عاصم الطخيس

مسلسل الجريمة Deadwind وكابوس الماضي

الثلاثاء - 09 يونيو 2020

Tue - 09 Jun 2020

مسلسل فنلندي من إنتاج نتفليكس (Netflix) يتكون من 12 حلقة في موسمه الأول، ونوعه جريمة، غموض ودراما. تقع أحداثه ضمن مدينة هيلسنكي في فنلندا، بعد اكتشاف جثة فتاة تدعى آنا ضمن موقع بناء، هذا الاكتشاف تشرف عليه محققة الجرائم صوفيا كاربي (Sofia Karppi) وتؤدي دورها بيهلا فيتالا (Pihla Viitala) التي هي الأخرى لديها ما يكفيها من آلام بعد مقتل زوجها في هامبورغ بألمانيا، حيث كانا يعيشان هناك لسنين عديدة نظرا لظروف عمله، لكن بعد عودتها إلى فنلندا تواجه صعوبة في التأقلم والاعتناء بمراهقة وصبي صغير، إلا أنها تتحمل كل ذلك وتذهب للعمل لتشغل نفسها بحل الجرائم.

المحققة صوفيا تتمتع بشخصية قوية وعنيدة معظم الوقت، وكذلك تصبح ندا للقانون عندما يمنعها من تحقيق مُرادها بعكس زميلها الجديد المحقق الأصغر سنا سكاري نورمي (Sakari Nurmi) ويؤدي دوره لوري تيلكانين (Lauri Tilkanen) الذي يعمل وفق القانون والنظام وبشخصيته الغامضة وخطوط حواراته الذكية والسريعة وحبه لأخذ وقته في الأكل، كل هذا يعاكس كل ما تفعله صوفيا، لذلك يمكن اعتبارهما شخصيتين متناقضتين لكن يكمل بعضهما بعضا.

في مقتل آنا، وهي أم لطفلتين وزوجة لرائد أعمال لديه شركته الخاصة بسيارات الأجرة، المسلسل لا يتعمق في الإجراءات البوليسية المعقدة والمملة مثلما تفعل المسلسلات الأمريكية، بل يركز على حقيقة التحقيق لمعرفة من وراء جريمة القتل لتنفتح علبة الديدان التي توشك على قتل صوفيا ونورمي خلال مطاردتهم للحقيقة. مقتل آنا يفتح ملفا من التحقيقات مع كبار الشخصيات ضمن الشركة التي تعمل فيها وعلاقتها الغرامية مع رئيس الشركة (أليكس)، وكذلك خيانتها للشركة وتسريب أسرارها إلى شركة منافسة مقابل رشوة ضخمة أودعت في حسابها قبل أيام من مقتلها. مقتل آنا يأخذ المحققين إلى مسقط رأسها، ليكتشفا سرا أخفته منذ 20 عاما، وتتكشف خطوط القضية شيئا فشيئا ونصل إلى من قتلها ولماذا.



ما يميز المسلسل هو مظهر مدينة هيلسنكي أثناء الثلج، وكذلك التعرف على ما يجعل هذه المدينة - والبلد - عظيمة من خلال الاهتمام بالابتكارات التي تقلل التلوث وتساعد على تحويل طاقة الطبيعة إلى طاقة حقيقية يمكن الاستفادة منها للبلد، وهو جزء من الواقع الحقيقي الذي يجهله كثيرون من أن فنلندا هي الدولة الوحيدة التي ليس فيها أي تلوث بيئي، بل تعمل على إنقاذ العالم من التلوث بابتكاراتها وكذلك وضع حلول لبعض الدول الأوروبية التي يكون معدل التلوث فيها عاليا.

الأجواء والمنازل والطرقات، وكذلك المدن والقرى الصغيرة، تعطيك الشعور بالقصة وتعقيد أحداثها لدرجة أنك تصبح مُرهقا، كشخصية المحققين صوفيا ونورمي اللذين يعملان طوال اليوم ولا يتمتعان حتى ولو بقسط من الراحة. لكن عندما اكتشاف القاتل أنت كمشاهد ستطلق زفيرا قويا لترتاح من عناء البحث والإجهاد الذي أصابك، إنه مسلسل يجبرك على الشعور بالشخصيات وحياتها ويشركك فيها شئت أم أبيت. فوجود كثير مما يربطنا بالشخصيات، سواء الخيرة أم السيئة، يجعلنا نعيش الواقع لكن في شكل مسلسل. كل الشخصيات بلا استثناء لها جانبها الغامض والمظلم الذي ينكشف من خلال الأحداث التي تؤثر عليها وتؤثر على قراراتها بعد ذلك.

AsimAltokhais@