عبدالله العولقي

هل ستبتلع الصين إيران؟

الاثنين - 03 أغسطس 2020

Mon - 03 Aug 2020

تناقلت وسائل الإعلام العالمية حكاية الوثيقة المسربة عن اتفاقية قادمة بين إيران والصين. تقتضي بنود هذه الاتفاقية منح الصين حق الاستثمار المتكامل لأربعمئة مليار دولار في كافة الموارد الإيرانية وفي جميع القطاعات، الاقتصادية والأمنية والعسكرية، مقابل شراء النفط الإيراني، كما تنص أيضا على فكرة إنشاء مدن صناعية وتدشين مصافي نفط جديدة، وتطوير للصناعات البيتروكيماوية، بالإضافة إلى إنشاء مدن سياحية على ساحل مكران.

لا شك أن هذه الاتفاقية مقلقة جدا لواشنطن، ففي الوقت الذي يعترف فيه بعض السياسيين الأمريكيين بأن الصين تعملقت بصورتها الحالية نتيجة غفلة من اهتماماتهم التي حازت عليها روسيا، بمعنى أن مؤشرات الإنذار الأمريكي كانت تدق أجراس الخطر تجاه سياسة فلاديمير بوتين المنبثقة من المدرسة السوفيتية التقليدية، بينما الواقع أن روسيا كانت تقف عاجزة أمام الولايات المتحدة في القدرات الاقتصادية، على عكس الصين التي تواجه واشنطن اليوم وهي تحمل أنموذجا شرقيا مغايرا للثقافة الغربية تماما، وتتسلح بمشروع متكامل على كافة الأصعدة، العسكرية والسياسية والاقتصادية.

حكومة الملالي الإيرانية مستبشرة بهذه الاتفاقية، كونها تأتي في سياق كسر حاجز العقوبات الاقتصادية الأمريكية، والتي قلصت صادرات النفط الإيرانية من حوالي ثلاثة ملايين برميل يوميا إلى ما يقارب مئة ألف برميل فقط، فالحكومة الإيرانية ترى في هذه الاتفاقية فرصة ثمينة لانتشال الاقتصاد الإيراني المنهار، بينما المعارضة الإيرانية بقيادة الرئيس الأسبق أحمدي نجاد ترى في هذه الاتفاقية لعبة صينية أكبر من القدرات الإيرانية، وأنها ضمن برنامج بكين لابتلاع الدول الضعيفة، فالصين تسعى بصورة أو بأخرى إلى أن تحل محل صندوق النقد الدولي كما يرى بعض المحللين، فالقروض التي توفرها للدول الفقيرة تهدف إلى ربط مصيرها بالسياسة الصينية تحت مشروع الحزام والطريق، تمهيدا لإضعاف تلك الدول اقتصاديا ثم ابتلاعها والهيمنة عليها، وهذه ما يقلق المعارضة الإيرانية التي ترى أن هذه الاتفاقية غير شرعية، وأن الحكومة الحالية تتصرف خارج إرادة الشعب!

وهنا لا بد من الحديث عن تاريخ علاقة طهران مع بكين، فهي علاقة غير جديدة، ولا سيما في المجال الاقتصادي، فمنذ عام 2010م قد بلغت الاستثمارات الصينية في عموم الأقاليم الإيرانية ما يقارب 18 مليار دولار. أغلب نتائج هذه الاستثمارات لم تكن ذات مردود إيجابي كبير على مقومات الاقتصاد الإيراني، كما أن الشركات الصينية لم تحقق تلك الأرباح المرجوة، كون الإيرانيين يعزفون عن شراء المنتجات الصينية. وقد نشرت بعض الصحف الإيرانية حينها اتهامات صريحة للشركات الصينية، كونها تصدر لإيران أسوأ منتجاتها وخدماتها!

وأخيرا، يبدو أن الإيرانيين قد سربوا بنود هذه الاتفاقية لأجل أن تلتفت إليهم واشنطن القلقة من علاقتهم مع بكين، وتعيد حساباتها مع العقوبات الاقتصادية واتفاقية البرنامج النووي، بينما تؤكد بعض الدراسات أن شراكة الصين مع إيران قد تواجه الفشل الحتمي، كون النظام الحاكم في طهران يرتكز على ثقافة عقائدية راديكالية بامتياز، ولديه أحلام توسعية وثورية في المنطقة قد تتعارض مع الفكر الشمولي الصيني وبرنامجه التوسعي، الحزام والطريق.

albakry1814@