عبدالله العلمي

السعودية تحاسب الفاسدين

الأربعاء - 01 يوليو 2020

Wed - 01 Jul 2020

موافقة مجلس الوزراء السعودي هذا الأسبوع على مذكرة تفاهم بين هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية والأجهزة النظيرة لها في الدول الأخرى، جاءت ضربة قاضية للفاسدين.

القرار يؤكد استمرار السعودية بجهودها المكثفة للقضاء على آفة الفساد، وآخرها كشف أجهزة الدولة في نهاية شهر يونيو الماضي عن 127 قضية فساد جديدة.

ربما أكثر هذه القضايا تعقيدا اشتراك 14 شخصا في إحدى الشركات بالتزوير، وغسل الأموال، والتلاعب بالقوائم المالية، والالتفاف على نظام الشركات. أذكر أن لائحة المتهمين تشمل رئيس مجلس إدارة الشركة المعنية (والتي تسهم الدولة بجزء من رأسمالها)، ونائب الرئيس، والرئيس التنفيذي، وعددا من أعضاء مجلس إدارتها، وعضو لجنة المراجعة بالشركة، وخمسة من موظفي شركة مملوكة لرئيس مجلس الإدارة.

تم تنفيذ هذه الجريمة لإرضاء عيون رئيس الشركة التنفيذي لشراء 10 % من أسهم شركة أخرى مدرجة في السوق المالية بقيمة 200 مليون ريال للتأثير على قرارات مجلس إدارة الشركتين. الهدف طبعا تحقيق مصالح شخصية.

يستمر مسلسل الرشاوى بحصول رجل أعمال في قضية أخرى على ستة ملايين ريال لا غير مقابل وساطته لحصول إحدى الشركات على عقد مع جهة حكومية بطريقة غير نظامية. كذلك تم القبض على 8 أشخاص في قضية، من بينهم 3 وافدين يعملون في شركة تابعة لإحدى شركات الاتصالات. الجريمة واضحة وهي بيع شرائح اتصال وهمية لاستخدامها ربما في عمليات غسيل الأموال.

حتى كورونا لم يسلم من الفاسدين، إذ قامت 8 شركات في عدد من مناطق المملكة بتسجيل موظفي الشركة غير المستحقين للدعم الحكومي للمنشآت المتضررة من جائحة كورونا. أما ما يثير علامة استفهام كبيرة في جريمة أخرى فهو أن مدير مرور إحدى المحافظات برتبة مقدم اعتقد أنه «عابر للأنظمة»، حصل على مركبة كرشوة من مالك عقار مؤجر للمرور مقابل تجديد عقد الإيجار، يعني مقايضة بمبدأ «شَيَّلْنِي واشَيِّلَكْ».

يبدو أن «تقاسم الأرباح» أصبح سمة المتعاقدين، فقد قام رئيس إحدى بلديات أمانة منطقة الرياض بإبرام عقود باسمه شخصيا مع إحدى الشركات. ظن هذا الفاسد أنه يمتلك قدرات خارقة على مخالفة النظام، فأخذ نسبة من أرباح الشركات مقابل (خدمات) يقدمها لها مستغلا منصبه الرسمي.

أما أن ينخر الفساد جسد التعليم فهذه مصيبة أخرى، وأقصد تحديدا قيام موظف بالمرتبة التاسعة في إحدى الجامعات باستغلال نفوذه الوظيفي بتغيير تخصصات بعض طالبات الجامعة مقابل رشوة.

هذه القضايا نُشرت في الصحف الرسمية، وكلنا على يقين أن جهود هيئة مكافحة الفساد ماضية بإصرار وعزيمة لاستكمال الإجراءات النظامية ومحاسبة الفاسدين.

الوطن أكبر وأسمى من أن يستغله بعض صغار النفوس لتحقيق مصالحهم الشخصية.

AbdullaAlami1@