عبدالله المزهر

الوعي سلاح لا يقتل!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 09 يونيو 2020

Tue - 09 Jun 2020

ثلاثة أيام على التوالي يظهر فيها عدد الإصابات بفيروس كورونا أكثر من ثلاثة آلاف إصابة يومية، وخلال اليومين الماضيين تم تحطيم الرقم القياسي لعدد الإصابات، والأمر محير فعلا لأننا لا نعلم أين ستكون قمة هذا المنحنى الذي نريد أن نسحقه لكنه يستمر في رفع رأسه كثعبان لعين.

أصدقكم القول إني بدأت في الخوف فعلا، وكثيرون ممن أعرفهم أصبحوا ينظرون إلى أن إصابتهم بالوباء مسألة وقت، وأن هذه الأرقام لن تتوقف حتى يصاب الناس جميعا.

عدم تراجع الأرقام يدل على خطأ ما، لا أعلم أين هو على وجه التحديد، لكني أعتقد أن مراهنة وزارة الصحة على وعي المواطن كانت مراهنة في غير محلها، وأتمنى ألا يغضب كلامي وزارة الصحة ولا المواطنين، خاصة أن وزارة الصحة في الطريق ليكون لحمها مسموما هي الأخرى. وأنا في غنى هذه الأيام عن إغضاب الناس والوزارات.

الناس الذين راهنت على وعيهم الوزارة هم أنفسهم الذين أنفقت في سبيلهم كثيرا من الأموال من أجل حملات التوعية عن التدخين حتى بدا أنه قضيتها الرئيسية، لكن الناس تفاعلوا أكثر مع تغيير الدخان وتجييش الناس من أجل المطالبة بعودة الدخان القديم، ولا أبرئ نفسي فأنا واحد من هؤلاء الناس الذين لا تطربهم الكلمات التوعوية كثيرا.

وفي آخر المطاف أظن أن الوزارة قررت ألا تصرف الكثير على هذه الحملة لأن أضرار التدخين معروفة بالضرورة دون حملات وخسائر.

الناس الذين راهنت الوزارة على وعيهم هم الذين يخرجون في مقاطع مسيئة أو مخالفة يصورونها وينشرونها بأنفسهم يوميا ويعاقبون بشكل جماعي. ولا يرتدع الآخرون بمصير الأولين منهم.

الناس الذين راهنت الوزارة على وعيهم هم أنفسهم الذين كانوا قبل كورونا يعودون للمطاعم التي أغلقت بسبب حالات التسمم وكأن شيئا لم يكن، هم أنفسهم الذين يشترون البضائع المغشوشة رغم تحذيرات وزارة التجارة، وهم الذين تتراكم مخالفاتهم المرورية بشكل متسارع ويشتكون من ساهر أكثر مما يحاولون تعديل سلوكياتهم المرورية.

هم أنفسهم الذين يطاردهم الدفاع المدني في الأودية ومجاري السيول وهم يجربون أفعالا شاهدوا بأنفسهم كيف انتهى المطاف بمن جربها قبلهم.

هم أنفسهم الذين أبادوا الأخضر واليابس واعترضوا حتى الطيور المهاجرة التي كرهت اليوم الذي فكرت فيه بالهجرة رغم أن صوت «الحماية الفطرية» قد بح من كثرة التوعية، وأصابها اليأس من الاعتماد على «وعي المواطن».

وعلى أي حال..

من المؤكد أن هناك من يلتزم، ويتحمل المسؤولية ويعرف ماذا يجب عليه أن يفعل، لكن في مثل هذه الأزمات فإن وجود من لا يلتزم ولا يفكر بوعي يعني أن الضرر سيطال حتى ذلك الذي يحجر نفسه في منزله، ويعقم نفسه أكثر مما يستحم، ولا أظنكم تنتظرون مني حلولا، فأنتم تعرفون أني لا أجيد هذه الصنعة، وأرجو ألا تعتمدوا على «وعيي» كثيرا.

agrni@