نور وهداية على مائدة الإفطار!!

بعد النسيان
بعد النسيان

الأحد - 03 يوليو 2016

Sun - 03 Jul 2016

فيما استبدل التلفزيون السعودي الذي هو أدنى (طاش ما طاش وأخواتها وبناتها) بالذي هو خير (برنامج على مائدة الإفطار لعلي الطنطاوي، ومواقف مشرقة لمحمد حسين زيدان) عادت بعض القنوات التلفزيونية، وأعادت عرض برنامج الطنطاوي، بعد أن قامت بإنجازٍ فني عظيم، وحذفت منه المقدمة الموسيقية (بالناي فقط) ووضعت مكانها آهاتٍ كئيبة (تحوِّم الكبد)!!

وكانت المقدمة الموسيقية لبرنامج (نور وهداية) قد حذفت بعد تحرير الحرم المكي الشريف من جماعة جهيمان (1400هـ/ 1979م)، كما حجبت أغاني السيدات من التلفزيون!!

وقد علَّق الطنطاوي نفسه (معتذرًا) لمتابعيه فقال: «حذفوها قالوا تشبه الأذان! ولك والله ما فيها شيء!!» ثم استطرد ـ كعادته ـ في بيان إباحة الموسيقى، التي درسها وتعلم قراءة (النوتة) في المدارس إبَّان الاحتلال الفرنسي لسوريا!

والاستطراد فن (علي الطنطاوي) الذي لا يمله أحد، ولا يقبله أحد من أحد غيره! وربما عزاه الباحثون إلى موسوعيته المعرفية، وتعمقه العجيب في كل شيء يتحدث عنه؛ لكن أسلوبه الجميل في العرض، وكاريزماه الآسرة؛ هما ما يجعل الاستطراد أجمل مواهبه المتعددة!

أما أهميته في الساحة الثقافية والدينية السعودية فتعود إلى أبعد من ذلك؛ وقد استقصاها الدكتور (أحمد بن علي آل مريع) ـ رئيس نادي أبها الأدبي ـ في كتابه (علي الطنطاوي كان يوم كنت ـ صناعة الفقه والأدب)، منذ قدم إلى المملكة (1962) للتدريس في المعاهد والكليات، التي أصبحت (جامعة الإمام محمد بن سعود)؛ ثم تركها بعد عام واحد، وانتقل إلى مكة المكرمة، ولم يغادرها إلا للعلاج في جدة، ليعود إليها محمولًا على الأكتاف، ويدفن فيها سنة (1420هـ/ 1999م).

وكان أثره الأكبر من خلال التلفزيون ـ ويترجمه بـ(الرائي) ويرى أنها أدق من ترجمة عباس محمود العقاد له بـ(المِرْناةِ) أو (المِرْناء) ـ حيث أدرك (وجوب) استخدامه؛ فيما كان الآخرون يحرمونه ويجرِّمون من يظهر فيه! وذلك من خلال برنامج (نور وهداية) الذي ظل يعرض بعد صلاة الجمعة كل أسبوع، وبرنامج (على مائدة الإفطار) في رمضان بعد صلاة المغرب من المسجد الحرام.

وقد جسد فيهما الاعتدال والتسامح صوتًا وصورة، وصمد في وجه التشدد والتطرف والجهل؛ صموده في وجه الاستعمار الأجنبي من قبل!

ولقي في سبيل ذلك كل ما يلقاه المجاهدون والصديقون والشهداء!!‏‫



[email protected]