منى عبدالله البيومي

أنا لست أنت!

الاحد - 12 يوليو 2020

Sun - 12 Jul 2020

اطلع كثير منا إما على رسم ساخر أو مقال أو مقطع أو حتى كتاب يدعو الموظفين إلى ترك وظائفهم، إما لكون الوظيفة عبودية يجب التحرر منها، أو لأنها ستحكم على أصحابها بالفقر، أو للاثنين معا.

والحقيقة أني أعجب جدا من تلك الدعوة من نواح عدة، أولاها كيف أن أولئك يدعون موظفيهم إلى تركهم! فمن سيقوم بأعمالهم؟! كيف يطالبون الآخرين أن يكونوا مثلهم ويحذوا حذوهم ويختاروا خياراتهم في الحياة، يحبون ما يحبون ويعملون ما يعملون!

وأعجب جدا من أنهم لم يسمعوا عن (أنماط الشخصيات)، وأنهم نسوا أن الله سبحانه خلق الناس مختلفين،لكل طبائعه وخصائصه، ما يحبه وما يكرهه، ما يجيده ويستمتع به، وما لا يحبه وما لا يطيقه، ليقوم كل منا بدوره في هذه الحياة فيكمل بعضنا بعضا، ويشد بعضنا بعضا.

وأعجب جدا كيف يعتقد بعضهم أنهم أفضل من الآخرين! وكيف أنهم نسوا أن سيد الخلق عليه الصلاة والسلام كان يعمل «موظفا» لدى السيدة خديجة قبل أن يتزوجها.

ويحضرني موقفان في السيرة النبوية يبينان كيف تختلف أنماط الناس وخصائصهم وكيف يجب أن يكون كل منهم في مكانه المناسب، فنجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وضع عمرو بن العاص رضي الله عنه قائدا لجيش المسلمين في غزوة ذات السلاسل بعد إسلامه بخمسة أشهر، وكان من جنوده أبوبكر وعمر بن الخطاب.

ثم نرى درسا عظيما للرسول الكريم حينما جاءه أبو ذر الغفاري رضي الله عنه راغبا في خدمة الإسلام عن طريق الولاية فقال له: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ فضرب بيده على منكبي، ثم قال: «يا أبا ذرّ، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها».

أيها القارئ الكريم: اعرف نفسك وميولك بمقياس الميول، ثم اعمل ما تحب في المكان الذي ترتاح فيه، اقرأ وتعلم، نوع مهاراتك، اعمل على تقوية علاقاتك، ونوع مصادر دخلك إن أمكنك ذلك، واستثمر جزءا من مالك بقدر استطاعتك.