عبدالحليم البراك

وتنتهي طاقتك قبل أن ينتهي يومك!

يمين الماء
يمين الماء

الاثنين - 03 أغسطس 2020

Mon - 03 Aug 2020

قال صاحبي: بعد أن امتص أمسك كل طاقتك، بعد أن استنفد يوم أمس كل الدهشة التي يجب أن تمتلئ بها، وبعد أن استنفدت أعمال الأمس كل أسباب الإيجابية التي تغذي يومك، تذهب لسريرك مرهقا، بأمل أن تعود بطاقة جديدة، فتصحو بأمل عريض، وطاقة إيجابية متجددة، لكن ماذا يحدث عندما تصحو من منامك الوثير:


  • تفتح الواتس أب، فثمة ما يهز طاقتك الكاملة التي اختزنتها؛ وصحوت كلك أمل بها، فتجد في هذا البرنامج صباح يومك الجديد ما يؤذيك، فهذا يطلب ما ليس لك به طاقة أن تفعله، وآخر يرسل لك رسالة مأسوية تراجيدية تنبئ عن يوم أسود قادم، وآخر يضع سلسلة من الفيديوهات والصور التي تتكفل بحزن عام كامل بدلا من يوم واحد.


قال صاحبي: وبعد هذه الصحوة والاطلاع البسيط دون أن تشعر على هذا البرنامج، تجد أن طاقتك اهتزت قليلا، فبدلا أن تصرف هذه الطاقة القوية فيما تحبه، انخفضت طاقتك، فانظر ماذا حدث بعد ذلك:


  • تبتلى برأي شخصي منك؛ يأمرك أن تفتح تويتر، فتجد عشرات الهاشتاقات الجديدة، فتحدثك نفسك الأمّارة بالسوء بالاطلاع على هذا الهاشتاق وذلك الخبر، فأحدها مثير، والآخر غريب، والثالث (شكله مهم)، والرابع يبشر بخير لم يصْدق فيه، والآخر يبشر بشر صبحكم مساكم، فتدخل هذه التاقات فتكتشف في بعضها كذبا، وبعضها تبحث فيه فلا تجد فيه أي شيء عن موضوع الهاشتاق أصلا بسبب الإعلانات أو استغلال الناس له لنشر مطالبات مالية أو غيرها، وبالأخير تجد أن حصيلتك من هذه الهاشتاقات لا شيء، بل فقدت جزءا من طاقتك التي تظن أنها تجددت بعد صحوك مباشرة.


قال صاحبي: كنتَ قد فقدت 20 في المئة من طاقتك من صباحك مع الواتس اب، وأنت الآن تفقد 20 أخرى مع توترات تويتر، وتحاول أن تلتفت لحياتك الخاصة لتنفق فيها ما تبقى من طاقتك فهي من تستحق أن تصرف فيها جهودك، وتبحث عن والديك، زوجتك، وأولادك، لتبث فيهم طاقتك الإيجابية المتبقية، ولكن التنبيهات!!


  • التنبيهات الخاصة بسناب شات تلفت انتباهنا إلى تفاهات الآخرين في هذا البرنامج الآخر، فبدلا من أن تضيف مثقفا يقول لك حكمة في بضع ثوان، تجد أن عينيك انزلقتا نحو مشاهير السناب العظماء الخالين من المحتوى فـ(سنابة) تجر إلى (سنابة) أخرى، فتفقد طاقة أخرى من طاقتك الصباحية، وآخر يعلن عن مشهور آخر؛ فتضيف مشهورا آخر لقائمة المشاهير الذين اصطفوا في قائمة سناب شات الخاص بك، فتفقد مرة أخرى طاقة من طاقتك الإيجابية التي أحببتها في الصباح الباكر، وتنزل إلى المستكشف أدناه (لتكمل الناقص) فتفقد ما تبقى من طاقة، ويضيع وقتك وتشعر باللهاث وراء المشاهير وغير المشاهير، بين المحتوى واللامحتوى معهم؛ فتخسر عشرين بالمئة أخرى من طاقتك الصباحية!!


قال صاحبي، وتغلق الجوال غضبا من هذه الفوضى وتعزم أن تعمل من جديد، وتظن أنه لا يزال لديك طاقة، تظنها كاملة، وهي لا تتجاوز الأربعين في المئة، فتبحث عن قائمة أعمالك، وتود أن تقوم بها قبل أن تنتهي طاقتك، لكنك تعود لهاتفك المحمول، فقد دونت فيه كل ما تود أن تقوم به تحت قائمة أعمال الغد الضرورية، لكن ماذا يحدث عندما تفتح الهاتف المحمول؟ تنسى غضبك، فتلقي نظرة على برنامج آخر مهم:


  • إنه الانستقرام، فثمة مواقع ثقافية وإخبارية، لكنك تنزلق فجأة نحو أخبار المشاهير، وتفاهات النكت فيه، ومقطع يجرك لآخر، وتفقد عشرين في المئة أخرى من طاقتك فتبكي نفسك قبل أن تبكي طاقتك فقد أُرهقت.


قال صاحبي، ولما لم يبق فيك طاقة للعمل، ولم يبق طاقة لمن هم حولك، ولم يبق بك طاقة لنفسك، صرت تنفق البقية الباقية من طاقتك الهزيلة على برامج صغيرة لكنها مؤثرة، برامج أخرى صغيرة وتافهة مثل أخبار قوقل، توك توك، حتى يكاد لا ينتصف النهار وطاقتك في انهيار، بل بدأت تأخذ طاقة سلبية بعد أن استنفدت طاقتك الإيجابية!

ملاحظة: يتراوح إنفاق بعض الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي من 3 إلى 6 ساعات يوميا، بمعنى آخر، عمل آخر يضاف إلى عملك ودوام يضاف إلى دوامك، لكن بلا طاقة، بلا طاقة تذكر!