلة الإعدام في قضايا مختلفة، الكثير منها يجري تلفيقه.

مليونا بلوشي

تعد سيستان وبلوشستان وفق تقرير معهد الولايات المتحدة للسلام، ثاني أكبر محافظة من بين 31 محافظة في إيران، لكنها قليلة السكان حيث يبلغ عدد سكانها 2.8 مليون نسمة فقط، أي ما يزيد قليلا عن 3 % من سكان إيران البالغ عددهم 84 مليون نسمة.

تعد المقاطعة الوحيدة التي يعيش فيها عدد أكبر من الناس 51% في المناطق الريفية أكثر من المدن، وعلى الصعيد الوطني، 74 % من إيران في المناطق الحضرية، يعيش أكثر من 600 ألف شخص في مدينة زاهدان وحولها.

تشير «سيستان» إلى الجزء الشمالي من المقاطعة بالقرب من الحدود الأفغانية والفرس الذين يقيمون هناك، فيما تشير «بلوشستان» إلى الأجزاء الجنوبية والغربية والشرقية، حيث يتركز البلوش العرقيون، ويتراوح عددهم ما بين 1.5 مليون إلى 2 مليون من البلوش، ويشكلون نحو 2 % من سكان البلاد.

التوترات العرقية

تغيرت السيطرة على المنطقة التي تضم حاليا سيستان وبلوشستان، والتي كانت تاريخيا جزءا من الإمبراطوريات الأفغانية والعربية واليونانية والهندية والمغولية والفارسية والتركية عدة مرات على مدى آلاف السنين. أصول البلوش غير واضحة، لكن تم ذكرهم لأول مرة في النصوص الفارسية والعربية في القرنين الثامن والتاسع الميلادي، وظل البلوش مستقلين بشدة عبر التاريخ، ونالت السلالات المحلية درجات متفاوتة من الحكم الذاتي أو الاستقلال بين القرنين الحادي عشر والسابع عشر.

في القرن التاسع عشر، قسمت القوة الاستعمارية البريطانية في جنوب آسيا بين عامي 1870 و1872، منطقة بلوشستان الكبرى، التي تمتد عبر إيران وأفغانستان وباكستان. قام عمال التلغراف البريطانيون بمسح المنطقة وتحديد حدود إيران مع أفغانستان والهند التي تحكمها بريطانيا، لتسوية النزاعات الإقليمية مع سلالة قاجار، التي حكمت إيران من 1789 إلى 1925.

انتفاضة البلوش

في عام 1897 قاد سردار حسين خان، زعيم قبيلة البلوش، تمردا ضد سلالة قاجار، انتهت الانتفاضة بعد ثلاث سنوات عندما عين الشاه خان ليكون الحاكم المحلي، حافظ البلوش على درجة عالية من الحكم الذاتي لمدة ثلاثة عقود.

في عام 1925، خلع رضا شاه بهلوي أخيرا القاجاريين، وبعد ثلاث سنوات أرسل جيشا لانتزاع السيطرة من زعماء قبائل البلوش، وشنت العديد من القبائل البلوشية تمردين، لكن كلاهما فشل، وفي عامي 1931 و 1938 أعاد البهلويون رسم حدود المقاطعات لتقسيم البلوش بين مقاطعات متعددة، مثل كرمان وهرمزجان، وأعادوا توطين البلوش قسرا في أماكن أخرى من إيران.

شعرت إيران بعد ثورة الخميني بالقلق من أن البلوش يمكن أن يتجمعوا، ربما مع إخوانهم في باكستان، للمطالبة بمزيد من الحكم الذاتي أو حتى الاستقلال، وبعد ثورة 1979، قالت طهران إنهم يتلقون الدعم من الخارج.

قمع الهوية

لم تفعل الحكومة المركزية الكثير لدمج البلوش في المجتمع الإيراني، وأدت الظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة إلى تفاقم التوترات العرقية، ووفقا لتقرير وزارة الخارجية حول حقوق الإنسان «كانت المناطق التي تضم عددا كبيرا من السكان البلوشيين متخلفة بشدة، ولديها وصول محدود إلى التعليم والتوظيف والرعاية الصحية والإسكان».

وفي عام 2018، كان متوسط العمر المتوقع في سيستان وبلوشستان هو الأدنى من أي مقاطعة إيرانية، وفي آخر تعداد سكاني، بلغ معدل معرفة القراءة والكتابة في المحافظة 76 % فقط، مقارنة بـ 93% في محافظة طهران.

وحاولت الحكومة المركزية مرارا قمع هوية البلوش. وأرسلت مئات من العمائم الشيعية لتغيير معتقداتهم، وأغلقت الحكومة المدارس، وفي بعض الحالات هدمت المساجد والمراكز الدينية السنية، كما استخدمت التعليم العام للترويج للهوية الإيرانية، وبات معظم معلمي المدارس الابتدائية والثانوية في المناطق السنية من الشيعة، وباتت اللغة الفارسية لغة التعليم الوحيدة.

الأكثر تخلفا

ويؤكد تقرير معهد الولايات المتحدة للسلام، أن سيستان وبلوشستان من أكثر المحافظات تخلفا في إيران، واعتبارا من عام 2016، كان نحو نصف السكان «يعيشون تحت خط الفقر ولا يستطيعون تحمل الحد الأدنى من 2100 سعرة حرارية اللازمة للعيش»، وفقا لتحليل إيران واير لبيانات التعداد «القرى ليست بها مياه شرب كافية أو حتى خبز» قال علي يار محمدي، عضو البرلمان من زاهدان، في عام 2018، إن بعض الآباء قد أجبروا على تزويج بناتهم في سن التاسعة، ويرجع ذلك جزئيا إلى الحافز المالي المهور. يتطلب القانون المدني الإيراني إذنا من الوالدين وتفويضا من المحكمة لزواج الفتيات تحت سن 13 عاما والأولاد الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما، ولكن لا يتم تسجيل جميع الزيجات.

جفاف وبطالة

حذر محمد نعيم أمين فرد، عضو البرلمان من مدينة زابل الشمالية، من أن الجفاف قد يجبر أكثر من نصف مليون شخص على الهجرة إلى مقاطعات أخرى، لقد فقد الناس في سيستان وبلوشستان كل شيء وليس لديهم مكان يذهبون إليه، وقال في عام 2018 إن معظم سكان المحافظة مزارعون، لكن الجفاف دمر سبل عيشهم.

وقال يار محمدي في مايو 2020 إن البطالة في بعض المناطق تراوحت بين 40 إلى 60%، وتراوح معدل البطالة بين 20 و25% في زاهدان عاصمة الإقليم، واعتبارا من عام 2018، واجه أكثر من نصف سكان المنطقة نقصا في المياه الجارية، واعتمدوا على شحنات الشاحنات للمساعدة في سد الفجوة.

وفي ظل المطالبات المستمرة، اتخذت الحكومة خطوات محدودة لتحسين الظروف، لكنها لم تلتفت إلى المحافظة التي تضم نحو 370 منجما، لكن ملايين الأطنان من الاحتياطيات المعدنية، بما في ذلك الذهب، لم يتم استخراجها بعد.

خطة فاشلة

حاولت الحكومة تطوير ميناء تشابهار بهدف تغيير قواعد اللعبة، وفي عام 2016، وقعت إيران والهند وأفغانستان اتفاقية لتطوير الميناء إلى مركز شحن مع خطوط سكك حديدية إلى الهند عبر أفغانستان من شأنها الالتفاف على باكستان، لكن تطوير الميناء الوحيد لإيران الذي يصل إلى المحيط الهندي فشل في إحراز تقدم، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى مخاوف بشأن إعادة فرض العقوبات الأمريكية في 2018 بعد انسحاب الرئيس دونالد ترمب من الاتفاق النووي لعام 2015.

وابتداء من منتصف 2020، تم إعفاء الميناء من العقوبات بسبب المصالح الأمريكية في النمو الاقتصادي لأفغانستان، لكن الهند لم تعثر أيضا على شركة شريكة لإدارة العمليات في تشابهار، بعدما باتت الشركات الغربية مترددة في بيع المعدات حتى لو كان المشروع في الموعد المحدد.

تهريب المخدرات

بات موقع المقاطعة البعيد على طول الحدود الأفغانية والباكستانية ملاذا للتهريب، أقامت إيران خنادق وأسوارا، لكن السكان المحليين على جانبي الحدود ما زالوا قادرين على تمرير البضائع ذهابا وإيابا، واستخدم البعض طرودا أصغر عبر الحدود، وقام بعض البلوش بالاتجار بالبنزين والعمال الأفغان غير المسجلين والمخدرات، واستخدمت الجماعات المتشددة الأرباح من تهريب المخدرات لدعم عملياتها.

باتت إيران مركزا رئيسيا للمواد الأفيونية المنتجة في أفغانستان والتي يتم تهريبها إلى أوروبا وخارجها، واعتبارا من 2018، استحوذت على 91 % من مضبوطات الأفيون في العالم، و48 % من مضبوطات المورفين و 26 % من مضبوطات الهيروين، وفقا لتقرير الأمم المتحدة العالمي عن المخدرات لعام 2020.

وأفادت التقارير بأن إيران أعدمت ما لا يقل عن 10000 شخص بسبب جرائم مخدرات منذ عام 1988، كما فقدت نحو 4000 من ضباط الشرطة وحرس الحدود في القتال ضد المهربين.

وتمتلك إيران سجلا مريبا في الاتجار بالمخدرات، حيث سهل الحرس الثوري عمليات التهريب مقابل المساعدة في تسليم الأسلحة إلى طالبان، وفقا للولايات المتحدة، وفي عام 2012، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على جنرال في الحرس الثوري الإيراني في زاهدان لإشرافه على الاتجار، وأدى عبور المخدرات إلى إيران إلى زيادة التعاطي محليا، ومنذ 2018، كان نحو ثلاثة بالمائة من السكان، أي ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص مدمنين على المخدرات، مما أدى إلى انتشار فيروس نقص المناعة البشرية، وأفادت الحكومة بأن 68% من 71000 إيراني مصاب بالفيروس من خلال استخدام الإبر أو الحقن الملوثة.

عواصف وأمراض

تعد المشاكل البيئية في سيستان وبلوشستان هي نتاج تغير المناخ وسوء الإدارة الحكومية والتوترات مع أفغانستان المجاورة، فبحلول عام 2015 انخفض هطول الأمطار السنوي في المقاطعة بنسبة 50% على مدار الأربعين عاما الماضية، وفقا للمركز الوطني للتحذير من الجفاف والمراقبة.

وابتداء من 2017، كانت هناك 1700 قرية في المحافظة ليس لديها مياه جارية وتعتمد على شحنات الصهاريج، وكان بعض السكان يعتمدون على جمع مياه الأمطار الشحيحة في الحفر ثم غليها.

تواجه المحافظة عواصف ترابية نتجت عن عقدين من الجفاف ودرجات حرارة عالية تصل إلى 110 درجات في الصيف، توسع موسم العواصف الترابية من 120 يوما في السنة إلى 180 يوما، وفي 2018، أرسلت عاصفة رملية ما يقرب من 250 شخصا إلى المستشفى يعانون من مشاكل في التنفس والقلب والعين، وكانت مدينة زابول لديها أقذر هواء في العالم، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

ألقت إيران باللوم في مشاكل الإقليم على قرار كابول زيادة سد نهر هلمند، الذي يتدفق إلى إيران، وابتداء من خمسينيات القرن الماضي، بنت أفغانستان سدين على نهر هلمند، كاجاكي وجريشك، جف نهر هلمند في إيران بشكل متزايد على مدى العقدين الماضيين، وجفت أجزاء من النهر لمدة تصل إلى 10 أشهر في السنة.

وبحلول عام 2020، أصبحت الزراعة المروية في سيستان وبلوشستان شبه مستحيلة، وفقا لحبيب الله دهمرده، عضو البرلمان عن زابل.

معاناة سيستان وبلوشستان

2.8 مليون نسمة يعيشون في المحافظة

33 % من حجم سكان إيران

50 % يعيشون تحت خط الفقر

60 % وأكثر معدل البطالة

1700 قرية في المحافظة ليست لديها مياه جارية

13 سنة عمر زواج الفتيات

الأكثر قراءة