برجس حمود البرجس

لماذا الأنظار على النفط السعودي؟

الثلاثاء - 02 يونيو 2020

Tue - 02 Jun 2020

لماذا تنظر دول العالم لدول الأوبك وكأنها المعني الوحيد بخفض إنتاج النفط الخام في حال ارتفع المعروض من النفط الخام والمنتجات البترولية أو انخفض الطلب عليها؟

لماذا بالتحديد يُنظر للسعودية وكأنها المسؤولة الوحيدة عن خفض الإنتاج؟

الإعلام والشركات النفطية الغربية يريدون من دول الأوبك ومن السعودية بالتحديد خفض الإنتاج لتبقى أسعار النفط مرتفعة، بينما يريدون إبقاء إنتاجهم على مستويات عالية، هذا غريب جدا، والأغرب من ذلك يرون أن خفض الإنتاج فقط على النفط الخام، ولا ينظرون إلى خفض المنتجات البترولية من غير النفط الخام.

جميع التقارير الإعلامية والمقالات التحليلية الغربية، خاصة الأمريكية تحدثت بذلك وكأن السعودية مسؤولة عن ضمان مصالحهم على حساب مصالح النفط السعودي ودول الأوبك والدول الأخرى، وتحدثت الكثير من تلك التقارير والتحليلات على أن عدم اتفاق السعودية وروسيا على مستوى خفض الإنتاج تسبب في حرب لأسعار النفط وتكبد خسائر على شركات النفط الأمريكية.

تلك التقارير الإعلامية والمقالات التحليلية تفتقد إلى أبجديات المفاهيم الأساسية التي يجب أن تتبع لتبقي توازن العرض مع الطلب للنفط العالمية والمنتجات البترولية، أقولها بكل صراحة، تلك التقارير الإعلامية للصحف والقنوات الغربية تجهل - وليس تتجاهل - الحقائق المعرفية.

التقارير الإعلامية والمقالات في الصحف والقنوات الغربية المتعلقة بالنفط ترى أن الخسائر للشركات النفطية الأمريكية سببها «الحرب على الأسعار» وتقصد بها عدم الاتفاق بين دول الأوبك وروسيا، متناسين أدوارهم، وكأن (أوبك) هي المعنية بخفض الإنتاج عندما يرتفع العرض أو ينخفض الطلب.

ارتفع إنتاج أمريكا من النفط والمنتجات البترولية بمقدار مرة ونصف خلال 10 سنوات، أي 150% حتى وصل إلى 19.3 مليون برميل يوميا، وبذلك تكون المنتج الأكبر عالميا، وارتفعت صادراتها من النفط الخام والمنتجات البترولية من مليوني برميل يوميا إلى 9 ملايين؟ هذا ارتفاع 350% خلال 10 سنوات، وبذلك تكون من أكبر مصدري النفط والمنتجات البترولية في العالم وربما هي الأكبر في بعض أشهر السنة.

نعم أمريكا تصدر تقريبا 9 ملايين برميل يوميا من النفط الخام والمنتجات البترولية، منها 5 ملايين برميل يوميا تصدرها لليابان وكوريا الجنوبية والهند وهولندا وكندا والمكسيك والمملكة المتحدة (بريطانيا). تصدر أيضا لدول مثل فرنسا وإيطاليا وسنغافورة والصين، إضافة إلى أكثر من 90 دولة أخرى.

أليس من المفترض أن تكون حصة أمريكا من خفض الإنتاج أكثر من أي دولة أخرى؟

لكي نختصر الأرقام، استهلاك «الولايات المتحدة الأمريكية» من المنتجات البترولية 20 مليون برميل يوميا وإنتاجها 19 مليونا، وتستورد 8.5 ملايين وتصدر 9 ملايين. والسؤال دائما: لماذا تستورد وتصدر؟ هناك أسباب عدة لذلك لكن هذا ليس محور حديثنا اليوم.

تقريبا 7.7 ملايين برميل يوميا من إنتاج أمريكا للمنتجات البترولية لا يأتي من النفط الخام، بل من مكثفات الغاز والوقود الحيوي (النباتي والحيواني) ويساهم ذلك بشكل مباشر في إنتاج البنزين والديزل، أليس من العدالة أن تخفض من إنتاج الغاز الطبيعي الذي ارتفع إنتاجه 63% خلال السنوات الـ10 الماضية؟

لماذا نفترض حسبة خفض الإنتاج فقط على (النفط الخام)؟ أليس المعني الأول بالشأن هو (المنتجات البترولية)؟ أليس أكثر من (ثُلث) إنتاج «الولايات المتحدة الأمريكية» من الغاز الطبيعي الذي زاد إنتاجه 63% خلال الـ 10 السنوات الأخيرة والوقود الحيوي؟

ألا يُستخدم لوقود السيارات والنقل والصناعة؟ لماذا تجهل ذلك شركات النفط الأمريكية وإعلامها - تقارير وتحليلات إعلامية ومشاركات تلفزيونية في كبرى قنواتها؟

الدور الذي تلعبه منظمة أوبك خلال العقود الماضية كان محوريا في استقرار أسواق النفط العالمية وضمان الإمدادات النفطية، ولا يخفى على الجميع دور المملكة الهام بالمنظمة، حيث إنها تنتج (ثُلث) إنتاج الدول التابعة للمنظمة. جرى العرف على أن تعمل منظمة أوبك زيادة أو خفض الإنتاج متى ما اختل توازن الطلب العالمي للنفط من الدول المستهلكة مع العرض من الدول المنتجة لكي تستقر الأسواق النفطية.

في السنوات الأخيرة ارتفع إنتاج النفط الخام والمنتجات البترولية من دول خارج منظمة الأوبك، وارتفعت الصادرات أيضا من تلك الدول، وبالتالي يكون العرض دائما أكثر من الطلب، بينما تلك الدول، خاصة أمريكا وروسيا وكندا، تطالب دول أوبك بخفض الإنتاج مفترضين إخلاء مسؤوليتهم ودورهم في ذلك الخفض.

Barjasbh@