ياسر عمر سندي

الكمامات وتجار الأزمات

الأربعاء - 01 يوليو 2020

Wed - 01 Jul 2020

منذ أن بدأت جائحة كورونا قبل أشهر، واستدراك الدولة بقرارها الحاسم بفرض المنع العام لمنع انتقال العدوى، وتفهمها لاحقا بفك القيود تدريجيا، مع أخذ التدابير الاحترازية، وعودة الحياة الطبيعية؛ صاحب ذلك القرار الإلزام بارتداء الكمامات كإجراء وقائي، وفرض غرامة مالية كعقوبة تقدر بألف ريال لمن لا يرتديها.

وبمجرد الإعلان عن تلك الغرامة بدأ الهوس المجتمعي تجاه ذلك المنتج الوقائي الذي يُدعى «الكمامة»، إما بغرض الوقاية من الوباء أو بدافع الخوف من التعرض للمخالفة، حيث زاد الطلب عليها مقابل المعروض منها، وبدأ تجار الأزمات بالتحرك السريع، والانتفاض المريع نحو زيادة الأسعار والبيع بالتجزئة لإظهار ندرة المنتج وشح المخزون، رغم ما أعلن مسبقا من قبل المتحدثين الرسميين للتجارة والصحة بأن المصانع المحلية بدأت زيادة الإنتاج لجميع الوسائل الوقائية العامة، ومن مختلف الأصناف والأشكال، وبدأت الشركات تتنافس في خطوط إنتاجها وتسويقها من البخاخات والسوائل المعقمة والكمامات والقفازات على اختلاف ألوانها وأحجامها.

وفي تجربة خاصة مع عدد من الصيدليات وأماكن بيع المستلزمات الطبية، كنت أتبادل النقاش مع الصيادلة والبائعين، وأتساءل عن سبب عدم توفر الكمامات بسهولة، خاصة أن الاحتياطات الاحترازية تتطلب توفير أعداد كبيرة من المعقمات والمطهرات والكمامات والقفازات، لتلبي حاجة العائلة الواحدة على الأقل، إذا ما أرادو الخروج لإنجاز أعمالهم وشراء احتياجاتهم الخاصة، وأجد الرد الموحد تقريبا من الصيادلة بأن الطلب أصبح متزايدا عليها، ولجأنا لبيع الكمامة بطريقة فردية، وليست في كرتونها المصنعي المغلف.

كأن تباع خمس أو عشر كمامات تقريبا في كيس واحد بخمسة أو عشرة ريالات، وللشخص الواحد فقط، وفي حال رغبة الزبون طلب كرتون كامل من الكمامات يذهب إلى أماكن الجملة لبيع المستلزمات الطبية العامة والمعينات المساعدة.

الشاهد في الأمر أن تلك المراكز أصبحت تشترط على الزبون البيع بما يروق لها من سعر، بمعنى أن الكرتون الواحد يحتوي على 50 كمامة طبية عادية بسعر 80 ريالا تحت غطاء رسمي وقانوني، ويقوم البائع بتسليم الزبون فاتورة موقعة وعليها ختم المحل، أي إن الكمامة الواحدة تقدر بـ 1.6 ريال، في حين أن الكرتون الواحد قبل الأزمة كان يساوي ما بين 25 و35 ريالا، بحسب النوع والسماكة والتبطين الداخلي.

علما أن كرتون القفازات الطبية يحتوي على 100 حبة، بسعر 25 ريالا، أي إن الحبة بـ 25 هللة، وفي حال المقارنة لجميع المعقمات، سواء كانت السائلة أو البخاخات فإن جميعها كانت وما زالت في الحيز الطبيعي والسعر المعقول.

والأمر الذي أثار لدي الاستغراب أن أجد البعض من خارج مجال تجارة المستلزمات الطبية أصبح يدندن على هذا الوتر، بالترويج للكمامات القماشية في مجالات مختلفة، كالخياطين، وأصحاب البقالات، وكذلك عند الإشارات، وفي الوقت نفسه أعتبرها مخالفة صريحة كونها لا تعتبر صحية، وغير مصرحة طبيا وتجاريا، ولا تحمل المعايير الوقائية، وهي أيضا مختلفة الأحجام والأنواع، وسعرها ما بين (2- 25 ريالا»، بحسب استطلاعي وبحثي الشخصي، والحمد لله الدولة مشكورة زادت استيراد الكمامات لتغطية الاحتياج المتزايد عليها، مما دعا إلى التراجع في أسعارها تدريجيا.

والتساؤلات التي أطرحها حاليا على تجار الأزمات: لماذا زادت وزانت وراجت في أعينكم التجارة الإنسانية مع بداية جائحة كورونا؟ وتحديدا تجارة الكمامات، وأصبحت أغلى بكثير من أسعار مختلف الأدوات الوقائية، هل بسبب الغرامة المالية المفروضة على عدم ارتداء الكمامة؟

أم إنه أسلوب احتكاري يظهر وقت الأزمات؟ وهل الحال سينطبق على القفازات ويزيد سعرها إذا ما تم فرض غرامة مالية على عدم ارتدائها؟ أين الحس الإنساني والوطني للوقوف جنبا إلى جنب لمواجهة الكوارث والصعوبات يا تجار الأزمات؟ الربح في التجارة مشروع لكن الجشع والاحتكار ممنوع.

@Yos123Omar