المؤشر الأحمر لكورونا يعيد الرعب إلى إيران

معدل الوفيات الرسمي يتجاوز 200 شخص للمرة الأولى.. والإصابات تقترب من 300 ألف مركز بروكنغز الأمريكي: الحرص على العلاقة مع الصين وراء الانتشار السريع المقابر الجماعية ظهرت من فبراير.. والحكومة كابرت ورفضت الغلق الانهيار الاقتصادي الكبير دفع طهران لفتح الأضرحة والمزارات
معدل الوفيات الرسمي يتجاوز 200 شخص للمرة الأولى.. والإصابات تقترب من 300 ألف مركز بروكنغز الأمريكي: الحرص على العلاقة مع الصين وراء الانتشار السريع المقابر الجماعية ظهرت من فبراير.. والحكومة كابرت ورفضت الغلق الانهيار الاقتصادي الكبير دفع طهران لفتح الأضرحة والمزارات

الأحد - 12 يوليو 2020

Sun - 12 Jul 2020

عاد فيروس كورونا المستجد يضرب بقوة في إيران، وارتفعت المعدلات بشكل لافت، حيث تجاوزت الوفيات في اليوم الواحد 200 شخص للمرة الأولى، لتصل إلى إجمالي 13 ألف وفاة طبقا للأرقام الرسمية، وبات عدد المصابين يقترب من 300 ألف شخص.

أصيب الإيرانيون بالرعب، بعدما أعلنت وزارة الصحة أن 5 أقاليم في وضع صحي «أحمر»، وهي: خوزستان، أذربيجان الشرقية، هرمزغان، خراسان، خراسان الشمالية، وأن 10 أقاليم في حالة تأهب جراء ارتفاع معدلات الإصابة بالفيروس، وهي: طهران، أصفهان، لرستان، البرز، زنجان، مازندران، كهكيلوية وبويرأحمد، خراسان الجنوبية، غلستان، إيلام.

الموجة الجديدة والتحول اللافت في إيران دفعا مركز بروكنغز الأمريكي للتساؤل: هل تسرع الإيرانيون في عودة النشاطات الاقتصادية في حين كانت بلادهم تمثل بؤرة انتشار كورونا في منطقة الشرق الأوسط؟

وتشير الدلائل المبكرة إلى أن تلك المخاوف من عودة الفتح كانت مبررة، بعدما ارتفعت معدلات الإصابة في ثماني محافظات على الأقل من 31 محافظة في إيران، وبعدما عادت التحذيرات الحكومية تظهر من جديد في كل مكان.

المقابر الجماعية

تجنبت القيادة الإيرانية حدوث أي خلل في علاقتها مع الصين التي أصبحت ضرورية بشكل متزايد للتجارة والدبلوماسية، وأعربت عن أملها في الحفاظ على انتخابات فبراير البرلمانية كفرصة لحشد التأييد الشعبي، ولكن قبل فترة وجيزة من الاقتراع، كشفت إيران عن أول إصابة، ومع إعلان نتائج الانتخابات، كانت صور المقابر الجماعية تعم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

تفشى الفيروس التاجي في إيران للمرة الأولى بمدينة قم الواقعة على بعد 90 ميلا جنوب طهران وموقع أشهر المعاهد الدينية في البلاد، وساهم دورها كمركز لزوار العتبات المقدسة والطلاب، وكذلك لشبكة السكك الحديدية عالية السرعة تحت الإنشاء من قبل شركة صينية، في الانتشار السريع في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك بين أعلى الرتب في الحكومة الإيرانية.

سرعان ما ضرب كوفيد 19 قلب النظام الإيراني، وفي أواخر فبراير أوقفت طهران المدارس والجامعات، وأغلقت دور السينما والمواقع الثقافية، وعلقت الانعقاد المباشر للبرلمان والسفر، وبحلول منتصف مارس تم تشديد القيود، بما في ذلك إلغاء احتفالات النوروز «رأس السنة الفارسية» والصلاة في المساجد.

إجراءات قاسية

اندلعت المشاجرات عندما حاول المصلون إعادة فتح عدد من المواقع الدينية بالقوة، وقاومت الحكومة وشنت حملات على مواقع التواصل الاجتماعي لشرح القيود الجديدة، وتم تجنيد الرياضيين والممثلين والشخصيات العامة الأخرى لتعزيز الرسائل الحكومية.

ومع ذلك، رفضت طهران نوع الإغلاق الكامل على الصعيد الوطني الذي ساعد على احتواء الفيروس في عدد من البلدان التي تفشى فيها المرض في وقت مبكر، وبدلا من ذلك، استفادت من فترة استراحة النوروز، مناشدة الإيرانيين البقاء في منازلهم وتوسيع أو تمديد فترات العطلات المجدولة بالفعل، ورفضت مناشدات بعض السلطات المحلية لفرض حجر صحي أكثر صرامة.

وفي أوائل أبريل، ناقش البرلمان لفترة وجيزة مشروع قانون كان من شأنه أن يفرض إغلاقا كاملا لمدة شهر لجميع المكاتب الحكومية والأعمال التجارية ووسائل النقل العام، وتوفير راتب شهرين ومرافق مجانية ودعم مالي إلى الفقراء، ولكن الافتقار إلى الموارد قضى على التشريع.

عاصفة اقتصادية

فاقم الوباء من الأثر الاقتصادي المفجع لحملة واشنطن «أقصى ضغط»، فعلى مدى العامين الماضيين، منذ انسحاب إدارة ترمب من الاتفاق النووي لعام 2015 وإعادة فرض عقوبات مالية وتجارية صارمة، تراجعت صادرات النفط الإيرانية بنسبة 80%، وتراجعت قيمة عملتها، وتدهورت مستويات المعيشة للإيرانيين العاديين نتيجة ارتفاع التضخم والبطالة.

وأدى انهيار الطلب على الطاقة إلى هبوط أسعار النفط، وكانت النتيجة عاصفة اقتصادية في طهران، مع إضافة ملايين أخرى إلى القوائم الكبيرة بالفعل من العاطلين عن العمل، حيث غرد المستشار الرئاسي الإيراني حسام الدين أشينا في فبراير 2020 «يقول الأطباء إن الفيروس التاجي يصبح أكثر فتكا عندما تكون هناك حالة كامنة، العقوبات هي الحالة الكامنة التي تجعل الفيروس التاجي أكثر نذرا وأكثر فتكا».

الغضب الشعبي

سحبت إيران ما يصل إلى مليار يورو من صندوق الثروة السيادية لدعم اقتصادها، وحصلت على مساعدة من منظمة الصحة العالمية والمانحين الدوليين الآخرين «باستثناء واشنطن»، وللمرة الأولى منذ عام 1979 سعت إلى الحصول على إعانات من صندوق النقد الدولي، وأطلقت أيضا حملة وصفتها وزارة الخارجية الأمريكية بأنها عملية احتيال لتخفيف العقوبات الأمريكية أو على الأقل تقويض الامتثال الدولي للقيود الأمريكية على التجارة والاستثمار في إيران.

لم يكن أي من هذه الإجراءات كافيا للحفاظ على الاقتصاد الإيراني المنهك عبر إغلاق طويل، أو فرصة لمنع القيادة الإيرانية من الغضب الكبير الذي يجتاح الشعب الإيراني، والتي جسدتها المظاهرات العنيفة التي جرت في أواخر عام 2019 بسبب ارتفاع أسعار البنزين، وبدأ القادة الإيرانيون في الاستعداد لإعادة فتح أبوابهم فورا بعد تطبيق الإغلاق.

اتهامات المرشد

قفزت نظرية المؤامرة في رأس النظام الإيراني، وكان قادته يرددون أن هناك أيدي خارجية تحاول تدمير اقتصاد البلاد، واتهم المرشد علي خامنئي وكبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين الولايات المتحدة بهندسة رواية الفيروس التاجي كسلاح هجومي.

بالنسبة لقيادة غارقة في الشك اعتادت على الضغط الاقتصادي الأمريكي، فإن الظهور المبكر والمكثف للفيروس في إيران أكد لهم أنها مؤامرة مضادة للثورة، وأشار روحاني في منتصف مايو «منذ اليوم الأول الذي واجهنا فيه فيروس كورونا، أدركت وجود خطر في اللحظة الأولى، بالإضافة إلى هذا التهديد الذي يؤثر على صحة الناس، شعرت بهذا التهديد من خلال وسائل الإعلام الأجنبية، رأيت أنها تريد إغلاق البلاد باستخدام عذر هذا المرض وتشويه إيران».

الاقتناع بأن واشنطن أطلقت العنان للفيروس عمدا كجزء من سياسة «أقصى ضغط» عزز الحاجة إلى إعادة فتح سريعة، على الرغم من المخاطر والتكاليف المحتملة.

عودة وخوف

نتيجة للضرورات الأيديولوجية والاقتصادية، وبعد أسابيع قليلة من فرض أشد التدابير لاحتواء انتشار كورونا، بدأ القادة الإيرانيون في تخفيف الاجراءات، تحت شعار «الإبعاد الاجتماعي الذكي»، وأعلن روحاني إعادة افتتاح الشركات منخفضة المخاطر في 11 أبريل لمعظم البلاد، مع أسبوع إضافي لطهران، وعاد معظم الموظفين الحكوميين إلى العمل في الجدول الزمني نفسه، وتم رفع قيود السفر بين المدن، وسرعان ما تبعت الشركات والمحلات التجارية ذات المخاطر المتوسطة.

استأنفت المدارس في المناطق ذات معدلات الإصابة المنخفضة في أوائل مايو أعمالها، وانضمت بقية البلاد بعد أسبوعين، واستؤنفت صلاة الجمعة في 132 منطقة في أوائل مايو، بينما بقيت الخدمات الأسبوعية الكبيرة التي عقدت في المدن الكبرى في فترة توقف، وبحلول نهاية مايو، كانت ساحات الأضرحة في قم ومشهد وأماكن أخرى في جميع أنحاء البلاد ترحب بالزائرين.

الإنكار والتعتيم

يرى مركز بروكنغز الأمريكي أن معالجة إيران لقضية فيروس كورونا المستجد اتسمت بالإنكار والتعتيم، وتجاهلت الحكومة الإنذارات المبكرة، ففي أواخر يناير، طلب وزير الصحة سعيد نمكي فرض حظر على السفر مع الصين والحجر الصحي للإيرانيين العائدين من ووهان، ولكن واصلت شركة طيران إيرانية رحلاتها لمدة ستة أسابيع أخرى على الأقل.

وساهمت اللامبالاة المبكرة في طهران في مزيد من التشتت، حيث عانت إيران من أوبئة سابقة، بما في ذلك تفش كبير لإنفلونزا الطيور وغيرها من الفيروسات التاجية، دون حدوث اضطرابات مستمرة أو إصابات كبيرة، وبينما بدأ هذا الفيروس الأخير في الانتشار، كان القادة الإيرانيون يتصارعون مع أزمات ملحة أخرى، مع تصاعد التوترات مع واشنطن، والتي بلغت ذروتها في يناير.

الأكثر قراءة