عبدالله المزهر

المنسعاوية هي الحل أيها الأمريكان!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 03 يونيو 2020

Wed - 03 Jun 2020

أظنكم - بعضكم على الأقل - تريدون أن تفهموا بوضوح ماذا يجري في أمريكا، وإخالكم - معظمكم تقريبا - تنتظرون مني أن أدلي بدلوي في هذا الشأن الذي يمس كوكبنا المبارك. والحديث عن الشأن الأمريكي حق لكل الكائنات البشرية لأن أمريكا لم تتوان في أمركة البشر، ولذلك فإن حديثنا عنها وانشغالنا بأمرها دليل على نجاحها فيما سعت إليه.

ثم إنه قد بدا لي أن بعض بني جلدتي ينظرون إلى المسألة كمسألة ولاء وبراء، فالبعض جمهوريون أكثر من ترمب شخصيا، وآخرون يبدون كديموقراطيين أكثر من فرانكلين روزفلت. وكل حزب بما لديهم فرحون.

وقد رأيت حماسة للانتصار للحزبين، وإن كانت النزعة الجمهورية أعلى صوتا وحدة في الاستقطاب.

ومسألة الاستقطاب الحزبي هذه كنت أنظر إليها بسخرية في بادئ الأمر، وأنظر إليها على أنها مبالغات «تنويرية» وليست أكثر من أعراض لإدمان معرفات تويتر تقمص شخصية وزراء الخارجية والدفاع والداخلية، ولذلك لم يعد مستغربا أن تجد معرفا في تويتر لا تثق في «تسريحه» مع شاتين دائختين يقول بكل حزم: لن نسمح بمثل هذه الفوضى في أمريكا، أو الذي يرد على ترمب في حسابه ويطمئنه بأنه يقف إلى جانبه مع أنه في الواقع الحقيقي وبعيدا عن الواقع الافتراضي لا يستطيع الوقوف حتى مع نفسه.

ثم إني - ولله الحمد - قد أدركت خطئي وعدت عن غيي، وألهمني ربي سواء السبيل فاتضحت لي الصورة وزال عني سوء فهمي، ثم ما لبثت بعد أن تجلت لي الحقائق أن عقدت العزم على أن أنضوي تحت لواء أحد الحزبين، فالخطب جلل ولا وقت للانتظار، والحياد في المواقف الأخلاقية خيانة، وقد فاتني كثير من الفرص في حياتي لأني لم أنتمِ لأحد.

وكانت الفرص تمر أمامي ذاهبة إلى أقصى اليمين وعائدة إلى أقصى اليسار وأنا واقف في المنتصف كخيال مآتة، ومع أني عزمت على التحزب إلا أنني لم أقرر حتى الآن إلى أي الحزبين سأنتمي، لخوفي من حظي السيئ، وتوقعي بأن مصيبة ستحل بالحزب الذي سأختاره والمنتمين إليه بمجرد حصولي على عضويته.

ومما يؤسف له أني سبق أن أعلنت عن تأسيس «الحزب المنسعاوي» تحت شعار (أمر الله من سعة)، لكني لم أجد أمريكيا واحدا يؤمن بأهدافه العظمى والنبيلة. ولذلك فلا بد من تقديم بعض التنازلات وحل حزبي والانضمام لأحد الحزبين.

المسألة جد خطيرة، ولدي يقين بأن أمريكا ومن يعيش في أمريكا لا يستطيعون تدبر أمورهم قبل أن أحسم موقفي وأحدد اتجاه بوصلة الأخلاق في تلك القارة الجديدة. ولكن التردد آفة ولا زلت لا أعلم أي حزب سيوفر لي متطلباتي ويخلق لي الفرص التي أحلم بها في الثراء السريع والفاحش. لأن هذا هو ما يهمني في هذه القضية، وهو هدفي الحقيقي الذي أعلنت عنه منذ فترة لكن لا أحد يعير أهدافي أي اهتمام، حتى إني قد عرضت نفسي على الشيطان شخصيا لكنه بدا زاهدا فيما لدي.

وعلى أي حال..

أعتذر للذين كانوا يتوقعون أني سأقدم الحلول مجانا من خلال هذا المقال، وللذين توقعوا أني سأقول إن الشيء الذي لم تستوعبه الطبقة التي تحكم هذا الكوكب أن أخطر المخلوقات على الإطلاق هو الإنسان الذي ليس لديه ما يخسره، لأنه غير قابل للتهديد، وأن جل ما يفعله الساسة هو المساعدة في تكاثر هذا النوع البائس من البشر الذي لديه الاستطاعة والرغبة في تخريب كل شيء. حين تسلب الإنسان أشياءه التي يخاف عليها فكن مستعدا لأسوأ كوابيسك، لأن مهمة هذا الكائن ستكون سلب الآخرين كل ما يخافون عليه.

لم أقل هذا بالطبع، لأنه معلوم ولا أحد يلقي بالا لتلك الحقيقة التي يدركونها، يتعاملون معها بلا مبالاة وكأنها أهدافي في الثراء السريع والفاحش.

agrni@